وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

١٤ مليون فلسطيني… لعنة كنعان

نشر بتاريخ: 04/01/2022 ( آخر تحديث: 04/01/2022 الساعة: 10:18 )
١٤ مليون فلسطيني… لعنة كنعان




أعلن مركز الاحصاء الفلسطيني أن عدد الفلسطينيين بلغ في نهاية عام ٢٠٢١ عشية رأس السنة الجديدة ١٤ مليون نسمة في الوطن والشتات، وأن نسبة الأعمار الفتيَّة ، ( ١٤ سنة ) في نهاية عام ٢٠٢١ بلغت ٣٨٪؜ من مجمل عدد السكان في فلسطين ، هذه الإحصائية أسقطت نظرية إبادة الكنعانيّ الفلسطيني كما رسمها العبرانيون في أساطيرهم ، وتهدمت نظرية احتلال أرض الغير واستبدال شعب بشعب وثقافة بثقافة .
بعد ٧٤ عاماً من قيام دولة الاحتلال الصهيوني لا تزال لعنة كنعان الفلسطيني تطاردهم في الجغرافيا والديمغرافيا وفي الوفيات والمواليد، وفي الزمان والمكان ، فقد فشل الغزاة الصهاينة من تجريد الأرض من روح الجسد الكنعاني المتوالد والمتجدد والمقاوم والمنتفض والصامد والمشتعل والمتمسك بوجوده وبإيمانه بالحرية والاستقلال .
ما هذا الكنعاني الخارج من نكبة ومجزرة ومذبحة ؟ يتساءل آباء التدمير الجماعي الصهاينة ، يتكاثر الكنعانيون ، يضعون في رحم المستقبل فتية شجعان ، يولدون بكوفياتٍ رقطاء ومقاليع وحجارة ، فتية مختلفون جريئون ،يتحدون الحواجز العسكرية ، يتصدون للجنود وللمستوطنين الطغاة ولمستوطناتهم، كل أيامهم مواجهات ، في ساحة المدرسة ، في الجامع والكنسية ، في الشارع ، في الجبال والوديان ، في القرى والجنازات ، فتية مخلوقون من ذاكرة ملتهبة ، يقيسون أعمارهم بأعمار الشجر وبأنفاس انتفاضة قادمة .
في كل شهر يتنبأ المحللون العسكريون في دولة الكيان المحتل بهبة فلسطينية تلوح في الأفق ، يشاهدون أمواج الفلسطينيين تغمرهم وتغرقهم ، العقل الصهيوني مصاب بهوس الفلسطيني الكنعاني، لم يختفِ هذا الفلسطيني من الوجود كما حسبوا ، لم تنفع سياسة القتل والاستباحة والتعذيب والعزل والتطهير الماديّ والثقافيّ ، لم يتحول الكنعانيون إلى أقلية أو موتى كما توقعت لغة السياسة والأدب والجريمة واللاهوت العبري .
الكنعاني الفلسطينيّ لم يتنازل عن حقه في البقاء والحياة والتحرر والسيادة على أرض وطنه ، أعدموه آلاف المرات ، فقام من الموت ، سجنوه وقيدوه فحفر نفقاً وعانق فضاء السماء ، ضربوه وعذبوه فخاض إضراباً حتى كسر السلاسل بحفنةِ ملح وقطرة ماء ، الكنعانيّ في كلِّ الاتجاهات ، لم تستطع منظومة القمعِ والتشويه صهر الوعي ومحوه ودفنه في الغياب ، اختل ميزان الوفيات والولادة ، لم يستطع رب التوراة المسلح وخرافة شعب الله المختار من تسويغ تدميره لإقناعه بشرعية عبوديته ، الضحايا ينتشرون في مسامات الأرض والهواء ، في دولةٍ مغتصبة محشورة بين الجدران والأسلاك الشائكة ، دولة الطغاة والأكثر عنصرية وفاشية في تاريخ المنطقة .

١٤ مليون فلسطيني خرجوا من المعسكر الذي بناه المحتلون ، إنهم الكنعانيون الذين ، رفضوا أن يتم التعامل معهم بلا حقوق قومية وسياسية ، رفضوا أن يصنفوا بأشباه البشر الذين يستحقون الأذلال أو الموت ، رفضوا أن يحتل الشواذ من المستوطنين أراضيهم وينهبوا أرزاقهم ويدنسوا أماكنهم الدينية المقدسة .

١٤ مليون فلسطيني هدموا السور الصهيوني وفجَّروه ، وكما تنبأ الصحفيّ الأمريكيّ " بنيامين شفارتس" بأن الديمغرافية الفلسطينية ستقود إسرائيل الى الخراب ، لا يمكن السيطرة على الفلسطينيين على المدى الزمني ، اسرائيل المحتلة تسير نحو الانتحار ، الرحم الفلسطيني هو قنبلة موقوتة ، انظروا ها هي القنبلة تنفجر في كل مكان في فلسطين من غزة إلى الضفة والقدس واللد والرملة والناصرة .
١٤ مليون فلسطيني انقلبت المعادلة ، شعب أكثر وأرض تزلزل أثقالها ، لم يعد هناك تفوق ديمغرافي لليهود في أرض فلسطين ، السلب والنهب والطرد والتشريد لم ينتج دولة يهودية نقية خالية من الفلسطينيين ، الرحم الفلسطيني يفزع قادة المشروع ما بين البحر والنهر ، مجتمع المهاجرين الغزاة يضيق .
أنا خائف ، أنا موجود ، هذا هو شعار الاسرائيليون المحتلون الآن ، يجب صناعة أعداء ، يجب صناعة الخوف وشن حروب جديدة ، دولة الكيان الصهيوني غير قابلة للحياة ، لهذا أصدروا تعليمات صادمة مع نهاية عام ٢٠٢١ للجنود الاسرائيليين بإعدام وقتل الفلسطينيين ، مزيد من القتل بلا رحمة ولا اعتبارات انسانية وقانونية ، لاحقوا شبان الحجارة وازرعوا الرصاص في صدورهم ، أحصدوهم ، مزيد من الاعتقالات، مزيد من الجرائم في صفوف أهالينا في مناطق ١٩٤٨ ، لقد فشل مشروع الأسرلة ، لا نريد أن نرى هبة الكرامة مرة أخرى في النقب والجليل وعكا ، هذا هو صوت دولة اسرائيل المحتلة في السنة الجديدة .
١٤ مليون فلسطيني نجوا من أطول وأدمى إبادة في التاريخ البشري ، شهداء وأسرى ومبعدين ولاجئين، مصادرة أراضي وهدم بيوت ونهب للثروات والممتلكات ، مستوطنات ومستوطنين ، حروب متتالية ، أطنان القنابل فوق المنازل ورؤوس السكان المدنيين ، حرب على الوعي والثقافة والرموز والذاكرة ، كل ذلك كان كفيلاً أن يقضي على الشعب الفلسطيني آجلا أم عاجلاً ، أن تنسف كيانه وتدمر قواعد وجوده وحضارته .
١٤ مليون فلسطيني انتصروا على سياسة الاقتلاع والاخضاع والتعرية الثقافية والروحية ، نهضوا ، رسموا دولتهم في الأمم المتحدة ، رسموا خطواتهم التي تبدأ وتنتهي في القدس العاصمة ، نهضوا في كل حيٍ وزقاق ، ورفعوا علم فلسطين بألوانه الأربع ، تفوقوا في العلم والابداع والتعليم والمقاومة ، امتلأت الساحة والمدرسة والجامعة ، حافظوا على أسمائهم الكنعانية وأديانهم وأنظمتهم وتقاليدهم وحياتهم الإنسانية .
١٤ مليون فلسطيني كنعاني مع مطلع العام الجديد ، الوعاء الفلسطيني أوسع من دولة مستعمرة ومن روحها المتطرفة ، الحضور العالي في الأرض والسماء وأبعد ، الحضور العالي في الحياة الدنيا وفي الآخرة ، الحضور الإنساني الذي يعلو على شهوةِ الانتقام الصهيوني ، هي لعنة كنعان الفلسطيني ، طائر الفينيق ، الشبح الذي يطارد القاتل في النوم وفي اليقظة .