"المنظمات الأهلية وغير الحكومية" و"القدس المفتوحة" تفتتحان مؤتمر "الرواية الصهيونية ما بين النقض والتفكيك"
نشر بتاريخ: 29/06/2021 ( آخر تحديث: 29/06/2021 الساعة: 19:48 )
رام الله- معا- برعاية الرئيس محمود عباس "أبو مازن" رئيس دولة فلسطين، وبحضور رئيس الوزراء الدكتور محمد اشتية، افتتحت مفوضية المنظمات الأهلية وغير الحكومية في حركة فتح، وجامعة القدس المفتوحة، الثلاثاء، المؤتمر العلمي المحكم الأول "الرواية الصهيونية ما بين النقض والتفكيك"، والذي يندرج في إطار برنامج "نقض الرواية الصهيونية" المنفذ من الجامعة والمفوضية.
وافتتح المؤتمر، المقام في قاعة الهلال الأحمر بمدينة البيرة وعبر نظام الربط التلفزيوني مع مكتب رئاسة جامعة القدس المفتوحة بقطاع غزة، رئيس الوزراء د. محمد اشتية، بحضور عدد من أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير والمركزية لحركة فتح والمسؤولين وعلى رأسهم دلال سلامة رئيس مفوضية المنظمات الأهلية وغير الحكومية في حركة فتح، ورئيس جامعة القدس المفتوحة أ. د. يونس عمرو.
وقال الرئيس في كلمة مسجلة: "ينعقد مؤتمركم هذا في الوقت الذي يشهد الرأي العام الدولي تحولاً تدريجياً للإقرار بالرواية الفلسطينية بخاصة في الولايات المتحدة وأوروبا، وهي دولة أنشأت وساهمت ومولت دولة إسرائيل ومازالت تتهم كل من ينتقدها بمعاداة السامية، ومن أجل ذلك قامت هذه الدول بسن القوانين لضمان ذلك".
وأضاف: "أما اليوم، فتشهد غالبية المدن الأميركية والأوروبية نشاطاً واسعاً بمشاركة جاليتنا الفلسطينية المدعومة من المنظمات الشعبية المناهضة للاحتلال والعنصرية والتطهير العرقي، وذلك بعد هبة القدس وفعاليات المقاومة الشعبية لحماية المقدسات الإسلامية والمسيحية وبخاصة المسجد الأقصى وكنيسة القيامة".
وتابع قائلاً: "التصدي لمحاولة تهجير أهلنا لمدينة القدس وطردهم من أحيائها، بخاصة الشيخ جراح وسلوان، من خلال الاعتداءات الإجرامية للمستوطنين الذين ينادون بقتل العرب وبحماية قوات الاحتلال، بالإضافة إلى الاعتداءات الوحشية على قطاع غزة وسقوط المئات من الشهداء وتدمير آلاف المنازل وتشريد ساكنيها للمجهول، كلها قادت إلى تحول في الرأي العام الشعبي العالمي وكذلك على صعيد البرلمانات"، مشيراً إلى أن "هذه التحولات تعيد الاعتبار للرواية الفلسطينية الأصيلة التي تؤكد أحقية شعبنا في أرضه وأرض أجداده وتحقيق الاستقلال بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة".
وتابع: "أحيي الجهود المبذولة لعقد هذا المؤتمر الذي يفند وينقض الرواية الصهيونية التي تزيف الحقيقة والتاريخ، والتي تؤكد جميع الوثائق والأبحاث أنها صناعة استعمارية".
ونوه إلى أن الغرب خطط لزرع إسرائيل كجسم غريب في المنطقة لتفتيتها وإبقائها ضعيفة من خلال تنظيم هجرة اليهود إلى فلسطين بعد إصدار وعد بلفور الذي صاغته بريطانيا، وصولاً لقرار التقسيم والاعتراف بإسرائيل والعمل على حمايتها، ما تسبب بتهجير أكثر من نصف أصحاب الأرض الفلسطينيين الذين أصبحوا أكثر من (6,5) مليون لاجئ.
وأضاف: "على الرغم من قبولنا بتسوية مؤلمة بالاعتراف بدولة إسرائيل وفق قراري مجلس الأمن 242 و338 فقد نقضت إسرائيل هذه الاتفاقيات واستمرت في عمليات سرقة الأرض وإنشاء المستوطنات وخلق نظام فصل عنصري وتطهير عرقي".
وتابع: "لقد أثبتت الأحداث وهبة القدس الأخيرة أن شعبنا الفلسطيني هو شعب أًصيل يعتز بانتمائه وهويته الفلسطينية، وقد أفشلنا صفقة القرن وما يسمى باتفاقيات أبراهام التطبيعية"، مؤكداً أن السلام والأمن لن يتحققا في المنطقة إلا بنهاية الاحتلال ونيل الشعب الفلسطيني لحقوقه بالاستقلال وإقامة دولته بعاصمتها القدس الشريف.
وأضاف: "بدأ العالم يرى إسرائيل على حقيقتها، ومساهمة الباحثين والمشاركين في هذا المؤتمر سيكون لها أثر مهم في شرح حقيقة الأساطير والروايات الكاذبة لهذا المشروع الصهيوني الذي أقيم لأهداف استعمارية بحتة، ونحن نفتخر بشعبنا الصامد على أرضه وفي مخيمات اللجوء، وبكل شعبنا الفلسطيني وجالياتنا في الشتات لتأكيد الحقائق وكشف الأكاذيب لتعريف العالم بقضيتهم وتحية فخر واعتزاز بكل الدول والشعوب التي تقف لجانبنا وأهلنا المرابطين في القدس ولشهدائنا وأٍسرانا وجرحانا البواسل".
من جانبه، قال رئيس الوزراء في افتتاح المؤتمر: "إن الاستعمار الاستيطاني عبر التاريخ يسير عبر مسارات، أولها ذبح السكان الأصليين، والثاني هزيمة المستعمر، والثالث نموذج يتعايش فيه السكان مع المستعمر، وفي فلسطين لم يحسم الصراع لا على الأرض ولا على السكان ولا على الرواية، والصراع مازال بالمسارات الثلاثة".
وأضاف: "أمام إسرائيل إما أن تذهب لمسار سياسي جدي حقيقي مبني على حل الدولتين، أو ستموت موتاً ديمغرافياً، فلأول مرة منذ عام 1948 أصبح عدد الفلسطينيين داخل فلسطين أكثر من اليهود بـ 200 ألف نسمة، وإذا لم تأت إسرائيل إلى حل الدولتين فسنذهب إلى النموذج الجنوب إفريقي، أي أقلية يهودية تحكم أغلبية فلسطينية".
ولفت اشتية إلى أن المؤتمر هو مشهد فلسطيني بامتياز، شاكراً كل من قدم أوراقاً بحثية لتعزيز الرواية الفلسطينية، ونقض الرواية التي أرادت أن تزور تاريخ فلسطين، مشيراً إلى أهمية المؤتمر الذي يأتي في إطار قرار تجسيد لقرار مجلس وزراء الإعلام العرب لجعل العام 2021 عام الرواية الفلسطينية من خلال تنظيم مؤتمرات علمية لدحض رواية الاحتلال.
وأضاف أن الحرب على فلسطين تأخذ أبعاداً عدة، الأول جغرافي وهو ما تجسد بتخصيص 78% من مساحة فلسطين التاريخية لصالح دولة إسرائيل، ثم الاستمرار في المشروع الصهيوني لقضم مزيد من الأرض، والثاني ديمغرافي، وبرز هذا من خلال تهجير (980) ألف فلسطيني وتدمير قراهم إبان حرب 1948.
ونوه د. اشتية إلى أن "الاحتلال يشن علينا حالياً حرب المال لتفقير شعبنا وإفقاده مقومات الصمود، والحرب الرابعة هي حرب الرواية، داعياً إلى ضرورة الاستناد إلى وقائع التاريخ.
وأضاف: "وفي هذه الحرب مهم من أين نبدأ، فالعبرانيون واليهود والإسرائيليون ليسوا الشيء نفسه، فالعبراني إبراهيم عليه السلام الذي عبر النهر إلى الجبل، وبنو إسرائيل هم أبناء يعقوب، وبين يعقوب والنبي موسى 1300 سنة، ولذلك بين الإسرائيليين واليهودية 1300 سنة، ولا علاقة بين الإسرائيليين واليهود".
وأضاف أن إسرائيل، بصفتها مشروعاً صهيونياً، هي دور وليس دولة، فهي دولة وظيفية، واستعمار فلسطين لم يبدأ بالحركة الصهيونية بل قبل 15 سنة من تأسيسها، فأول مستعمرة أقيمت هي مستعمرة "بيتح تكفا" عام 1882.
إلى ذلك، قالت دلال سلامة، صاحبة فكرة المؤتمر، في كلمة مفوضية المنظمات الأهلية الفلسطينية: "نعقد المؤتمر برعاية سيادة الرئيس بهدف نقض وتفكيك الرواية الصهيونية، لإيماننا العميق بأن روايتنا الوطنية هي واقعنا الذي نعيشه، وهي بوتقة وطنية كبرى ينصهر الكل فيها بعيداً عن أي تجاذبات أيديولوجية وفكرية".
وأضافت أن الحكومة عملت على الحفاظ على موضوع الرواية الوطنية سواء بخطابها أو بكل ما تقوم به هي والوزارات المختصة، وعلى رأسها وزارة الثقافة، ومراكز الأبحاث المختلفة، للحفاظ على وثائقنا التي تؤصل دلائل وجودنا وحقائقه.
وأضافت أن "ما نشده من محاولة لتغيير واقعنا وفرض واقع جديد وآخرها اتفاقات السلام الإبراهيمي، يدفعنا لمواجهتها والعمل على إفشالها، فكان هذا البرنامج الذي يهدف إلى استنهاض الوعي الوطني والعربي لمواجهة الرواية الصهيونية المزعومة بمشاركة نخبة من الباحثين لتصليب شعبنا وتمكينه بمرتكزات مواجهة هذه الرواية المزيفة".
وتابعت د. سلامة أن "موضوع الرواية يبرز أكثر وأكثر في الفترة الأخيرة إثر اتفاقيات التطبيع الأخيرة، ومن شأن هذه الاتفاقيات تزييف الوعي العربي تجاه قضيتنا، علماً بأن هذه العملية قديمة قدم قضيتنا، وتصدى لها كتاب وأدباء، وفي مقدمتهم كان الأخ الرئيس (أبو مازن) الذي عمد في البداية إلى تشخيص أمراض الصهيونية، وقال إنها كانت وهماً كبُر بالأذهان".
وأضافت: "ثمة حاجة لنقض الرواية الصهيونية ووقف هيمنتها على المشهد والتصدي لمحاولات النيل من الوجود الفلسطيني، ونريد أن نعرف كيف نمكن أنفسنا من مواجهة هذه الرواية واستخلاص معطيات وحقائق لتوظيفها في نضالنا ضد الاحتلال".
في سياق متصل، قال أ. د. يونس عمرو: "نلتقي اليوم في مؤتمر علمي مميز يعالج قضية من أهم قضايانا الوطنية والسياسية والعلمية والثقافية، وهي (الرواية الصهيونية ما بين النقض والتفكيك)، ونشكر فخامة السيد الرئيس محمود عباس لرعايته الكريمة للمؤتمر، ونرحب بدولة رئيس الوزراء د. محمد اشتية الذي يشاركنا في هذا المؤتمر المهم، ونشكر كل من أسهم في إنجاح أعمال المؤتمر".
وقال: "إن عداءنا مع إسرائيل لا علاقة له بالدين، بل بالصهيونية والاحتلال، فالصهيونية دعاية سياسية استعمارية".
وأضاف: "علاقة اليهود بالقدس علاقة احتلال حربي فقط، فهم يربطون القدس بداود، بعد أن قتل الملك الفلسطيني الجبار جالوت. وبعد أن تغلب داود على اليبوسيين في القدس، اتخذ منها مقراً لحكمه وسعى لصنع هيكل له ليعبد ربه".
وأوضح أ. د. عمرو أنه "لا توجد علاقة دينية بين اليهود والقدس، وموسى لم يدخل القدس، وقد توفي -بحسب روايتهم- في أرض مؤاب، فالعلاقة العقدية مع القدس تخص المسيحيين والمسلمين، فهي محج المسيحيين ومكان نهاية عيسى في الأرض. والقدس أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين الشريفين عند المسلمين، فالقدس بوابة الأرض للسلام صعد منها عيسى ومحمد للسماء".
وأوضح أ. د. عمرو أن الاحتلال الإسرائيلي سعى لنزع الأصالة عن كل ما هو عربي وفلسطيني، "ففلسطين كلها لا يوجد فيها أي اسم عبري يخص اليهود".
من جانبه، قال د. عبد الكريم نجم، رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر: "عملنا بشكل متواصل على مدار ستة أشهر من أجل إنجاح هذا المؤتمر، وقد توجهنا لنقض الرواية الصهيونية قبل الغوص في صياغة الرواية الوطنية الفلسطينية، للاطلاع جماعياً على مضمون هذه الرواية المختلفة ومن أجل تفكيكها".
وأضاف أن "البرنامج الأم الحاضن لهذا المؤتمر وما سبقه من فعاليات ونشاطات، والذي أبدعته حركة فتح هو برنامج نقض الرواية الصهيونية وليس الرواية التوراتية أو اليهودية، ولم نتطرق للرواية الفلسطينية في هذا المؤتمر التي تحتاج إلى بناء فريق علمي أكاديمي يعمل بشكل متكامل بهذا الخصوص، وكذلك كون فلسطين جزءاً لا يتجزأ من المنطقة العربية المحيطة، وشعبها جزء من الأمة العربية صاحبة الحضارة المتجذرة على مر الزمان".
وأضاف: "من أجل البدء بصياغة روايتنا الوطنية، لا بد من إنجاز هذا العمل المهم الذي تأخرنا به بالشراكة مع الشركاء العرب تاريخياً ومستقبلياً لصياغة تاريخ المنطقة الذي يعتبر تاريخ شعبنا جزءاً منها"، مشيراً إلى أنه سيتبع هذا المؤتمر الوطني مؤتمر ثان ببعده العربي ليعقد في إحدى الدول العربية الشقيقة".
وعُرض خلال المؤتمر فيلم تعريفي بأهمية نقض الرواية الصهيونية وتفكيكها.
جلسات اليوم الأول:
ترأس الجلسة الأولى د. صفاء ناصر الدين، وقدم خلالها الباحث د. وليد سالم ورقة بعنوان "الرواية الصهيونية محاولة للتفكيك". وقدمت د. دعاء الشريف من جمهورية مصر العربية، ورقة بموضوعين، الأول "دحض أسطورة شعب الله المختار في النصوص التوراتية"، والآخر "علم الآثار يدحض أسطورة الهيكل وأرض الميعاد"، وكانت الورقة البحثية الثالثة من د. ضرغام فارس حول "التحقق من الربط العرقي في الفكر الصهيوني"، ثم قدم الورقة الرابعة د. خالد شعبان بعنوان "إسرائيل... من القلق الوجودي إلى الزوال".
وفي الجلسة الثانية التي ترأسها د. عمر الغول، قُدمت مجموعة من الأوراق البحثية؛ الأولى من د. جوني منصور حول "نقل رواية صهيوإسرائيلية عبر قنوات التعليم- قسم مسادا"، وقدم كل من د. يوسف النتشة، وأ. عبلة المهتدي – الأردن، وأ. د. عبد الرحمن المغربي، ورقة بعنوان "حائط البراق والمنطقة المحيطة به.. بين الحق العربي الإسلامي والافتراء الصهيوني"، وجاءت الورقة البحثية الثالثة من د. يوسف النتشة بعنوان "عبرنة وأسرلة الأسماء: أداة أيديولوجية لطمس المواقع العربية في القدس"، ثم قدم د. غانم مزعل ورقتين: الأولى بعنوان "طمس ملامح الفضاء/ المكان الفلسطيني بعد العام 1948م"، والأخرى حول "الاعتراف بالحق الفلسطيني/ بحق الآخر في أدب أ. ب. يهوشع"، كما قدم د. محمد حروب ورقة حول "تزوير وتهويد لمواقع وأسماء عربية تاريخية في محافظة الخليل".