|
من فمك أدينك!
نشر بتاريخ: 20/10/2021 ( آخر تحديث: 20/10/2021 الساعة: 23:34 )
بقلم: د. صبري صيدم
واخيراً.. جاء الأكثر تطرفاً وعنصرية ليعترف بأن حدثاً جللاً ما قد حدث عام 1948، وأن هذا الحدث استهدف تصفية هوية الشعب الفلسطيني.
هذه المرة ليس على لسان مسؤول أممي، أو شخص صديق لإسرائيل، وإنما من قلب المدرسة الصهيونية العنصرية التحريضية المستفحلة في دولة الاحتلال.
بتسلئيل سموتريتش عضو الكنيست وصاحب التصريح الشهير، لم يقف قبل أيام على منبر الكنيست ليطلق تصريحه ويمشي، إنما ليعبر وبملء الفم عن ما يجول في خاطره وخاطر من خلفه ومن حوله، بأن وجود العرب من أعضاء الكنيست وغيرهم من العرب في الداخل ما هو إلا خطأ، وأن بن غوريون أخطأ، كونه لم يكمل مهمته في إبادة الفلسطينيين. هذا التصريح العنصري بامتياز لا يقر بالنكبة ومفاهيم الإبادة والتطهير العرقي، وبالتقصير في إتمامهما من قبل أقرانه فحسب، وإنما يحمل عدة مضامين، لا بد من الوقوف عند اثنين منها:
1 ـ إقراره وتحسّره بأن المهمة لم تنجز، ليس فقط لوجود أعضاء عرب في الكنيست وإنما أيضاً لوجود حوالي مليوني عربي يعيشون في قراهم ومدنهم حتى تاريخه، وهو ما يقضّ مضجع سموتريتش، ومضاجع أولئك العنصريين، كون ذلك ما هو إلا بمثابة الغصة، التي تؤلمهم وتنغّص عليهم حياتهم وعيشهم.
2 ـ لنتخيل لو أن هذا النوع من الخطاب قد أطلقه فلسطيني بالحدة والحسرة والغصة والعقدة والألم ذاتها، أو عضو كنيست عربي، كيف كانت ستكون ردة الفعل الإسرائيلية والعالمية، وما هي التهم: تحريض، كراهية، معاداة للسامية؟
سموتريتش الصهيوني المولود عام 1980 على أرض الجولان السوري المحتل، الذي نشأ في مستوطنة بيت أيل على أرض رام الله الفلسطينية المحتلة، ويعيش الآن في مستوطنة كدوميم على أرضنا المحتلة، والمنتمي لحزب «تكوما» المكون لحزب «البيت اليهودي» هو ذاته الذي حرّض وقاد مؤخراً مسيرة الكراهية المعروفة بمسيرة الأعلام الصهيونية في القدس والمسجد الأقصى، وهو صاحب الدعوة المستدامة لاقتحام المسجد الأقصى وهدمه وإقامة الهيكل، وهو أيضاً ذاته الذي رأيناه في باب العمود والشيخ جراح وسلوان، والقائمة تطول، وهو أيضاً ذاته الذي قال في تصريحات محفوظة لدى الجميع، وما زالت منشورة على حساباته على منصات الإعلام الاجتماعي، مع كتابة هذا الخبر، يقول فيها إنه لا يريد لزوجته، التي كانت تضع أحد اولاده الخمسة آنذاك أن تنجب مولدها إلى جانب مولود عربي سيقتله (أي يقتل ابنه) بعد 20 عاماً من الآن.
هذه التصريحات هي تحريض واضح على العنف والقتل واغتيال الهوية العربية، وهي أيضاً منصة كراهية متصاعدة، نراها تتفاقم لدى سموتريتش الأوكراني الأصل، وغيره ممن يتنافسون على كراهية الفلسطينيين، في مارثون الكراهية الذي تتسم به دولة الاحتلال اليوم.
إن إقرار قطب اليمين بالنكبة والسخط، جراء عدم استكمالها وما ادى إلى بقاء استدامة بعض القرى والمدن العربية، واعتبار أن الكل العربي إنما هو موجود جراء خطأ تاريخي، لا يشكل خطاباً عنصرياً فحسب، وإنما هو خطاب للكراهية بامتياز يرقى لدعوة أصحابه للمثول أمام محكمة الجنايات الدولية.
من يعتقد أن أمنه وخلاصه لا يتحققان إلا بقتل الجغرافيا والديموغرافيا الفلسطينية فهو واهم، ليس لأننا باقون على أرضنا فحسب، بل لأن في التاريخ دروس وعبر مفادها أن العدالة والحق، لا بد أن ينتصرا في النهاية، طال الزمان أم قصر، وأن بناء الجدران والمستوطنات أمام إصرارنا بأن الحقوق لا تسقط بالتقادم، لن يكون إلا بمثابة القنبلة الموقوتة، التي وفي ظل تصاعد الهجوم الإسرائيلي غير المسبوق تاريخياً هذه الأيام أيضاً، لا بد وأن تنفجر !
|