نشر بتاريخ: 21/08/2021 ( آخر تحديث: 21/08/2021 الساعة: 10:35 )
قبل خمسة شهور تم الإفراج عن الأسير غسان زواهرة بعد اعتقال إداري دام لأكثر من سنيتن ونصف، وكان قبلها بثلاث مرات مر بتجربة الاعتقال الإداري، وفي كل مرة يتم اعتقاله ما بين سنتين وسنة ونصف. وبعد أن تم الإفراح عنه في المرة الأخيرة، حيث قضى غسان أكثر من 14 عشر عاما في المعتقل بشكل متقطع، إفتتح غسان مطعماً صغيراً له، يعتاش منه هو وعائلته المكونة من زوجته وأربعة اطفال بينهم طفلتين تعانيين من مرض القلب. الا أن إنشغاله في مطعمه طوال اليوم لم يثني أجهزة الأمن الاسرائيلية عن ملاحقته، فقد تم إعتقاله والتحقيق معه مرتين، وفي كل مرة يتم تهديده بأنه سيتم تصفيته إذا ما إستمر في نشاطه التخريبي على حد قول رجال الشاباك الاسرائيلي، الا أنهم حتى الآن لم يخبروا غسان ما هو هذا النشاط التخريبي الذي يزعمون!.
ليلة الخميس الماضية، إقتحمت قوات إسرائليية مخيم الدهيشة، قدرت بنحو 50 جنديا مجهزين بكافة الأسلحة والعتاد، فجر إثنان منهم باب منزل غسان، وسرعان ما إقتحم المنزل نحو 12 جنديا مفزعين الأطفال والنساء، أما الجنود الباقين، فقد إنتشروا حول المنزل وفي شوارع المخيم خوفاً من هروب غسان، ومنعاً لشباب المخيم من التجمهر حولهم لمنع الاعتقال. وبالفعل، داهموا المنزل، وفتشوه، وعبثوا بكافة محتوياته، وهددوا زوجته بضرورة تسليم أوراق وهاتف غسان الا أنها رفضت، وبعد قليل، قدم الضابط المسؤول الى المنزل، مد يده للتسليم على غسان الا أنه رفض، مما أغاظ الضابط كثيراً قائلا له "إنت لحد الآن ما بتسلم"، ومن ثم سحب غسان الى غرفة من غرف المنزل ليقوم باستجوابه لأكثر من عشرين دقيقة. ثم خرج الإثنان، وطلب الضابط من غسان أن يقوم بتوديع أسرته لأن إعتقاله هذه المرة سيكون طويلاً.
خرج غسان مكبل اليدين مع عدد كبير من الجنود، توقف غسان فجأة عندما سمع بكاء أمه، رفض التوجه الى العربة العسكرية قبل أن يودعها ويهدئ من روعها. إنصاع الجنود لرغبة غسان، موافقين أن يتحدث الى أمه ولكن دون الاقتراب منها. تحدث إليها غسان بهدوء الثوار بعبارات ما زالت تحفر في قلبي... "يما مالك ؟.. انا كويس... شكلي المرة هاي مطول! ديري بالك على حالك وعلى ابويا. . .
أُعتقل غسان، الا أن الجنود عادوا بعد 5 دقاق ليمزقوا الصور التي كانت تزين جدران منزله.. كانت هذه الصور للشهيد معتز زواهرة الاخ المقرب لغسان، بدأوا يمزقون الصور صارخين بإستهزاء " هذا فدائي ... هذا شهيد" . صرخت أم غسان بحسرة؛ وهي ترى الجنود يمزقون صور إبنها الشهيد، هجم إبن غسان الأكبر إبراهيم ذو التاسعة على الجنود الذين دفعوا أمه وجدته، فدفعوه أرضاً. وأخيراً، خرج الجنود، وانتهت ليلة اعتقال غسان. كانت ليلة حزينة.
غسان بقصته هذه، يمثل قصة كل شاب في المخيم، حيث يعاني الشباب من الإعتقال والقتل والتعسف من قبل قوات الاحتلال المجرمة. تقتحم المخيم هذه القوات كل ليلة تقريبا. وتنشر الرصاص وقنابل الغاز بين أزقة المخيم. هذا المخيم الذي قدم أكثر من 70 شهيداً ومئات الأسرى والجرحى. غسان يمثل بحق أيقونة النضال ضد الإحتلال. وصمود الفلسطيني في وجه الإرهاب الصهيوني. غسان يمثل فينا إرداة الحرية والإصرار على التحرير. وليعلم الاحتلال بأنه لم تم إعتقال غسان عشرات المرات، سيخرج من هذا المخيم ألف غسان وأكثر.