وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

اعادة افتتاح القنصلية في القدس الشرقية مصلحة امريكية

نشر بتاريخ: 31/10/2021 ( آخر تحديث: 31/10/2021 الساعة: 17:40 )
اعادة افتتاح القنصلية في القدس الشرقية مصلحة امريكية

مثير جدا للدهشة والاستغراب تصريح نائب وزير خارجية امريكا برايان ماكوهين بخصوص اعادة فتح قنصلية بلاده في القدس الشرقية عاصمة دولة فلسطين المحتلة والذي مفاده انه ومن اجل ذلك فان بلاده بحاجة لموافقة فعالة من اسرائيل ولا ادري ان كان هذا التصريح ينم عن استغباء أوجهل ام انه تمهيد للتراجع عن وعد انتخابي للرئيس بايدن خصوصا وان هذا الموضوع اصبح يجد له انصار من بعض كبار الديمقراطيين في الكونغرس .

كلام نائب الوزير كما بعض اعضاء الكونغرس صحيح فيما يخص سيادة الدول التي تحترم سيادتها من خلال احترامها للقانون الدولي والشرعية الدولية ولكن ليس اسرائيل التي هي على الننقيض من كل ذلك وتحديدا في موضوع القدس الشرقية التي تم اهدائها لاسرائيل وكانها قطعة قماش صناعة امريكية وذلك في عهد رئيس امريكي غير مستقر عقليا الذي فعل الشيء نفسه مع الجولان العربي السوري باهدائه ايضا لاسرائيل وذلك في اكبر تحد وتنكر للشرعية الدولية والقانون الدولي الذي ما زال يعتبرهما اراضي محتلة بالرغم من ان بلاده امريكا تحتضن في مدينة نيويورك منظمة الامم المتحدة المؤتمنة على تطبيق وحماية هذه الشرعية الدولية وقوانينها. .

اعادة فتح القنصلية المريكية في القدس الشرقية كان احد الوعود التي كان قد تبناها الرئيس بايدن في حملته الانتخابية وهذا الوعد لم يكن من اجل سواد عيون الفلسطينيين ولكنه مصلحة امريكية وذلك من اجل اصلاح ما افسده سلفه المعتوه ترامب لعله بذلك يستعيد بعض من مصداقية امريكا ومكانتها الريادية بين الدول بعد ان دمرها ترامب وكاد ان يحول بلاده نتيجة لقراراته الهوجاء التي اتخذها على مدار اربع سنين حكمه الى كيان رعاة بقر ولا ندري اذا كان سيتمكن الرئيس بايدن من تحقيق ذلك في فترة ولايته التي لا يبدو انها ستتجدد او ان يعمل على تجديدها بحكم سنه وهذا بالمناسبة يعتبر ميزة تحرر الرئيس من قيود الحركة الصهيونية وخاواتها التي عادة ما تفرضها على الرؤساء الراغبين في التجديد.

تبني امريكا لاسرائيل ربما كان له مبرراته وذلك بعد الانتصار الذي حققته اسرائيل على العرب في حرب سنة 1967 حيث تم توظيفها في حينه شرطي المنطقة والحارس للمصالح الامريكية بشكل خاص اضافة الى مصالح كل من يعتقد ان مشروع القومية العربية كما تفشي الشيوعية يهدد مصالحه /ها ومن اجل ذلك تم تزويد دولة الاحتلال بكل ما تحتاج له من مال وسلاح دون ادراك من كل هؤلاء الداعمين بان الحركة الصهيونية هي من وظف كل هؤلاء لتحقيق الحلم الصهيوني الذي يتناقض مع مصالح كل الاغيار حتى امريكا.

وبالفعل تمكنت اسرائيل من توظيف كل هذا المتاح لها محليا ودوليا لخدمة مصالحها اولا واساسها الهيمنة والسيطرة وباشكالها المختلفة على المنطقة برمتها وان يمتد نفوذها الى ما هو ابعد من ذلك بدليل تدمير المشروع النووي في العراق سنة 1981 وتلاه ذلك في سوريا سنة 2007 والان تتوجه صوب ايران لنفس الغرض.

وتوطئة لاحكام السيطرة والهيمنة اقترفت اسرائيل وما زالت كم لا يحصى من الجرائم بشقيها جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية بحق الفلسطينيين اصحاب الارض التي تقوم عليها وبحق شعوب المنطقة دون اي محاسبة من اي كان حتى القرارات الاممية التي صدرت من منظمة حماية القانون والسلم الدوليين وهي منظمة الامم المتحدة كلها ضُربت من قبل اسرائيل بعرض الحائط وكثير منها تم وأدها في المهد بفعل الفيتو الامريكي. حتى اوروبا الشريك التجاري الاكبر مع اسرائيل لم تتمكن حتى من محاسبة اسرائيل وبما تسمح به الاتفاقات بين الطرفين وعلى راسها مثلا لا حصرا اتفاقية الاورومتوسطي التي تنص صراحة في بندها الثاني وكاساس للعمل بالاتفاقية على احترام حقوق الانسان الذي تنتهكه اسرائيل في كل يوم وفي كل لحظة في السر والعلن والتي تعني بالضرورة الغاء هذه الاتفاقية وملحقاتها على الاقل كقرصة للاذن الاسرائيلية وليس قطع العلاقات او فرض المقاطعة على اسرائيل كما حصل في جنوب افريقيا التوأم السيامي لاسرائيل في ممارسة الفصل العنصري .

اسرائيل القوة القائمة بالاحتلال انتهكت كل ما هو ممكن تخيله وقابل للانتهاك فيما يخص القيم الانسانية بحيث اصبحت كيان مارق وبامتياز وهل هناك اكثر من ان تجبر الفلسطينيين على هدم بيوتهم لتهجيرهم او ان تعيد قتل الموتى الفلسطينيين بتجريف قبورهم او سجنهم تحت الارض في مقبرة الارقام او في الثلاجات.

ما لم اجد له تفسير وما لا يقبله عاقل هو ان هذه الدول وتحديدا القيمية من الديمقراطيات الغربية وبالرغم من كل ما ذكرناه وهو ليس سر ما زالت لا تجرؤ حتى على هز العصا في وجه دولة الاحتلال وهو ما يجعلها شاءت ام ابت تبدو كشريكة لاسرائيل في اعمالها واقصى ما تفعله بحق اسرائيل هو انها تحذر او تلح او تبدي قلقها او تشجب خجلا وبصوت خافت كما هو حاصل في موضوع الاستيطان الذي ثبتت سرطانيته لعملية السلام وقاتل لحل الدواتين التي تقره هذه الدول كما بقية المجتمع الدولي كحل وحيد للصراع ، اثنى عشرة دولة ديمقراطية غربية تلح على اسرائيل بعدم المضي في توسعها الاستيطاني الذي استشرى وفعلا دمر اي امكانية لحل الدولتين ومن ناحية اخرى امريكا توبخ اسرائيل على نفس الفعلة وكذا روسيا واليابان تعارض ما تفعله اسرائيل القوة القائمة بالاحتلال ولكن دون اي جدوى وهذه الدول تعرف تماما ان كلمات الشجب والترجي والتحذير الذي اصبح اقصى ما يمكن لهذه الدول ان تفعله ازاء الجرائم الاسرائيلية الامر الذي شجع اسرائيل القوة القائمة بالاحتلال على تكرار افعالها.

في البدايات قامت اسرائيل وبقرار وبدعم غربي لنكون قاعدة استعمارية غربية وخط دفاع امامي في مواجهة الشيوعية وكيان غريب لتدمير الحلم العربي ولكن كل هذه المبررات لم تعد قائمة وبالخصوص بعد ما صار يسمى بالسلام او التطبيع الابراهيمي الذي شجع رئيس وزراء اسرائيل بالتصريح في العلن بانه لا يوافق على قيام دولة فلسطينية كما ولاسرائيل علاقات جيدة مع روسيا وحتى مع الصين حتى ان اسرائيل صارت تتجسس على حلفائها في الغرب وعليه نقول بان مبررات الدعم الغربي لاسرائيل لم تعد قائمة ولكن ما هو قائم هو اسرائيل كيان فصل عنصري ابارتهايدي بامتياز ومتمرد على الشرعية الدولية وقوانينها بسبب ممارساتها المذكورة وهو ما يجعل من استمرار الدعم الغربي غسر المشروط لاسرائيل بمثابة سوس ينخر في عظم وقيم كل هذه الديموقراطيات الغربية التي تساند اسرائيل وعلى راسها امريكا كما وينخر في عظم الشرعية الدولية التي اصبحت تقف عاجزة حيال اسرائيل وممارساتها بالرغم من ان اسرائيل ولدت من رحم هذه الشرعية.