|
الصبر على المصابات والخروج من الأزمات
نشر بتاريخ: 08/08/2021 ( آخر تحديث: 08/08/2021 الساعة: 22:05 )
الدكتور سهيل الاحمد
إذا ابتليت في نفسك وحالك ومالك ورزقك فلا تيأس أو تقنط، واعلم بأن صبرك على المصاب والابتلاء هو عين الإيمان والتقوى، فالصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد وإذا قطع الرأس - وهو هنا الصبر ومعالجة المصاب في كل حال - ذهب الجسد، واضطرب حال المرء وتأكد ضعفه وفناؤه، ولذلك فإذا سمعت كلمة أو تصرفًا وموقفًا يغضبك في متعلقاتك واختصاصاتك فاعف واصفح فإن ذلك من عزم الأمور، وامض قدمًا في التيقن والفهم الواع بأن منزلتك ومقامك حيثما أقامك الله ورضي لك في ذلك، ولتعلم في ضوء التقلبات والمصابات ألا تخف حال ذلك إلا ذنبك ولا ترج إلا ربك، ولا تقبل إلا عليه لمتعة الحال والشعور مع حسن الظن وصدقه، فمن خاف الله لم يشف غيظه بل يسامح من أجله وينتصر على نفسه وانفعالاته فيعمد إلى أن يعفو عند المقدرة، ومن اتقى الله سبحانه وتعالى لم يصنع ما يريد من الأفعال أو الأقوال التي يحاسب الله الناس عليها، وقد قيل في مقام الرضا والفهم الصحيح لطبيعة المصاب: لولا يوم القيامة لكان غير ما ترون، وقد قيل بخصوص ذلك أيضًا: يا ابن آدم لا تفرح بالغني ولا تقنط بالفقير ولا تحزن بالبلاء ولا تفرح بالرخاء، فإن الذهب يجرب بالنار، وإن العبد الصالح يجرب بالبلاء أي: يختبر بالمصائب ليرى صبره، وإنك لا تنال ما تريد إلا بترك ما تشتهي ولن تبلغ ما تأمل إلا بالصبر على ما تكره وابذل جهدك لرعاية ما افترض عليك وارض بما أرادك الله به، فمن رضي بما قسم الله له في كل أحواله يكن من أغنى الناس، ومن اجتنب ما حرم الله عليه يكن من أورع الناس وأروعها ومن أدىّ ما افترض الله عليه يكن من أعبد الناس، ومن القيم الحضارية التي لا بد من تبنيها في المعالجة والخروج من المأزق والمصاب ألا يستح الذي لا يعلم أن يسأل غيره ومن هو أعلم منه حتى يعلم، ويعرف كيف يتصرف حال ذلك وما الذي يقرره تجاه مصابه، وألا يستح من سئل عما لا يعلم في أمر من الأمور وخاصة حال الأزمات والابتلاءات أن يقول لا أعلم، فنصف العلم لا أدري، ومن قال لا أعلم فقد علم وقد فهم وأدار عقله وأعمله لحسن المعالجة وأخذ العبرة والعظة في كل ذلك، ليخرج من مثل هذه الحالات بقيمة تربوية فكرية لتكون منهجًا صحيحًا معتمدًا يتبناه العاقل وينتفع منه الغافل أو المتغافل، وبالتالي يصل إلى قاعدة مفادها أن حصول الأزمات والمصابات مسألة طبيعية واقعة ومتوقعة يجب فيها المعالجة بموضوعية وقدرة إدارية مادية كانت أم معنوية وهذا أمر يلزم اتباعه في كل حال وزمان ومكان. |