وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

الهدف التاسع للتنمية وحال الصناعة في فلسطين

نشر بتاريخ: 16/11/2021 ( آخر تحديث: 16/11/2021 الساعة: 11:21 )
الهدف التاسع للتنمية وحال الصناعة في فلسطين

الهدف التاسع للتنمية المستدامة، هو الصناعة والابتكار والهياكل الأساسية، وهذا المقال محاولة لتسليط الضوء على واقع الصناعة في فلسطين. فمن لا يتذكر شكولاتة سلفانا، وراحة الحلقوم، والصابون النابلسي، الذي يرجع تاريخ صناعتة إلى أكثر من ألف عام في فلسطين، وغير ذلك من الصناعات التقليدية، التي تجمع بين البعد التراثي والاقتصادي، لكن نتيجة للأوضاع الراهنة أصبح كثير من هذه الصناعات على وشك الاندثا،ر وأسواق كاملة مهددة بالاغلاق، كما هو الحال في مدينة القدس التي تحاول اسرائيل القضاءعلى الصناعات الوطنية والتقليدية فيها كجزء من خطة تهويد المدينة.

لكن بفعل سياسات الاحتلال العنصرية، ما زال الاقتصاد الفلسطيني يعاني العجز، ومحدودية القدرة على بناء قاعدة إنتاجية قوية في قطاعي التصنيع والزراعة، مما أدى إلى ارتفاع العجز التجاري، وعجز الموازنة العامة، وبقاء الاقتصاد معتمدا على المساعدات الخارجية وتصدير العمالة إلى إسرائيل. فبالتوازي مع الاستيطان ومصادرة الأراضي، والعزل الجغرافي وسياسة الحصار، هيمنت اسرائيل على مفاصل الاقتصاد الفلسطيني، من جغرافيا وموراد طبيعية، وعلى الأرض وما في باطنها من ثروات طبيعية. ومازالت تتحكم بالمعابر، وتضع اجراءات مشددة على حركة التجارة الخارجية والداخلية للفلسطينيين، ما أعاق حركة مرور البضائع والمواد الخام داخليا وخارجيا. وفي كثير من الأحيان يتم قهر التاجر بإتلاف البضائع التي تحتجز لفترة طويلة بالموانئ وعلى المعابر، الأمر الذي كبد القطاع الخاص خسارات فادحة.

ولا تعترف إسرائيل بالاتفاقية الأوروبية الفلسطينية، التي تعفى بموجبها الواردات الفلسطينية من الجمارك؛ لذلك على التاجر أن يدفع كل ما يستحق عليه، للجمارك الإسرائيلية. إضافة إلى تقييد إنشاء البنى التحتية الاقتصادية في جميع المناطق، واحتجاز المقاصة، وقرصنة الأموال التي تجبيها إسرائيل لصالح السلطة.

تفاصيل كثيرة من سياسات القهر التي يتبعها الاحتلال، والتي تصعّب الانفكاك الاقتصادي عن اسرائيل، وتحول دون النهوض بقطاع الصناعة والقطاعات الأخرى، وحسب ما نشر على موقع البنك الدولي " لا يزال الاقتصاد الفلسطيني يعاني من قيود على الحركة والعبور والتجارة، ويفتقر هذا الاقتصاد أيضاً إلى محركات النمو التي تفرز آثارا ايجابية مستدامة على الاقتصاد وظروف المعيشة" وهذا يبدو واضحا بانتشار الفقر و البطالة وتدهور الوضع الإنساني في الاراضي المحتلة.

بالمقابل تقوم اسرائيل بتطوير قطاعها الصناعي والتكنولوجي ودعم التجارة الخارجية فيها، وهي تصنف اليوم من الدول الصناعية الغنية، التي يتمتع فيها الاسرائيليون بمستوى معيشي يضاهي مستوى معيشة الفرد في أوروبا.

وهذه مؤشرات مهمة حول مدى عدالة وصول أهداف التنمية المستدامة لجميع الدول، وخصوصا في الدول التي تعاني من الصراعات. ففي الوقت الذي يعيش فيه الاسرائيلي برفاهية تصل الى مستوى حياة الفرد في أوروبا، تعاني الأراضي المحتلة من سوء الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية وانتشار الفقر والبطالة وسوء الوضع الإنساني، فحسب الإحصائيات كان نصيب الفرد الإسرائيلي من الناتج المحلي الإجمالي، يتجاوز الفلسطيني بمقدار الضعف في عام 1967، عندما احتلت إسرائيل الضفة الغربية وقطاع غزة. أما اليوم فقد زادت الهوة بينهما بأكثر من 11 ضعفا.

توفر اسرائيل كل الدعم للمستوطنات، وتمنحها اعفاءات ضريبية وامتيازات وتدعم انشاء مدن ومصانع اسرائيلية فيها، وحسب آخر التقديرات المنشورة توجد على أراضي الضفة الغربية نحو 23 منطقة صناعيةـ وتضم هذه المناطق حوالي 300 مصنع.

بالمقابل تواصل اسرائيل تدمير البنية التحتية الفلسطينية، بما فيها المنشآت الاقتصادية والمصانع ومحطات تحلية المياه والطاقة والصرف الصحي، ما أدى إلى تفاقم معدلات الفقر والبطالة. حيث أسفرت الحروب الإسرائيلية على قطاع غزة، عن تدمير عدد كبير من المصانع بشكل كامل. وقد تقلصت مساهمة قطاع غزة في الاقتصاد الفلسطيني الكلي بمقدار النصف خلال العقود الثلاثة الماضية، ووصلت في الوقت الحالي إلى 18% فقط، وشهد قطاع غزة تراجع أنشطة التصنيع وأصبح اقتصاد القطاع يعتمد بنسبة كبيرةً على التحويلات الخارجية". وغير ذلك من سياسة الهدم في المناطق المصنفة (ج) للمنشآت الاقتصادية أيضا بحجة عدم الترخيص ، وتقوم اسرائيل بتضييق الخناق على المصانع والمنشآت الاقتصادية. حتى أغلقت بعض المشنآت الصناعية أبوابها وأصبحت بعض الصناعات التقليدية مهددة بالاندثار، كدباغة الجلود وصناعة النحاس والخزف مثلا، وكما حصل في بعض مصانع الأحذية في الخليل، التي تراجعت قدرتها الانتاجية بسبب التضييق عليها، وإغراق الأسواق بالبضائع الصينية والأجنبية.

أخيرا، لا بد من فرض عقوبات صارمة على من يروج البضائع الاسرائيلية وبضائع المستوطنات في الأسواق الفلسطينية، ولا بد من العمل على تنظيم عملية الاستيراد من الجانب الفلسطيني وتشديد الرقابة عليه، بما يساهم في حماية الصناعة الوطنية، وعلى غرار ما قام به المستثمرون وأصحاب رؤوس الأموال الصهاينة من شتى دول العالم، بدعم الاقتصاد الاسرائيلي والنهوض به، حتى أصبح اقتصادا منافسا ومؤثرا بسياسات الدول العظمى، لا بد من أن يقوم أصحاب رؤوس الأموال محليا وفي الجاليات، بدعم الاقتصاد الفلسطيني بكافة قطاعاته، وقد تكون التنمية بالعناقيد آلية ناجحة لتوحيد الجهود والمشاريع واستثمار رأس المال البشري والمادي، ولكنها تحتاج إلى دعم المجتمع الدولي والعربي للقطاع الخاص وللمزارعين والصناعيين الفلسطنيين، والضغط لكسر الحصار على قطاع غزة والقدس، والضغط لتسهيل إصدار التراخص للصناعيين والمزارعين والمستثمرين الفلسطينيين في المناطق (ج) بالضفة الغربية. فالنهوض بالصناعة والبنية التحتية، وتحقيق الهدف التاسع للتنمية المستدامة يتطلب إنهاء الاحتلال ودعم الاستقلال الاقتصادي عن اسرائيل بكافة الوسائل. حماية الصناعة الوطنية الفلسطينية هي الطريق الأسهل للنهوض بالواقع الاقتصادي الفلسطيني وبحل الكثير من المشاكل الاجتماعية وأبرزها الفقر والبطالة.