|
الرسم والهدم: سردية رقمية للجرافيتي الفلسطيني
نشر بتاريخ: 26/07/2021 ( آخر تحديث: 26/07/2021 الساعة: 17:11 )
ننتظر منذ خمسة أشهر وبحماسة هذه اللحظة.. لحظة إطلاق القصص الرقمية من مشروع "We Are Stories" المنبثق من مساق (صحافة البيانات وتحليل مواقع التواصل) في برنامج ماجستير الإعلام الرقمي في جامعة القدس. تحويل البيانات الكبيرة لقصص، و"تجريف" بيانات مواقع التواصل وتجعل منها حكاية كان ممتعاً ومُتعباً. وُظفت فيه العديد من تقنيات السرد الرقمية، وبرمجيات بايثون وأدوات تحليل البيانات في اسلوب سرد بصري جديد على البيئة الإعلامية الفلسطينية. كان تحدياً كبيراً لطالبات وطلاب المساق. لقد تعبوا جداً. وأشكرهم جداً، يضيف د.نادر صالحة - استاذ المساق، الكثير من الأشياء "تجعل الجدران مختلفة" Knocked The Wall! تكمن قلسفة هذا المشروع، تقول نداء يونس، ببساطة في البناء على قدرة الجدران والجرافيتي على اجتراح التناقض بين ثنائيتي الجمال والقبح في السياق الكولونيالي الاسرائيلي ... هذا المشروع الذي يمكن ترجمته الى دق الجدران - الدق على الجدران او طرقها يبتدأ بقصة حب، حيث يرسم فتى فلسطيني يقف بين الرصاصة والجدار ما كان يمكن ان تقوله الشهيدة العاشقة التي قتلها جنود الاحتلال على شكل جرافيتي يخلد سياقا يتحدث فيه الرصاص نيابة عن الانسانية كها ويحتفظ الى الابد بقصص الحب واساطير المعاناة.. ينتقل السرد الرقمي للجرافيتي والجدران في هذا المشروع الى محطات زمنية من خلال تقنية الفلااش باك التي تم توظيفها لكتابة هذه السرية وهي احدى تقنيات كتابة الرواية ويتوزع على ازمنة حاضرة وماضية مثل محو الجرافيتي في الشيخ جراح وقصه الحي الذي صار بلدا والرسم على الجدران في غزة بعد الحرب او الرسم على الموت وجرافيتي الانتفاضة الاولى وجرافيتي المخيمات في الوطن والشتات التي تمت رقمنتها حيث لا مصادر واحدة او وافية تعكس اوضاعها ثم يعود الى جدلية الرسم على جدار الفصل العنصري الذي يخنق الفلسطينييين ولم يسقط بعد كجدار برلين او الجدران التي بنتها طالبان وحاربها الافغان الشباب بالرسم والهدم. العمل الذي يرقمن في سرديته اللغوية الكثير من المفاصل والتمفصلات في سيرة الجرافيتي والجدران، سيرة الشعب الفلسطني المطوق، يكشف من خلال مواقع التواصل الاجتماعي عبر منصات رقمية عن فجوة بين الحضور الرقمي الفلسطيني الجرافيتي في الفضاء السبراني مقابل وفرة في حضوره عبر التاريخ وعلى الارض. هذه الفجوة تتزامن مع فجوة جمالية، ففي ظل الاحتلال الإسرائيلي، تجترح الجدران والجرافيتي ذاك التباين بين الجمال والقبح. إنها تسرد القصة: كيف علقت حياة الفلسطينيين بين الانقسامات، واسقاطات المفارقات المتناقضة، والأيقنة، والجدران. وعبر تاريخ طويل من تلك التممثلات، كان الفلسطينيون يحاولون الامساك بالجمال رغم أنهم مطوقون بالخيام، والاقتلاع، والاغتراب والتشتيت، ومخيمات اللاجئين، والخيارات المريرة، والحروب وجدار الفصل العنصري؛ هم الذين تم التخلي عنهم واستبعادهم من المكان والزمان. ما زال الفلسطينيون يختنقون منذ 73 عاما وحتى الآن، فماذا فعلوا لمواجهة القبح وسرقة أرضهم؟ رسموا الجرافيتي ! استمروا في الرسم في كل مكان حتى على جدار العزل العنصري الإسرائيلي. رافقت الكتابة على الجدران ورسم الجرافيتي الفلسطينيين لمدة طويلة وعبر رحلة شاقة في الوطن والشتات، وروت الطريقة التي يناضلون بها، وحالات الاحباط التي مروا بها وغضبهم وحبهم وتشبثهم بالحياة. يربط هذا الموضوع على شكل سردية رقميو بين السياسي واليومي والتاريخي والرمزي والشعري.. ومن المفارقة القول، بان الجرافيتي كسا فلسطين لحما: لونا وحياة، حيث يتم اعادة تمثل أصوات الفلسطينيين المضطهدة وترحيلها عبر التاريخ والزمن، ودون ان يعني ذلك السعي الى تخليق جماليات اللحظة بقدر ما عنى الامر ابراز القبح الذي ينبغي تقشيره وازالته، هذه المفارقة التي ستبقى حيه حتى تسقط الجدران ... كانت الفكرة أن نروي فلسطين رقمياً باسلوب جديد وقابل للتعديل والتطوير بشكل مستدام يجاري القصص الرقمية في كبريات الصحف العالمية. القصة الرقمية كائن حي. القصص الرقمية بطريقة الفيديو الشائع غير قابلة للتطوير والتحديث والتحكم بالتدفق، وسريعة الانطفاء؛ "فُرجة أكثر، محتوى أقل". من هنا طورت الصحافة المحترفة طريقتها في السرد الطويل القابل للتعديل للهروب من سطوة ثقافة مواقع التواصل الاستهلاكية لاسلوب "فُرجة أكثر ومحتوى أكثر". معظم القصص في هذه التجربة باللغة الانجليزية لتصدير الرواية الفلسطينية على أوسع نطاق، هكذا يعكس د.صالحة فلسفة المساق. |