وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

المحافظة على حياة الأفراد وتحقيق السلم الاجتماعي والإنساني في التصور الشرعي

نشر بتاريخ: 10/12/2021 ( آخر تحديث: 10/12/2021 الساعة: 18:34 )
المحافظة على حياة الأفراد وتحقيق السلم الاجتماعي والإنساني في التصور الشرعي

د. سهيل الاحمد

فإن الشريعة الإسلامية قد جعلت الحفاظ على النفس الإنسانية من الضروريات الخمس التي يجب رعايتها من خلال نصوصها الشرعية وتقنين الأحكام التي جاء الإسلام بوضعها وتنظيمها، ويعد القتل في الإسلام من الكبائر التي تُهلك صاحبها لما في ذلك من ظلم وعدوان وهلاك وإهلاك للنفس الإنسانية والاعتداء على حقوق الناس والمجتمعات، حيث يقول الله تعالى: "وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً"، ويقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ قالوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، وَما هُنَّ؟ قالَ: الشِّرْكُ باللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بالحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَومَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلَاتِ".

والقتل في الإسلام من الخطورة بمكان لاعتبار أن الدماء هي أول ما يُقضى بها بين الناس يوم القيامة، حيث قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "لَنْ يَزَالَ المُؤْمِنُ في فُسْحَةٍ مِن دِينِهِ، ما لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا"، والقاتل في التصور الإسلامي قد توعده الله تعالى بالغضب واللعن والعذاب العظيم، حيث يقول سبحانه وتعالى: "وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا". والشريعة الإسلامية على القصاص من القاتل العمد لقوله تعالى: "وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنفَ بِالْأَنفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ ۚ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ ۚ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ"، وقوله سبحانه: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى ۖ الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنثَىٰ بِالْأُنثَىٰ ۚ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ۗ ذَٰلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ ۗفَمَنِ اعْتَدَىٰ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ"

ولقد جاء في وصايا النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على أهمية المحافظة على حياة الأفراد وتحقيق السلم الاجتماعي حيث قال في حجة الوداع: "إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا"، وعن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "المسلم من سلِم المسلمون من لسانه ويده"، أي هو من كَفَّ عنهم؛ فلا يذكُرُهم إلا بخير، ولا يسُبُّ، ولا يغتاب، ولا ينم، ولا بد أن يسلم الناس من يده؛ فلا يعتدي عليهم لا بالضرب، أو الجرح، أو أخذ المال، أو ما أشبه ذلك وهذا لتحقيق قيمة الأمن المجتمعي وإرساء العوامل المحققة للهدوء النفسي والاستقرار الإنساني، وفي الحديث: "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة"، وكذلك"والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه"، وهذا لأن "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" وهذا من تمام إنجاح عوامل الاستقرار المادي والمعنوي ودعم الهوية وتحقيق السلامة المطلوب تحصيلها بين الناس في المجتمعات الإسلامية بشكل خاص والإنسانية بشكل عام، لأن: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا".