نشر بتاريخ: 05/12/2021 ( آخر تحديث: 05/12/2021 الساعة: 09:57 )
عقب الحرب العالمية الثانية، إنتشرت في معظم قوانين الدول الغربية قوانين تجرم معاداة السامية، بإعتبار أن اليهودية تعادل السامية. وبعيداً عن تفنيد المعنى الأسطوري الإختلاقي لفكرة السامية كونها تعني اليهود أنفسهم، وهو ليس موضوعنا في هذا المقام، نجد أن إستحقار اليهود او إستهدافهم أو إنكار الهوليكوست هي أفعال يتم تجريمها في معظم الدول الغربية. وبالطبع، فإن الجرائم النازية بحق اليهود في أوروبا وضغط الجماعات الصهيونية كانت السبب وراء تشريع مثل هذه القوانين. الا أن اللافت للنظر هو أن الجماعات الضاغطة الصهيونية في الوقت الحالي بدأت توسع مفهوم اللاسامية بشكل يثير القلق ويبتعد عن المقاصد الأخلاقية التي وضعتها الدول والمنظمات الدولية لمواجهة ظواهر معاداة السامية.
في الإطار السابق، يعرف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست (IHRA) وهو منظمة دولية حكومية، اللاسامية بأنها "نظرة معينة لليهود، والتي يمكن التعبير عنها على أنها كراهية لليهود. المظاهر الخطابية والجسدية لمعاداة السامية موجهة نحو اليهود أو غير اليهود الأفراد و / أو ممتلكاتهم، تجاه مؤسسات المجتمع اليهودي والمرافق الدينية ". والجديد في هذا التعريف هو تضمينه لأمثلة عملية على معاداة السامية، بحيث تشمل هذه الأمثلة معاداة إسرائيل وإعتبارها دولة عنصرية، وبدا أن اللاسامية في هذا التعريف تعني اللاصهيونية!. وفي إطار هذا التعريف يصبح الفلسطينيون وكل أحرار العالم المقاومين للإحتلال الاسرائيلي هم ببساطة لاساميون، وتنطبق عليهم عقوبات التجريم الدولية.
في البداية، علينا أن نشير الى أن تعريف هذا الاتحاد الدولي ليس قانونيا وانما هو تعريف عملي، ولا توجد سوابق قضائية في أوروبا حتى الآن إستخدمته في التجريم. من زاوية ثانية، فإن هذا التعريف ليس دولياً، وانما هو مقتصر على بعض الدول الأعضاء في التحالف والتي لا تتعدى الثلاثين دولة، وبالضرورة، فإن المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة ومؤسساتها لم تتبنى هذا التعريف. ومن زاوية ثالثة، فان هذا التعريف يتناقض مع القيم والقرارات الأممية التي تقر أن اسرائيل هي دولة إحتلال، وأن ما ترتكبه في الأراضي الفلسطينية المحتلة يعتبر من قبيل جرائم الحرب لاسيما فيما يتعلق بالإضطهاد والأبارتهايد.
السؤال المهم في هذا الاطار هو: ما المطلوب للعمل حتى لا يتم تعميم هذا التعريف على تشريعات الدول الغربية، ومن ثم ملاحقة الفلسطينيين والمناصرين للقضية الفلسطينية بحجة معاداة السامية. في الواقع، لا أستطيع تقديم إجابة مكتملة في هذه المقال، ولكنني أدعو بشكل عاجل الى تشكيل لجنة فلسطينية- عربية- دولية شبه حكومية (عضويتها مختلطة من الدول والمنظمات ذات العلاقة) تقوم هذه اللجنة بإعداد خطة عمل لمواجهة تعريف اللاسامية الجديد من خلال إستخدام الأدوات القانونية والسياسية والشعبية. إن إعداد مثل هذه الخطة والمضي قدماً في تطبيقها من شأنه حتماً أن يوفر حاضنة لحماية المشروع الوطني الفلسطيني والدولي المناهض للإحتلال، والذي يستهدف تحقيق العدالة للشعب الفلسطيني وتقويض إسرائيل بإعتبارها دولة إحتلال وأبارتهايد.