|
قلق الامتحان..وآليات التعامل معه
نشر بتاريخ: 07/06/2021 ( آخر تحديث: 07/06/2021 الساعة: 11:49 )
يتعرض الطلبة عادة لضغوط نفسية بسبب رغبتهم في اجتياز مرحلة الامتحانات بنجاح وخوفهم من الاخفاق فيها، ومن المعروف أن معظم المؤسسات التعليمية تعتمد إلى حد كبير على نتائج الامتحانات في تقييم أداء المتعلمين، واتخاذ القرارات المتعلقة بمسائل النجاح أو الرسوب أو توزيعهم على التخصصات المختلفة، ويمثل قلق الامتحان جانباً من جوانب القلق العام وهو أكثر أنواع القلق الذي يصاحب فترات الدراسة والامتحانات، وليس ذلك لدى الطلبة فحسب، إنما لدى أسرهم أيضاً، وقلق الامتحانات حالة نفسية تتصف بالخوف والتوقع، أي أنه حالة تعتري بعض الطلبة خلال دراستهم. وأثناء قيام الفرد بمقابلة حاجاته التي تحدث عنها "ماسلو" والتي تبدأ بالاحتياجات الفسيولوجية، ثم حاجات الأمان،فالاحتياجات الاجتماعية، ثم الحاجة للتقدير، والتي اختتمها بالحاجة لتحقيق الذات، يتعرض للقلق بشتى صوره وأشكاله، ومن تلك الأشكال ما يعتبر عادياً قد يساعد الفرد على تنشيط مراكزه العصبية ويزيد من قوته على التركيز والتمييز واتخاذ القرارات وحل المشكلات، بحيث يساعده ذلك في الوصول إلىأهدافه، ومنها ما يؤدي إلى اختلال توازن الفرد بحيث يعقب ذلك أعراضاً جسمية وعقلية وانفعالية تؤثر سلباً على توافقه وتعرقل وصوله لأهدافه. والقلق بشكل عام هو حالة من التغيرات والأعراض والسلوكيات الفسيولوجية والانفعالية والعقلية التي تنشأ عن تعرض الأنسان لخطر يهدده داخلياً أو خارجياً سواءً كان الخطر معلوماً أم مجهولاً مع مصاحبة ذلك بالتشاؤم وشرود الذهن. ويظهر القلق عند الصغار والكبار على السواء، ويرتبط ظهوره عند شعور الفرد بخطر ما، وهذه الحالة صحية فيما يتعلق بدرجات القلق المختلفة سواءً ما كان منها مرضياً أو شائعاً أو مألوفاً، وحالة القلق مهما كان شكلها فأنهاحالة نمر بها في الحاضر الذي نعيشه، ونحن نعانيها في ساحة شعورنا، وهو حالة انفعالية الصيغةمؤلم ومزعج ويظهر ذلك في سعي الفرد إلى الخلاص منه، وأبعاده عن نفسه، مصحوب بمجموعة من الإحساس والتغيرات الجسدية وخاصة الاضطراب الذي يصيب التنفس وضربات القلب. والقلق الذي يعتري غالبية الطلبة قبل وأثناء الامتحان فهو أمر طبيعي، وسلوك عرضي مألوف ما دام في درجاته المقبولة ويعد دافعاًإيجابياً، وهو مطلوب لتحقيق الدافعية نحو الإنجاز المثمرأما إذا كانت أعراضه غير طبيعية كعدم النوم أو فقدان الشهية للطعام وعدم التركيز الذهني، وتسلط بعض الأفكار الوسواسية، وبعض الاضطرابات الانفعالية والجسمية، فهذه هي حالة القلق الدراسي غير السليمة وتحتاج إلى العلاج والوقاية منها مع توظيف وتوجيه للقلق نحو الدافع الإيجابي. وهذه الأعراض والسلوكات الفسيولوجية والانفعالية والعقلية تربك الطالب وتعيقه عن مهامه وتقلل فرص الأداء الجيد في الامتحان والتحصيل لارتباطها بوسيلة التقييم، وقد يكون الضغط الأسري معززاً لهذا الشعور باعتبار أن نتيجة الامتحان ستؤدي إلى مواقف مصيرية في مستقبل الطالب كما هو الحال في امتحانات الثانوية العامة. وهنالك العديد من العوامل التي تسبب قلق الامتحان ومنها عدم استعداد الطالب الدراسي أو التهيؤ النفسي للدراسة والامتحانات، وعدم تهيئة الظروف البيئية والمنزلية والاقتصادية اللازمة لمتابعة الطالب تحصيله الدراسي، وسيطرة الشخصية القلقة على الطالب، وهذه الشخصية عرضة لقلق الامتحان والدراسة أكثر من غيرها لأنها تحمل سمة القلق، فيزيد قلق الامتحان لديها أكثر من غيرها، كذلك وجود الأفكار والتصورات الخاطئة عن الامتحان وما يترتب عليها من نتائج. إضافة إلى طريقة التقويم وإجراءاتها ونظمها، وربطها بأساليب تبعث على الرهبة والخوف. ومن الأهمية بمكان الحديث عن دور الأهل والأسرة أحياناً في تعزيز الخوف من الامتحانات وفق أساليب التنشئة التقليدية التي تستخدم العقاب والتأنيب المبالغ فيه مما يؤدي إلى خوف الطالب من النتائج السيئة، وعدم أخذ الأهل بعين الاعتبار قدرات أبنائهم الجسمية والعقلية وقدرتهم على استيعاب المواد وفهمها، وذلك يؤدي إلى إرباكهم ووضعهم في متاهات ومشاكل اجتماعية ونفسية، لا سيما طلبة مرحلة "الثانوية العامة"، الذي باتت فيهالامتحانات هي المشكلة التي تعاني منها كثير من الأسر، حيث تقضي غالبية الأسر معظم فترة الامتحانات في حالة من القلق والتوتر وفرض القيود على الأبناء، ما يؤدي إلى انتقال القلق إليهم ولجوئهم إلى إرضاء الأهل والمبالغة في وصف أدائهم الجيد بالامتحانات وإعطائهم صورة تفاؤلية، وعند النتائج يصاب الأهل بصدمة حيث أنها لم تكن بمستوى توقعاتهم، وذلك هو السبب الأساسي الذي يجعل صورة الثانوية العامة قاتمة، خاصة في حالة التنافس الأسري بين أفراد المجتمع على نيل المعدلات العالية من قبل أبنائهم وجعلها الهدف الأساسي أمام كل أسرة. وفي سبيل العلاج والوقاية من القلق الدراسي والامتحانات، فإن الأساليب الإرشادية التالية قد تكون ذات فعالية: ضرورة وجود التعاون المباشر والمستمر بين المؤسسات التعليمية وأولياء الأمور، والتعاون لتوفير المناخ الملائم لصحة الطلبة النفسية في المنزل والمؤسسة التعليمية. تدعيم ثقة الطلبة بأنفسهم، والوقوف منذ وقت مبكر على ميولهم وقدراتهم وتوجيه طموحاتهم لتتوافق مع قدراتهم في اختيار التخصصات الدراسية المناسبة لكل منهم. توجيه وإرشاد الطلبة إلى طرق اكتساب المعرفة والاستذكار الجيد وقيام الأهل بمساعدتهم على تطبيق ذلك في المنزل إثناء دراستهم. اتخاذ الإجراءات الإرشادية المناسبة للمشكلات المرتبطة بحالة قلق الامتحان والقلق الدراسي بشكل عام. تدريب الطلبة على التحصين ضد التوتر من خلال معايشة المواقف المثيرة للقلق تدريجياً في خياله. توظيف النموذج (القدوةالحسنة) وذلك بعرض أفلام أو مواقف حية يشاهد الطالب من خلالها كيف يتصرف الطلبةالآخرون في المواقف التدريسية المختلفة وخاصة موقف الامتحان بشكل طبيعي. تدريب الطلبة جميعاً على كيفية أداء الامتحانات باعتبارها من أكثر المواقف المؤدية للقلق، وتشجيع المعلمين على تأكيد ذلك وتوجيه الملاحظين منهم إلى اتخاذ أساليب الملاحظة المناسبة داخل قاعات الامتحان وعدم إثارة الخوف بين الطلبة. تدريب الطلبة خاصة الذين يعانون حالات القلق المتكررة أو ظهرت عليهم أعراض الحالة على الاسترخاء العميق وطريقة التنفس السليمة التي تساعد على تخفيف التوتر. إرشادالطلبة إلى التقليل من المشروبات المنبهة كالقهوة والشاي والتوجيه بأهمية النوم المبكر والكافي خاصة خلال فترة الامتحانات. الاستعانة بالروحانيات والأدعية الدينية لطمأنه النفس في كل الأوقات. ولنتذكر جميعاً، القلق موجود في النفس البشرية، وما علينا سوى التعامل معه لتخفيف الشعور به، وتدريب الآخرين على آليات حل مشكلاتهم والتعامل معها، منطلقين من مقولة عالم النفس "جولدفرايد" أن المشكلة بحد ذاتها ليست هي المشكلة، وانما المشكلة الحقيقية أننا نتكيف مع هذه المشكلة، من خلال استجباتنا وانفعالاتنا بالتالي تصبح مشكلتنا أسلوباً للحياة. |