|
يعزي أبطال الإنتفاضة الكبرى
نشر بتاريخ: 13/12/2021 ( آخر تحديث: 13/12/2021 الساعة: 14:29 )
ينشغل يامن نوباني، كما لم يفعل أحد من قبل، بلملمة الحكايات المنسية، والالام التي ظلت تنوح دون أن يسمعها أحد ، وبالآمال التي ظلت عالقة في شوارع البلاد، وأبت أن تعود الى البيت. يركض الآن بشغف خلف صدى أصوات هتافات الأولاد والبنات، حين إندلعت الأرض بكامل خيرها عام 1987 ، الهتافات التي شقت السماء وهي تنشد التحرر والاستقلال، فيما كان يامن بأيام عمره القليلة مأخوذاً بالصوت الجماعي ، محفزاً مخيلته لرسم مستقبل آخر غير الذي شب فيه. بإخلاص وثقة، رغم فداحة الانتكاسات، واصل يامن النوباني بحثه ، غير آبه بالساعة التي يتساقط رملها، وبالزمن الذي يمر، وبإبتعاد الناس عن حكايا الإنتفاضة الكبرى، واصل بإيمان أبدي ، قناعته بأن الوصايا التي ظلت في شوارع الوطن وتحت شبابيك بيوتاته الفقيرة، في تلك السنوات المجيدة التي أعقبت لحظة إندلاع الانتفاضة ، مسؤوليتة شخصية ، لا يستطيع الإفلات منها . كلما رأيته ، لاحت في عينيه أسئلة قديمة ، وناستالجيا لا يمكن أن تتوقف ، نحو تلك الأيام ، التي قال فيها الفلسطينيون كلمتهم الأشد وضوحاً بعد عشرين عاماً كاملاً من الاحتلال . يبحث يامن ، عن قصص الحب التي ولدت هناك ، أثناء المواجهات ، عن نظرات الحب التي تقاطعت مع الرصاص ، عن وعود لم تجد طريقها للتحقق لأن الرصاص أخذ الرفاق الى التراب، عن البطولات التي لم يعرف عنها أحد ، عن بساطة القول والفعل في تلك الايام التي كانت واعدة ،عن أشرطة الأغاني التي اندثرت، وبوسترات الفصائل، وجرائد الحيطان. رواية " ننعى اليكم" ، التي كتبها يامن النوباني ، ربما هي وثيقة تعزية، أكثر من نعي، للذين عاشوا تلك الأيام ، بأن ثمة جيل جديد مثل يامن ، يعود الى هناك ليحمي الذاكرة ، ويحفظ ما حاول الزمن مسحه والغاءه. ولد يامن قبل الانتفاضة الكبرى بعام واحد ، وظل يعيشها الى الآن ، حتى صارت هاجسه الدائم . صار قلبه مدرباً على حفظ الأمانة ، التي بدأ روايتها الآن . بإتظار أن يفتح للبوح حجرات قلبه الأربع ، دون مواربة . |