نشر بتاريخ: 30/12/2021 ( آخر تحديث: 30/12/2021 الساعة: 20:26 )
إكرام التميمي
ونحن نودع عام؛ ويستعد العالم لإستقبال عام جديد، مشهد مصير الحركة الأسيرة يزداد غموضا، ويكاد الأمل يغادر من قلوب لطالما حلمت بالحرية، في ظل استمرار الصمت الدولي عن جرائم الإحتلال الإسرائيلي ضد شعب أعزل، حيث تتزايد انتهاكات حقوق الإنسان على مرأى وتحت سمع العالم الذي ينادي بالعدالة والحريات للأفراد، وحق الشعوب في تقرير المصير.
مجموعة من المبادىء والمواثيق والمعاهدات التي أبرمت بين الدول، لا مجال هنا لتذكير القراء بها، وهي ليست بجديدة، وإنما هي متجددة؛ نشاهد في الصراعات والنزاعات الدولية تصدع الحناجر وتتداعى المطالبات بتوفير الحماية للشعوب والأفراد من أتون النيران وجرائم الحروب وضرورة توفير الحماية للمواطنين في اوطانهم وعدم المساس بالحياة والكرامة الإنسانية.
ويفرغ الصواب من صدق المحتوى في ظل الخلل في منظومة العدالة التي يطمح لها الضحايا، حينما يتم الكيل بأكثر من مكيال تجاه ما يحدث للشعب الفلسطيني، وتحديدا الجرائم ضد الأفراد والجماعات والشعوب التي تناضل وتطالب بالحرية.
وتأتي في ذات السياق، معاناة عائلات هؤلاء الذين تغول عليهم الإحتلال في إيقاع شتى الوسائل لتكميم الأفواه وتكبيل الأطراف واعتقالات تعسفية، ودموية مفرطة وغطرسة وقرصنة على مقدرات ليست له، وإنما هي بقوة سلطة الإحتلال وآلة البطش، وفي تجاوز سافر لكافة القرارات الدولية، ويتم القفز على المواثيق وقرارات الشرعية الدولية، وكافة المبادىء والمواثيق والمعاهدات وتنتهك كافة حقوق الإنسان في دولة فلسطين المحتلة .
سياسة ممنهجة ومتواصلة منذ عام 1948 حيث تم مصادرة كافة حقوق الشعب الفلسطيني، والإعتداءات مستمرة على كل حقوق الإنسان؛ السياسية والإقتصادية وتتم مصادرة الحق بالحياة والعيش الكريم، ويحرم الفلسطينيون من التمتع بكافة احتياجات البشرية جمعاء الجسدية والعقلية والنفسية والمعنوية والثقافية والإجتماعية، ويفتقد الأمن والسلام، وحتى اليوم لم يتم ضمان البيئة الطبيعية بتوفر مصادر حصوله على( المياه، الغذاء، والدواء،..إلخ) .
الأمن السياسي والإجتماعي وحرية الفرد بممارسة كافة حقوقه سواء الحاجات الطبيعية من غرائز وجدت لتستثمر في زيادة النسل والحرث وليتم إسكان البسيطة ببشر جميعا سواسية .
وتزداد معاناة عائلات الحركة الأسيرة في كل الأوقات والظروف.
أفراحنا منقوصة؛ هكذا تحدث الإبن الأكبر ووالد العروسة بسام صدقي الزرو التميمي؛ هي الحفيدة الأولى للأسير التميمي، والتي ولدت وجدها بالأسر وها هي تزف عروسا دونما ان يشاهدها جدها، قال ابو صدقي مضيفا: في كل نبضة فرح وجع حتى الألم، ومشهد الحاضر الغائب، هذه حال أفراح عائلة الأسير التميمي من الخليل، والمعتقل منذ عقدين من سنوات عجاف، احتفل والدي بحفل زفافي وأنا نجله الأكبر، وهو مطارد من قبل الإحتلال، وليتم اعتقاله من منزله عام ٢٠٠٢، لم يتذوق حلاوة ان يفرح بقدوم الحفيد الأول، ولم يعانق الأحفاد، ولا يعرف سماتهم ولم يقم بعناقهم، بعد زواجه رزق من الأبناء والبنات ثلاث عشر ، تزوج ١٢ منهم بعد اعتقاله على مدار اعوام اسره، وها هي حفيدته الأولى تزف هي الأخرى دونما أن يسمح لها الإحتلال بلقاء او زيارة لجدها في الأسر، ففي قوانين الإحتلال للأسرى الأمنيين لا يسمح بالزيارة إلا لأقرباء الأسير من الدرجة الأولى أي الأم والأب والزوجات والأبناء والأخوة والأخوات، ومن دون ذلك لا يسمح لهم الزيارة قطعيا.
وتضيف والدة الأسير فايزة صندوقة،ثلاث عشر حفلا من المفترض أن ينعم فيها الأهل والأقارب بالسعادة، ولكنهم يمسحون الدموع الجارية من مدامعهم كما الشموع المضاءة بالأفراح مضيئة ومن شعلتها الذائبة تحترق لإضافة النور لمن حولها.
وتقول والدتي:الموت علينا حق، رحل زوجي عن عالمنا وبقيت لنا الذكريات، نعم، والد الأسير صدقي التميمي؛ رحل عن الدنيا ودونما وداع، وهو الجريح برصاص غدر الإحتلال في انتفاضة عام ١٩٨٧، وبقى يعاني سنوات حيث خضع للعديد من العمليات الجراحية على أمل أن يخرج إبنه من الأسر ويعانقه وهو بعافية وصحة، ولكنها إرادة الله تنفذ، ولم يتعانقا وحرم الجميع من اكتمال حضور الجميع وداع ميت حاضر لا يموت، هو حاضر في ذاكرة إبني الأسير صدقي يعانقه كيف يشاء ومتى شاء وحدهما في غياهب وعزل وظلمة السجان و السجون، والله المستعان .
لك الله يا أخي وصبرا يا أماه، ولله المشتكى، عن اي أفراح تتحدثون ووجه أخي مغيب بالسجون في غياهب الظلم، وحيث ذاكرته أظنها تستحضر كل يوم على جدران صماء صورة والدي مسجى وأمي تبكي والجميع يذرفون الدمع والقلوب تئن من الم الفراق وكيف يوارى جثمان والد كان ندائه الأخير أين صدقي؟ هل حضر؟ ام هو في قبضة السجان أسير مقيد بالأغلال.
أمي؛ هي الأخرى حكايات من الصبر يعجز الصبر عن صبرها، صمدت وهي تتمنى وتتضرع للرحمن ان يمن على إبنها الأسير بالحرية، ولتعانقه ثانية دون قيود، ولكنها تكاد تفقد صبرها في ظل حيوات لها ولمن يحبهم قلبها، الأبناء والبنات، والحفيدات والأحفاد، تجاوز أبناء واحفاد الأسير التميمي خمسون فردا من العائلة، وحفلات للأقارب وفرحتها لا تكاد تشعر بها، وعيونها من كثرة البكاء كادت هي الأخرى لا تبصر الرؤية الواضحة، في مخيلتها كل الوجوه هي وجه فلذة قلبها الأسير صدقي، وكل أجواء الأرض الطهور رياحها هي ريح إبنها.
فكيف هي الأفراح؟ والسجون تغلق أبوابها على فلذات أكبادنا، ومحاطة بأسوار، وجدران صماء باردة عفنة كريهة تأكل وتشرب من حيوات وأجساد أبناء الحركة الأسيرة.