|
بعد لقاء بايدن وبوتين... هل يكون للقمة الأمريكية الروسية بجنيف تداعيات مؤثرة على الأزمة السورية؟
نشر بتاريخ: 19/06/2021 ( آخر تحديث: 19/06/2021 الساعة: 23:46 )
الكاتب: دانييلا القرعان باحثة وأكاديمية اردنية... باحثة في الشؤون السياسية والقانونية والبرلمانية والشأن الفلسطيني والأمريكي... تمثل قمة جنيف التى عقدت مؤخرا بين الزعيمين بايدن وبوتين أهمية كبري من حيث الرمزية؛ فهي تضع روسيا في نفس التصنيف مع الولايات المتحدة الامريكية، وبالنسبة للرئيس الروسي بوتين فإن الرمزية ليست بالأمر الهين أو غير المهم. يأتي اللقاء في وقت مبكر من تسلم بايدن مهام إدارة البيت الأبيض، وفي أول رحلة خارجية له وبناءً على طلبه (جميع النقاط تصب في صالح الكرملين)، كما أن هذه القمة القوية ليست مجرد لقاء قصير بين رئيسين ملحق بحدث آخر فحسب، بل قمة كاملة تغطي مجموعة من القضايا الملحة، وعلى الرغم من جدول الأعمال المزدحم، بما في ذلك الاجتماعات في مقر حلف شمال الأطلسي (الناتو) في بروكسل، إلا أنه ثمة اهتمام خاص بمحطة جو بايدن الأخيرة في رحلته الأوروبية وجها لوجه مع فلاديمير بوتين. إذا تحدثنا عن اللقاء فى مرحلة ما قبل انعقاده نري انه يات اللقاء فى أجواء ليست ودية بين البلدين، فقد أدرجت روسيا مؤخراً الولايات المتحدة على قائمتها الرسمية لـ "الدول غير الصديقة".
هل تسفر قمة بايدن وبوتين عن إبرام صفقة بشأن سوريا؟ القمة التي عقدت بين الرئيسين الأميركي جو بايدن والروسي فلاديمير بوتين في جنيف بسويسرا، تمثل الظرف الأمثل لواشنطن لإبرام صفقة بشأن سوريا. إن موافقة بايدن على عقد القمة يمثل استجابة لغرور روسيا، وهو أمر يمكن أن يمهد الطريق للانخراط الأميركي الروسي في سوريا بما يتجاوز المحادثات على المستوى الوزاري التي كانت تجري خلف الأبواب المغلقة. إن واشنطن وحدها تستطيع توجيه الصراع السوري نحو الحل، إذا عززت المحادثات الثنائية مع موسكو. "احتمال الاتفاق على تسوية" رغم توتر العلاقات الأميركية الروسية على عدة جبهات، وعلى الرغم من الانحياز إلى أطراف متعارضة في الصراع السوري، فإن هناك احتمالا لتسوية أميركية روسية. ولتحقيق ذلك، أشير إلى ضرورة اتباع واشنطن نهج العصا والجزرة الذي يستفيد من نقاط ضعف روسيا، وكذلك من تلك الرغبات الروسية التي لا تضر بالمصالح الوطنية للولايات المتحدة. روسيا لم تأخذ أبدا عملية السلام في سوريا التي تقودها الأمم المتحدة على محمل الجد، لأنه لم يكن هناك ضغط سياسي أو عسكري كبير على موسكو لإجبارها على تقديم تنازلات.
"بديل للأسد" إن أي صفقة من هذا القبيل يجب أن تنص على تشكيل بديل سياسي وعسكري واقتصادي شرعي لنظام الأسد. ويستلزم هذا قبول روسيا بتشكيل حكومة انتقالية في سوريا تتألف من عناصر من النظام الحالي، لكن من خارج عائلة الأسد، وعناصر من مجموعات معارضة مختلفة ومن المجتمع المدني. إن إبرام صفقة لا يعني الإذعان لرغبات روسيا، فهناك نوعان من أدوات النفوذ التي يمكن لواشنطن استخدامها للضغط على موسكو لقبول الصفقة، أحدهما أن تتمسك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بالموقف القائل إن العقوبات الاقتصادية، التي تعطل عملية إعادة الإعمار في سوريا، لن تُرفع قبل حدوث الانتقال السياسي، ويجب على واشنطن الحفاظ على هذا الموقف حتى توافق موسكو على شروط قرار مجلس الأمن رقم 2254، علما بأن روسيا حريصة على تدفق أموال إعادة الإعمار الدولية إلى سوريا لأنها نصبت نفسها كوسيط في هذا السيناريو، مع تخصيص الشركات الروسية للاستفادة من هذا الدخل.
تتعدد المواضيع، التي يبحثها الرئيسان الأمريكي جو بايدن والروسي فلاديمير بوتين، خلال لقائهما في مدينة جنيف السويسرية. ولكن الملف العربي الوحيد، الذي يحضر على الطاولة هو الأزمة السورية، فهناك قضايا أخرى ترتبط بالمنطقة بصورة قريبة أو بعيدة، لكنها لا تخص دولة عربية بعينها، كما هو حال سوريا. لن يكون الوضع في سوريا على رأس عناوين القمة، ولكن طاولة الحوار لن تكتمل دونها، فهناك حاجة لتسوية الأزمة تمس الروس أكثر من الأمريكيين حتى الآن، وهذا لا يعني بأي حال من الأحوال أن الرئيس الروسي سيذهب إلى جنيف مترجيًا لأي حل دون أي مقابل أو منفعة لبلاده. لا نذيع سرًّا بالقول إن هذا البلد المتوسطي صار علامة للوجود الروسي في قلب الشرق الأوسط، وهذه تجربة لا تُفضّل الولايات المتحدة تكرارها في أي مكان آخر يعد منطقة نفوذ لها في القارتين الأفريقية والآسيوية. لم تنته الحرب الباردة بعد، واللغة، التي تتمسك بها الولايات المتحدة وأوروبا في التعامل مع روسيا، تقول إن القلق الغربي من الدب الروسي لم يتبدد ولو قليلاً مع تفكك الاتحاد السوفييتي، وهو قلق له ما يبرره إذا استُدعيت أحداثٌ مثل ضم القرم في أوكرانيا، وشراء تركيا لمنظومة صواريخ (إس 400) الروسية. النفوذ الروسي في سوريا يختصر كل شيء، يرتبط بأحلام الروس، وإن كان قرار مشاركتهم في الأحداث السورية عام 2015 جاء بضوء أخضر من إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما. كل ما تلا ذلك التاريخ لم يقع على الولايات المتحدة بردا وسلاما كما يُقال.
وصرح بايدن لقد "فعلت ما جئت لفعله"، وأن بوتين "اقتبس أقوالا من والدتي". وأضاف أن بوتين "قلق من أننا سنحاول الإطاحة به"، مبينا أنه " ليست من مصلحة أحد الدخول في حرب باردة، لا أعتقد أن بوتين يريد حربا باردة الآن". وأشار بايدن إلى أنه أبلغ بوتين بأن واشنطن "سترد بالمثل على أي أعمال تضر مصالحها أو مصالح شركائها". وأبلغ بوتين بأن "المسألة ليست ملاحقة روسيا، ولكننا نتحدث عن مبادئنا في الدفاع عن الحريات الأساسية". قال بايدن إن نظيره الروسي أجرى مقارنة خاطئة و"سخيفة" بين هجوم "مجرمين" على مبنى الكابيتول وبين التظاهرات السلمية في روسيا لأناس حرموا من حرية التعبير.
|