نشر بتاريخ: 30/01/2022 ( آخر تحديث: 30/01/2022 الساعة: 13:57 )
تهدف التنمية الاقتصادية بشكل عام إلى توفير سبل العيش الكريم لسكان, فالتنمية الاقتصادية ليست غاية بحد ذاتها, وإنما وسيلة لتحقيق مجموعة من الأهداف الاقتصادية والاجتماعية, تعتبر زيادة الدخل القومي من أهداف التنمية الاقتصادية في الدول المتخلفة وتعتبر ضرورة للقضاء على ظاهرة التخلف الاقتصادي والاجتماعي التي تعاني منها كالفقر والبطالة والمشكلة السكانية وانخفاض مستوى المعيشة وتصحيح الاختلال الحاد في هيكلها الاقتصادي وبنيانها الاجتماعي والثقافي وإن تحقيق مستوى مرتفع من المعيشة من بين الاهداف الهامة. ذلك انه من المتعذر توفير الحاجات المادية الأساسية للسكان من مأكل وملبس ومشرب ومأوى, وتحقيق مستوى ملائم من الصحة والتعليم والثقافة وغيرها مالم يرتفع مستوى المعيشة الفرد, وكما سبق وأن رأينا هو متوسط ما يحصل عليه الفرد من الدخل إذ كلما زاد متوسط مرتفعا, دل ذلك على ارتفاع مستوى معيشته, وبالعكس كلما كان منخفضا دل ذلك على انخفاض مستوى المعيشة . ومن هنا لا بد أن تعمل التنمية الاقتصادية على زيادة متوسط دخل الفرد حتى يتنسى رفع مستوى المعيشة. فعلى الرغم من انخفاض الدخل القومي وهبوط متوسط نصيب الفرد داخل من هذا الدخل في تلك البلدان فغنه يمكن ملاحظة الفوارق الكبيرة وعدم العادلة في التوزيع الدخل والثروات بين أفراد المجتمع والطوائف, إذ تستحوذ فئة صغيرة منه على الجزء الأكبر من الثروة والدخل بينما لا تستحوذ غالبية أفراد المجتمع إلا على نسبة ضئيلة جدا من تلك الثروة والدخل. إن هذا التفاوت في توزيع الثروات والدخل يلحق أضرار كبيرة بالاقتصاد والمجتمع, فيحدث استقطاب حاد بين فئاته الاجتماعية, وينقسم المجتمع بين حالة من الغنى المفرط وحالة من الفقر المدقع, وبالتالي تحدث اضطرابات شديدة فيما ينتجه المجتمع وما يستهلكه, وهذا بدورة يؤدي في الأمد الطويل إلى ضعف قدورة جهاز الإنتاجي, وزيادة تعطل العمل وتهديد السلم الاجتماعي, شهد الأوضاع الاقتصادية في داخل قطاع غزة حالة من الكساد والانكماش لفترة زمنية طويلة وتراجعت كافة المؤشرات التنمية وأن معدلات النمو الاقتصادي اتسمت بالانخفاض وتدني فعاليتها نتيجة الصراعات الداخلية والخارجية وتداعياتها أدى إلى زيادة معدلات البطالة والفقر وانعدام الأمن الطاقة والماء والغذاء, ومن تلك المعوقات الاقتصاد الفلسطيني الوضع السياسي المفروض على الشعب الفلسطيني فبعد أن بدأت الانتفاضة الأولى مثلا عاد قسم كبير من العمال الفلسطينيين إلى العمل في القطاعات الانتاجية كالقطاع الزراعي والصناعي وغيرها من تلك القطاعات, فانتعش تلك القطاعات وبدأت تسترد عافيتها من جديد. ولكن بعد الانتفاضة عاد العمال للبحث عن فرصة عمل في المشاريع الإسرائيلية وبعد ذلك عاد القطاعات الاقتصادية للمعانة ذات مرة أخرى. إن الظروف السياسية على الصعيد الدولي والاقليمي بشكل عام, وكذلك الظروف التي مرت وما زالت تحدث على الأراضي الفلسطينية بشكل خاص تفرض واقعا متواصلا من حيث التغير, وهذا ينعكس بصورة مباشرة وغير مباشرة على القطاع الزراعي بكافة فروعة.
المشاكل السكانية والهجرة من القطاع غزة, بلغ عدد سكان المقدر في قطاع غزة مع نهاية الربع الثالث من العام 2021 حوالي 2.148 مليون نسمة, إن الكثافة السكانية المتزايدة في أعداد الشعب الفلسطيني والناتجة عن زيادة معدلات النمو الطبيعي للسكان نتيجة الخصوبة, تشكل عبئا على عملية التنمية الاقتصادية, خاصة إذا ما تمت المقارنة الناتج المحلي الإجمالي أو صافي الناتج المحلي. لا شك أن ذلك بشكل ضغطا متزايد على الموارد الانتاجية وبالتالي على مدى استقرار الوضع الاقتصادي لسكان قطاع غزة.
أدت الإجراءات والممارسات الإسرائيلية بحق القطاعات الاقتصادية, وتذبذب الدخل الحقيقي من القطاعات الانتاجية, وكذلك إغراءات الفرص البديلة إلى الهروب من قطاع غزة والذهاب إلى العمل في مجالات أخرى خارج الأراضي الفلسطينية أو العمل في إسرائيل, بسبب توفير فرص عمل التي تدفع أجورا عالية نسبيا. في ضوء المضايقات اضطر الكثير من العاملين الفلسطينيين إلى ترك أماكن عملهم والتوجه إلى أسواق العمل الإسرائيلي, مما أدى إلى انخفاض الناتج المحلي.
يعاني الاقتصاد الفلسطيني من مشكلة نقص القوانين أو عدم فاعليتها في تحقيق متطلبات تنمية القطاع الصناعي وتشجيع الاستثمار الزراعية, وبالتالي تحقيق التنمية المتوازنة والمستدامة للنهوض بمستوى معيشة سكان القطاع وتعتبر تلك المعيقات غياب التشريعات والقوانين الناظمة للعمل والمحفزة على الاستثمار وعدم موائمة القوانين والتشريعات المتوارثة عن الاحتلال مع متطلبات المرحلة واتجاهات التنمية ,وجود تداخل أو تعارض بين القوانين السارية, والتضارب والازدواجية بين المؤسسات ذات العلاقة في القطاعات الانتاجية وضعف القدرات, وعدم وجود نظام للتأمين ضد المخاطر الطبيعية.
بما أن الموارد التنمية ليست متوفرة في الأساس, فإن هامش استقلال القرار الوطني فيها يصبح محدوداً ولا بد من الاقتراح بعض الآليات لتحسين الأوضاع والخروج من المأزق. دائرة التخطيط والتنمية يعتبر القرار التنمية في شطري الوطن متعددة والعوامل مؤثرة. كما أن القرار الصرف متأثر بأكثر من طرف, وهذا دليل على أن تلك الصلاحيات الفلسطينية في الخطة التنموية تتنازع فيها عدة وزارات ومؤسسات. وتعتبر الأولويات في البرامج والخطط التنموية إلى أن حصة العملية الديمقراطية والمؤسسات تعتمد على حصيلة المساعدات, كما أنه ليس أمراً ملحاً من الناحية الاجتماعية إلى هذا الحد, وهو يتماشى مع أجندة الممولين أكثر مع المتطلبات المحلية.
وعندما أتحدث عن التنمية الاقتصاد الفلسطيني في المستقبل ليست مسألة أو مطلب رفاه, بل ضرورة, يقصد منها تحسين ظروف حياة سكان الضفة الغربية وقطاع غزة. فلا بد من وجود قرار سياسي ينتمي إلى الأكثر شعبية يُفعل طاقاتها ويوسع معارفها. كي يحقق المجتمع من إنتاج المعرفة وطرق استخدامها وهي تتعلق بالعمل الجماعي, لا بد من توفير الحريات الديمقراطية بأنواعها , وتوفير الحرية الاقتصادية.
ويوجد العديد من التجارب التنموية في فلسطين, ومنها برنامج الاستثماري الذي وضع على أرضية التفاؤل من قبل السلطة الفلسطينية بأن اتفاق التسوية في طريقها إلى التنفيذ ولو بشكل جزئي مما وضعت خطة لتحقق ذلك البرنامج وكان المحور يدور حول تشجيع القطاع الخاص لتحقيق استثمار أكبر في الاقتصاد المحلي, والعمل تقوية البنية التحتية لتوفير المناخ الاستثماري, واستكمال بناء المؤسسات الوطنية, وتحسين الأوضاع الاجتماعية.
وعند الحديث عن سناريو مستقبل الاقتصاد الفلسطيني واستمرار, تعرض الاقتصاد للقيود والمعيقات يضع الخطة النظر في إعادة البناء ووضع السياسات التي تحفز على ديمومة المساعدات الاجنبية وتصحيح الهيكلية وإزالة المعيقات الاسرائيلية .
والهدف الرئيسي من ذلك زيادة العمالة الفلسطينية مع زيادة متوسط دخل الفرد وتحسين الاوضاع المعيشية وتقليل نسبة الفقر والعمل على إنهاء الحصار والانقسام الفلسطيني الذي لا يخدم سوى الجهات المعنية في بقائها وزيادة الاستثمار والعمل على تهيئة الاجواء الملائمة والمناسبة لقدوم رأس المال الأجنبي إلى البلاد وتنفيذ برنامج الرأس المالي الاجتماعي وبناء بنية تحتية متينة بمساحات واسعة وعميقة لبناء منطقة صناعية عريضة تدعم الاقتصاد الفلسطيني في البقاء والاستمرار في تحقيق النجاحات.
فالاحتلال أحد محددات الأساسية لأية استراتيجية أو سياسة أو خطة تنموية فلسطينية, وهذا يقتضي بناء الخطة التنموية على المحور مرنة بحيث تتكيف طبقاً لمقاومة سياسات جديدة, يحتمل أن يطبقها السلطات الإسرائيلية بطريقة تفاجئ السلطات الفلسطينية, فإن إعطاء أولوية تنموية لإنتاج الحاجات الأساسية المحلية يجب أن يحظى بالأولوية في خطة التنمية محلية.