|
الجانب غير المعلن في حادثة الإعتداء على الكنيس اليهودي في تكساس
نشر بتاريخ: 23/01/2022 ( آخر تحديث: 23/01/2022 الساعة: 13:00 )
إحتل الهجوم مساء يوم السبت الموافق 15/1/2021، على كنيس (بيت إسرائيل) في مدينة كوليفيل بولاية تكساس الأمريكية مساحة واسعة من تغطية وسائل الإعلام الأمريكية والإسرائيلبة، وذلك على اثر مقتل مسلح بريطاني من أصل باكستاني على يد أفراد الشرطة الأمريكية، كان قد تمكن من إقتحام الكنيس اثناء صلاة السبت/الأحد وإحتجاز أربعة من المصلين، وإشتراطه الإفراج عنهم بإطلاق سراح مواطنة باكستانية أطلقت عليها الصحافة الأمريكية في حينه وصف (سيدة القاعدة)، حيث كان الجيش الأمريكي قد اعتقلها في أفغانسان، وحكمت عليها محكمة فيدرالية في نيويورك العام 2010، بالسجن لمدة 85 سنة. حيث تناولت وسائل الإعلام المشار اليها الحدث كعمل إرهابي تحركه ثقافة اللاسامية, التي تشير جهات رسمية وغير رسمية إسرائيلية أنها بدأت تشهد تصاعداً حول العالم مؤخراً، لا سيما في الولايات المتحدة الأمريكية، وكان الرئيس الأمريكي بايدن قد وصف خلال مؤتمر صحفي له يوم الإثنين الموافق 17/1/2021، حادثة إفتحام الكنيس من قبل المواطن البريطاني/الباكستاني (مالك فيصل أكرم) بالهجوم الإرهابي، مؤكداً في نفس الوقت أنه "لا يعرف الدافع المحدد للهجوم أو السبب المحدد لإستهداف المعبد اليهودي من قبل المهاجم". من جهته, الخارجية الإسرائيلية سارعت بتوجيه كل من السفارة والقنصليات الإسرائيلية في أمريكا بربط الحدث بمعاداة السامية، وفي تغطيتها كذلك للحدث حملت الصحف الإسرائيلية الناطقة بالعبرية والإنجليزية عنوان "معاداة السامية تضرب المعبد اليهودي في تكساس". اللافت هنا أن أي من الخطاب الإعلامي الأمريكي والإسرائيلي لم يأتي على ذكر بطل القصة الحقيقي ودوره في تحرير الرهائن، وهو هنا أحد الرهائن حاخام الكنيس (تشارلي سيترون ولكر) الذي بادر بضرب المهاجم بمقعد مما أفقده توازنه، الأمر الذي من جهة سمح للرهائن بالهروب، ومن جهة أخرى لقوة الشرطة بالإقتحام. أما لماذا لم يحتل اسم الحاخام تشارلي مساحة في الإعلام الذي غطى حدث الكنيس، فقد ذكرت بعض التقارير الأمريكية أن الحاخام لديه مواقف معروفة ومعلنة ضد إسرائيل، حيث يعتبرها دولة أبارتايد وتفرقة عنصرية، الأمر الذي أدى الى إنقسام رواد المعبد إلى فريقين الأول معارض للسياسة الإسرائيلية العنصرية ضد الفلسطينيين، والثاني مؤيد وداعم لهذه السياسة، وأضافت التقارير أن مجلس الكنيس قد قرر عدم تجديد عقد الحاخام الشاب نتيجة لهذا الموقف مما اضطره لتقديم إستقالته من وظيفته كحاخام المعبد في الخريف الماضي. تجدر الإشارة هنا أن موقف الحاخام تشارلي لم يتغير من إعتبار إسرائيل دولة أبارتايد بعد أن وقع رهينة داخل المعبد على اثر الهجوم عليه من أحد الشبان المسلمين، مما يعني أن إسرائيل فعلاً هي دولة أبارتايد من وجهة نظر نسبة عالية من اليهود الأمريكان، وأن شعارات مثل معاداة اليهود واللاسامية لم تعد قادرة على وقف تنامي حقيقة أن إسرائيل دولة أبارتايد وفصل عنصري، لا سيما في أوساط اليهود الأمريكان، وقد تجلت هذه الحقيقة من خلال نتائج إستطلاع للرأي كان قد طبق العام الماضي 2021 في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أظهرت نتائج هذا الإستطلاع أن 25% من اليهود الأمريكان يعتبرون إسرائيل دولة أبارتايد، وترتفع هذه النسبة الى 38% في أوساط الشباب دون سن 40 سنة. ومن الملاحظ هنا أن هوس الشعور بالقوة لدى اليمين المهيمن على النظام السياسي الإسرائيلي والذي يجد تجلياته في السلوك الميداني الإسرائيلي ضد الفلسطينيين يعزز من نمو وتصاعد هذا الإتجاه ويساعد من وتيرة إنزلاق إسرائيل نحو الدولة الواحدة العنصرية، وفي هذا الشأن تقدم صور إعتداءات المستوطنين البشعة على الفلسطينيين والمتضامنين معهم من بعض الإسرائيليين اليهود في قرية بورين يوم الجمعة الماضي وكذلك الإعتداءات على سكان النقب من البدو، وعلى سكان القدس خاصة على عائلة صالحية قرائن دامغة وموثقة على أن إسرائيل قد قطعت شوطاً طويلاً نحو نموذج الدولة العنصرية. يظهر ما تقدم أن مفاهيم اللاسامية والنازية التي يقوم عليها الخطاب الإسرائيلي في إسكات كل من يعارض إسرائيل، لم تعد ترعب وتخيف رجال الدين والمثقفين ورجال الفكر والإعلام حول العالم من إعتبارهم علناً إسرائيل دولة أبارتايد، ويأتي تضامن 40 من مشاهير هولويد مع الفنانة المشهورة (إيما واتسون) بعد تعرضها لهجوم مركز من قبل الصحافة المؤيدة لإسرائيل على اثر إعلانها التضامن مع الشعب الفلسطيني عبر رفعها شعار التضامن فعل ( Solidarity is a verb) وكذلك مقاطعة مهرجان سيدني نتيجة لتبرع السفارة الإسرائيلية لدى أستراليا بمبلغ زهيد للمهرجان، كقرائن لا تقبل الدحض أن قطار ربط إسرائيل بمفهوم الأبارتايد الذي يستوجب العقاب والإسقاط قد إنطلق بقوة ولم يعد للقوة العسكرية والإقتصادية والتكنولوجية الإسرائيلية وحلفائها القدرة على وقفه قبل أن يصل محطته النهائية وهي إسقاط إسرائيل كدولة عنصرية تماماً كما جرى مع النظام العنصري في جنوب أفريقيا العام 1991. وفيما تنظر إسرائيل, لا سيما مؤسسات التقدير الإستراتيجي فيها بعين القلق لهذا الإتجاه في إعتبار إسرائيل دولة أبارتايد في أوساط المجتمعات الغربية خاصة الأمريكية والبريطانية والأسترالية والكندية لما ينطوي عليه هذا الإتجاه من تهديد للأمن القومي الإسرائيلي، ينظر الفلسطينيون لهذا الإتجاه كنقطة تحول في نضالهم نحو الحرية والعيش الكريم، إذ يؤسس هذا الإتجاه لمسار جديد في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، الأمر الذي يفرض على الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده تكريس جل جهده وطاقته وإمكانياته في تطوير هذا المسار، كونه يعظم من مكاسب الفلسطينيين، ويزيد بالمقابل من مخاسر إسرائيل، وأجادل هنا أن هذا هو عنوان الصراع قي فلسطين الآن وفي قادم الأيام. |