وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

"انتفاضـة الحجارة" والمواجهـة الشعبية المفتوحة

نشر بتاريخ: 11/12/2021 ( آخر تحديث: 11/12/2021 الساعة: 18:02 )
"انتفاضـة الحجارة" والمواجهـة الشعبية المفتوحة




اربع وثلاثون عاماً مرت على انطلاق شرارة انتفاضة الحجارة، انتفاضة شعبنا المجيدة التي وحدته في معركة الخلاص من الاحتلال، التقى فيها الجميع في الميدان نساءً وأطفالاً وشيباً وشباباً، فيما كانت رايـة الوطن دائماً مرفوعة.
انتفاضة الحجارة او جنرالات الحجارة كما اطلق عليها الشهيد الرمز ياسر عرفات جاءت نتيجة حالة الوعي التي وصل اليها شعبنا حول ما يدور حوله من مخاطر جراء استمرار الاحتلال، هذا الوعي جاء نتيجة الحالة التراكمية التي بناها ابناء شعبنا الذين انخرطوا في العمل والفعل الوطني والثوري من خلال التنظيمات السياسية التي تشكلت لمواجهة المُحتل وخاصة الكوادر الذين تم الافراج عنهم في عملية التبادل التي حصلت بداية الثمنينات.
نعم أرى ان هذا الكادر لعب دوراً هاماً في إدارة هذه الانتفاضة كان لوحةً فنيةً تشكلت قوامها أبناء الشعب الواحد الذي استخدم كل الوسائل المُتاحة بين أيديهم وفرضوا مُعادلتهم على الأرض من خلال برنامج نضالي مُقاوم نسجته القيادة الوطنية الموحدة التي تشكلت فور انطلاق الشرارة الأولى لهذه التورة العارمة والتي وصلت الى كل شبر من الأراضي المُحتلة : المُدن والبلدات والقرى والمخيمات.. برنامج أربك قادة الاحتلال وجعلهم يتخبطون في وضع السياسة التي من شأنها وقف هذه الانتفاضة، - فلا سياسة القتل ولا الاعتقال ولا هدم البيوت ولا الإبعاد ولا حتى سياسة تكسير العظام أوقف زحف الجماهير المُتعطشة للحرية والاستقلال - فقد أصبحت المقاومة نهج حياة يومي لأبناء شعبنا وقُسمت المهام بين مجموعات المقاومة وتوزعت الأدوار على الجميع .. والأهـم هنا هو أن الانتفاضة المجيدة حققت نجاحات على الصعيدين الوطني والاجتماعي : فعلى الصعيد الاجتماعي أصبحت القوى الوطنية والتي كان يمثلها "الملثم" يضبط الأمور الحياتية للمواطنين من فتح المحال التجاريـة وإغلاقها وتنظيم ساعات العمل والإضراب وحل كل الخلافات بين الناس والضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه العبث بمقدرات الشعب وكانت القوى الضاربة بمثابة الحارس الأمين على أمن وسلامة شعبنا الفلسطيني وكانت العين الساهره المرابطة على الثغور للتصدي لاية محاولات اقتحام حيث سجل أبطال الانتفاضة ملاحم بطولية في التضحية والفداء .
على الصعيد السياسي حققت الانتفاضة انجازاً عظيماً بإرغام دولة الاحتلال بالإعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي لشعبنا في كافة أماكن تواجده، واعترفت بحق شعبنا بأرضه وبحقوقه وقد استمرت هذه الانتفاضة حتى إقامة أول سلطة فلسطينية على الأرض الفلسطينية بفعل قوة الردع التي امتلكها شعبنا وقواه وتنظيماته وبفعل حالة الوحدة والتوحد والتمترس في خندق الدفاع عن الوطن ، في ظل معاناة شعبنا من ويلات الاحتلال وبطشه وأصبحت ظاهرة العمالة من خلال ما يُسمى "روابط القرى" تُشكل خطراً على نسيجنا الوطني والاجتماعي، فيما جاءت الانتفاضة لتُعيد شعبنا الى الطريق الصحيح طريق المقاومة ورفض الاحتلال واجتثاثه من أرضنا وإنهاء ظاهرة العملاء الذين بعد أن كانوا يتبجحون في الشوارع أصبحوا يختبئون خوفاً على حياتهم وأعلنوا عن توبتهم وعودتهم الى صف ابناء شعبهم، وكذلك قضت الانتفاضة على كل مظاهر الانحلال الخُلقي، ومنعت السكر والمُخدرات وحرمت المساس واللعب بأعراض أبناء شعبنا وبناته، وتعاملت مع السقوط الأخلاقي بجدية السقوط الأمني وبالتالي حصنت أبناء شعبنا من كل محاولات دولة الاحتلال ضربه من العُمق وإفراغه من محتواه .
كم نحتاج الى انتفاضة يتوحد فيها شعبنا تحت رايـة الوطن لنخوض معاً مواجهة شعبية مفتوحة مع المحتل لإرغامه على الاستسلام والتسليم بحقوق شعبنا لنعيش في ظل دولتنا الفلسطينية المُستقلة والقدس عاصمتها الأبدية.
• كاتب وسياسي