|
حال الغيرة مع الأقران
نشر بتاريخ: 10/07/2021 ( آخر تحديث: 10/07/2021 الساعة: 16:50 )
بقلم الدكتور سهيل الاحمد ليس من بوادر الحب المنبعث تجاه قرينك أن تغار عليه أو منه بشدة، فرغم أن الغيرة مطلوبة ومرغوب بها، إلا أنها قد تكون أحياناً مضرة كما أنها في حقيقتها مفيدة، فهي مفيدة إذا كانت من التحسس والانفعالات وحرفية العلاقة بعيدة، وتؤذي وتضر إذا تعدت إلى توليد الشكوك وما يترتب على ذلك من جحود المودة، وتغييب العطف وإضعاف الضمير وإجحاف القرين والمحبوب، وقد يترتب على هذه المضرة بشفافية متبناة إلى أن تفهم الحقائق على غير مرادها مما يتنامى معه الاضطراب والتخالف، ولأن يبتلى في ذلك العون والتآلف، وعندها سيكون الحال حال تناكر وتزاجر، وتتبع الثغرات وانتظار العثرات من وقت لآخر، بحزم وتشفي وزيادة للبغضاء والتنافر، فوجب لمرتكب القرب والتواصل المشوب بالغيرة أن يحسن بوادره وأن يصدق تعابيره، وأن يلبي مضامينه إذ تُقبل الغيرة من خلاله ويزداد لديك احترامه وإجلاله. وتفيد الغيرة مع القرين بأن تضفي على ذلك الصدق، فالحب الصادق هو أن تغار على من تحب بلا تردد أو تحامل، ولكن ومع وجود هذه الغيرة المقبولة وغير المرفوضة يوجب عليك أن يكون ذلك بصمت ودون إظهار فاضح، وبلا زيادة للمفاسد ولا حتى أن تسيطر المساوئ ولا أن تسلب المحاسن وتزداد الفتن والمفاتن، فهذه الغيرة مع الأقران وهذا حالها، فقد لزم لذلك تهذيبها وتقنينها وعدم إغفالها، لأن الأقران إذا كانوا حال تواصلهم بلا رقة ولا اتزان ودون أمن وأمان، أو منع عطف ونبذ مودة وبلا إحسان، ويسيطر على علاقتهم الضعف والغيرة والشك والهوان والنكران، فإنهم لا محالة خاسرون وهم للسعادة والراحة والتقدم ولدوام الحياة والبنيان خاسرون، فمن أراد الحب الوافر ولعلاقاته المستقبل الزاهر، ولنفسه أن تتحلى بصدق المشاعر، فقد وجب عليه أن يفكر فيما يبني، وما هو عن الشقاق والفراق والنزاع يغني، ويكون هذا بالاجتهاد في تحسين نظراته وتجميل افتراضاته، وزيادة الثقة بين عناصر أفكاره من زواياها المتعددة، وأن يعمل على وحدتها وضبطها والسيطرة عليها والتماس الأعذار إليها بتأمل وتجمل وحسن نظر ودون تذمر. |