|
الإمارات تستقبل بينيت وفلسطين تدفع الثمن
نشر بتاريخ: 16/12/2021 ( آخر تحديث: 16/12/2021 الساعة: 13:13 )
لعل المفاجأة في زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، إلى دولة الإمارات أنّها لم تكن مفاجئة ولا مستغربة، ولم تحظ حتى ببيان استهجان من أي طرف عربي وازن، على الرغم من أنها كانت أوّل زيارة علنية لرئيس وزراء إسرائيلي إلى دولة خليجية. من الواضح أن تعميق وتطوير وتوسيع العلاقة بين الإمارات وإسرائيل، وبالأخص في الجانب الأمني والعسكري، هو استفزاز لإيران، التي لا بدّ لها من أن ترى في ذلك خطرا عليها، وبالتالي تقوم بخطوات لحماية نفسها والدفاع عن مصالحها. صحيح أنها تتحمّل قسطا كبيرا من المسؤولية عن تدهور علاقاتها العربية، إلّا أن ذلك لا يبرر تحالف الإمارات بإسرائيل وجعل نفسها عرضة لردود فعل إيرانية ضد «إسرائيل وحلفائها» بل إنّ إيران تستسهل ضرب «حلفائها» قليلي الحيلة، عوضا عن التورّط بمواجهة عسكرية مع إسرائيل نفسها. من هنا فإن الارتباط بإسرائيل هو مصدر خطر أمني جدّي للإمارات، ولن تقلل من هذا الخطر شطارة دبلوماسية تدعيها القيادة الإماراتية، لأن أهم مصادر هذا الخطر هو مآلات التوتّر القائم بين إسرائيل وإيران، ومقدار تورّط الإمارات في هذا التوتّر. كان استقبال رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينيت، في أبو ظبي هذا الأسبوع استفزازا جديدا لإيران ورسالة معادية للشعب الفلسطيني، ولن تغطّي عليه أو تقلل من خطورته، التحرّكات الدبلوماسية والسياسية للإمارات، التي شملت زيارة لمستشار الأمن القومي طحنون بن زايد لإيران، ولولي العهد محمد بن زايد، إلى تركيّا، ولوزير الخارجية، عبد الله بن زايد، إلى سوريا، إضافة إلى الانسحاب من اليمن والانضمام إلى المصالحة الخليجية مع قطر، وتطوير العلاقات مع الصين وروسيا. تسعى قيادة الإمارات إلى إعادة رسم تموضعها الإقليمي والدولي عبر تحرّكات أفقية، بالانتقال من موقع إلى آخر وبملائمة المواقف للمواقع الجديدة. وقد انتاب إسرائيل خوف من أن تطالها التقلبات الإماراتية، فجاء بينيت في زيارة والتقى بولي العهد محمد بن زايد، وعاد مطمئنا ومتفائلا بأن العلاقة تسير باتجاه عمودي نحو الأعمق، وأن القيادة الإماراتية ثابتة في تحالفها مع إسرائيل على حساب فلسطين. لا نعرف بالضبط ما الذي همسه محمد بن زايد في أذن نفتالي بينيت، وهل حصل الأخير على مبتغاه من الزيارة؟ لكن هناك بعض الأمور من المؤكّد أن بينيت قد حقّقها، وهناك ما ستكشفه الأيام. ولعل أهم إنجازات بينيت هو الزيارة بحد ذاتها، التي تشكّل إنجازا كبيرا لإسرائيل ولنفتالي بينيت شخصيا، فهي إثبات أن اتفاق التطبيع بقي «صامدا» حتى بعد الإطاحة بمهندسَيه، بنيامين نتنياهو ودونالد ترامب. ومن المهم الإشارة إلى ما نشر في كتاب صدر مؤخّرا للصحافي الإسرائيلي براك رفيد من أن سفير الإمارات في الولايات المتحدة يوسف العتيبة، أبلغ جيرالد كوشنير، صهر ترامب ومستشاره السياسي، أن محمد بن زايد مستعد للتطبيع مع إسرائيل، وذلك في آذار/مارس 2019، أي قبل الحديث عن الضم وصفقة القرن، ما يعني أن القيادة الإماراتية اتخذت قرارا استراتيجيا لا يتعلّق بالتطورات السياسية العابرة. ولعل أكثر ما أثار تفاؤل بينيت هو البعد الشخصي، حيث اطمأنّ إلى أن العلاقة مع الإمارات لن تتراجع في عهده، ما يحميه جزئيا من انتقادات نتنياهو، الشبح الذي يلاحقه في كل مكان ويشكّل اعتباره الأول في كل حركة سياسية يقوم بها. وكانت الزيارة بالنسبة له فرصة إضافية مهمّة للظهور كقائد سياسي وكفاعل إقليمي لا يقل عن نتنياهو.
|