وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

تفاؤل بإمكانية إعادة نمو الأطراف البشرية بعد نجاحها في "الضفادع"

نشر بتاريخ: 30/01/2022 ( آخر تحديث: 30/01/2022 الساعة: 10:48 )
تفاؤل بإمكانية إعادة نمو الأطراف البشرية بعد نجاحها في "الضفادع"


بيت لحم-معا- تمكن فريق علماء من جامعتي "تافتس" و"هارفارد" من استخدام مزيج من الأدوية في تجديد ساق ضفدع بالغ، وهو ما يفتح باب الأمل أمام إجراء تجارب جديدة تستهدف إعادة تجديد الأعضاء المفقودة في البشر، سواء بسبب الأمراض مثل السكري، أو الحوادث والحروب.

ولكن لا يزال هناك العديد من الخطوات أمام بدء تلك التجارب والتي ربما تستلزم سنوات لنقلها للممارسة السريرية على البشر.

وذكرت دراسة نُشرت في مجلة "ساينس أدفانسس" أن الضفادع البالغة لا تستطيع بطبيعة الحال تجديد أطرافها المفقودة، لكن مزيج من 5 أدوية تم وضعها في ضمادة حيوية من السليكون ألبسها العلماء لضفدع فقد ساقه، مكنت الضفدع من بناء الساق المفقودة في غضون شهور.

وأشارت الدراسة، إلى أن الضفدع لم يستعد الوظيفة الشكلية فحسب، وإنما استعادت الساق الجديدة أيضاً فعاليتها الوظيفية، وأصبح الضفدع قادراً على التحكم فيها بشكل كامل بعد مرور 18 شهراً فقط.

وتمكن العلماء في جامعة "تافتس" من مساعدة ضفادع إفريقية مخلبية على تجديد سيقانها بالكامل من خلال تغليف الجرح بغطاء سيليكون يسمى "بايودوم"، ويحتوي على هلام بروتين حريري محمل بكوكتيل يضم 5 أدوية حقق كل منها غرضاً مختلفاً، فمنها ما ساهم في الحد من الالتهاب، وتثبيط إنتاج الكولاجين الذي قد يؤدي إلى التندب، وتشجيع النمو الجديد للألياف العصبية والأوعية الدموية والعضلات.

وأوضحت الدراسة، أن الجمع بين الأدوية ووجودها داخل قبة السليكون الحيوية أدّى إلى توفير بيئة مغلقة تحتوي على مجموعة من المنشطات التي تدعم عملية التجدد وقلبت المقاييس بعيداً عن الميل الطبيعي لإغلاق الجذع بالأنسجة الندبية غير المتبلورة في شكل محدد.

ولاحظ الباحثون نمواً كبيراً في الأنسجة في العديد من الضفادع المعالجة، ما أدّى إلى إعادة تكوين ساق تعمل بكامل طاقتها تقريباً.

حركة طبيعية

وكانت للأطراف الجديدة بنية عظمية ممتدة بسمات مشابهة للبنية العظمية للطرف الطبيعي، وتكملة أغنى من الأنسجة الداخلية (بما في ذلك الخلايا العصبية)، ونمت عدة "أصابع" في نهاية الطرف، على الرغم من عدم وجود دعم من العظام الأساسية، وتحرك الطرف الذي نما مجدداً واستجاب للمنبهات مثل لمسة من ألياف صلبة، وتمكن الضفدع من الاستفادة منها للسباحة في الماء، متحركاً مثل الضفدع العادي.

وقال العلماء إنه "من المثير أن نرى أن الأدوية التي اخترناها كانت تساعد في تكوين طرف شبه كامل، وتشير حقيقة أنه لم يتطلب سوى تعرض قصير للعقاقير لبدء عملية تجديد لمدة شهور إلى أن الضفادع وربما الحيوانات الأخرى قد تكون لها قدرات تجديد خامدة يمكن تفعيلها".

واستكشف الباحثون الآليات التي يمكن من خلالها أن يؤدي التدخل لوقت قصير إلى نمو طويل الأمد.

واكتشف العلماء في غضون الأيام القليلة الأولى بعد العلاج، تنشيط المسارات الجزيئية المعروفة التي تستخدم عادةً في الجنين النامي لمساعدة الجسم على التشكل تماماً بالطريقة التي يُجدد بها السلمندر (ذوات الذيل) أطرافه.

ويمكن أن يسمح تنشيط هذه المسارات بتنظيم الأنسجة ليتم التعامل معها من قبل الطرف نفسه، على غرار الطريقة التي تحدث في الجنين، بدلاً من طلب تدخل علاجي مستمر على مدى الأشهر العديدة التي يستغرقها نمو الطرف.

حيوانات تجدد أطرافها

ويمتلك عدد من الكائنات القدرة على التجدد الكامل لبعض الأطراف على الأقل، منها السلمندر، ونجم البحر، وسرطان البحر، والسحالي، ويمكن تقطيع الديدان المفلطحة إلى قطع، وتتمكن كل قطعة بناء كائن حي بأكمله، أما البشر فهم قادرون فقط على إغلاق الجروح باستخدام أنسجة جديدة، وتتمتع الأكباد البشرية بقدرة ملحوظة تشبه الدودة المفلطحة تقريباً على التجدد إلى الحجم الكامل بعد خسارة بنسبة 50٪.

وتعيش الحيوانات القادرة بشكل طبيعي على التجدد في الغالب في بيئة مائية، لكن فقدان أحد الأطراف الكبيرة والمعقدة من الناحية الهيكلية - كالذراع أو الساق - لا يمكن تعويضه بأي عملية طبيعية للتكاثر في البشر أو الثدييات.

وحين تقطع الأطراف، يتم تغطيتها بكتلة غير متبلورة من النسيج الندبي، وهو ما يحميها من المزيد من فقدان الدم والعدوى ويمنع في الوقت ذاته المزيد من النمو.

وتشهد المرحلة الأولى من النمو بعد فقدان أحد الأطراف، تكوين كتلة من الخلايا الجذعية في نهاية الجذع تسمى "مأرمة" والتي تُستخدم لإعادة بناء الجزء المفقود تدريجياً، ويتم تغطية الجرح بسرعة بواسطة خلايا الجلد في غضون الـ 24 ساعة الأولى بعد الإصابة، مما يحمي الأنسجة المعاد بناؤها تحتها.

وعادةً ما تتعرض الثدييات والحيوانات الأخرى التي تتجدد خلاياها للهواء أو تتلامس مع الأرض، ويمكن أن تستغرق أياماً إلى أسابيع لتغلق بأنسجة ندبية.

وبالتالي فإن استخدام غطاء "بايودوم" الحيوي في أول 24 ساعة يساعد في محاكاة بيئة شبيهة بالجنين والتي تسمح جنباً إلى جنب مع الأدوية المناسبة، لعملية إعادة البناء بالمضي قدما دون تدخل النسيج الندبي.