|
الإسلام السياسيّ في خدمة حالة استعماريّة ـ "الموحّدة" نموذجًا
نشر بتاريخ: 13/11/2021 ( آخر تحديث: 13/11/2021 الساعة: 18:46 )
لماذا تُكثر النُخب اليهودية من الحديث عن "سلام إبراهيم" ولماذا تُكيل وسائل الإعلام العبريّة المديح على منصور عباس وانضمامه إلى الائتلاف الحكومي الحالي. وقد كان مستعدًّا كما قال وقال نتنياهو للانضمام إلى ائتلاف في حكومة مع بن جفير وسموتريتش الترانسفيرييْن ـ لولا رفضهما؟ الإجابة بالنسبة لي يُمكن رؤيتها في التغيير الاستراتيجي الذي حصل في النُخب اليهودية في العالم حيال فلسطين والصراع عليها وفيها. فقد قرّرت هذه النُخب أن تستولي على كامل فلسطين التاريخية بين البحر والنهر. وهذا يعني العزوف عن فكرة تسوية الصراع وحلّه والانتقال إلى إدارته. وقد جاء هذا التغيير لسببيْن: الأوّل ـ لأن هذه النُخب تعتقد أنها تفوّقها الاستراتيجي مقابل الفلسطينيين وسائر العرب الذين تداعت مراكزهم في الإقليم يمكّنها من ذلك ـ لقد هبطت كُلفة الاحتلال مثلًا إلى ما يقارب الصفر! الثاني ـ لأنها تفترض إن سلامًا يهوديًا ـ إسلاميًّا غير مُكلف لها كما كان السلام المُفترض بين الصهيونيّة كحركة قومية يهودية وبين الحركة القومية العربية لا سيّما منظمة التحرير الفلسطينيّة. وهكذا فإن السلام الاقتصادي الذي اقترحه اليمين اليهودي والأمريكي سيقوم من طبقتيْن ـ من فكرة التعاون الاقتصادي ومن استبدال فكرة تحرّر الشعب الفلسطيني وحقّ تقرير المصير له في فلسطين التاريخية (وهذا يعني تقاسم الأرض أو تقاسم السيادة) برُزمة من التسهيلات المالية والحقوق الدينية ومبادرات حسن النيّة في هذا الاتجاه. وهذا ثمن تستطيع النُخب اليهودية أن تدفعه لا سيّما من خزائن الخليج العربيّ الذي قبل مبدئيًّا بهذه الفرضيّة ويتعاون معها. منصور عباس كممثل للإسلام السياسي يجسّد ما ذهبتُ إليه من انخراط في "سلام إبراهيم" على خانته المحلّية. وهو ليس قراره او قرار "الموحّدة" بل هو قرار العرّابين في الإسلام السياسيّ في الإقليم. وسيدخل منصور عباس كل ائتلاف يقوم هنا حتى لو أقامته الشياطين وقررت فيه تدمير قطاع غزّة بالكامل أو نقل منظومة "معبر" قلنديا إلى مدخل مدينة المغار حديثة العهد. السياق الذي تحدث فيه هذه الأمور هو سياق استعماري تحاول حكومة إسرائيل أن تكرّسه من خلال التستّر بـ"سلام إبراهيم" ومفرداته. ومن الغطاء الذي يتستّر به منصور عباس والموحّدة وسمونه "خدمة مجتمعنا". ومن هنا فلن يتغيّر أي شيء سوى في الشكل واللغة وانتفاع بعض وكلاء السلطة. أما في الواقع فسيظلّ منصور عباس والموحّدة وكيليْن واضحيْن لمنظومة استعمارية هي المشكلة وليست الحلّ. لأن "إسلام" الموحّدة ومنصور هو جزء من الغلام الذي انخرط في "سلام إبراهيم" وليس لديه أي مطالب جغرافية أو كتلك التي تتصل بحق تقرير المصير ونزع كولونيالية المنظومة الإسرائيلية. بالعكس ـ هم انعطفوا إلى يمين اليمين كي يكرّسوا هذه المنظومة وينتفعوا منها! |