وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

لماذا تخشى إسرائيل إقتران إسمها بمصطلح الأبارتايد في وثائق الأمم المتحدة؟

نشر بتاريخ: 30/01/2022 ( آخر تحديث: 30/01/2022 الساعة: 14:36 )
لماذا تخشى إسرائيل إقتران إسمها بمصطلح الأبارتايد في وثائق الأمم المتحدة؟

على الرغم من إرتفاع نسبة الذين يقرنون إسرائيل بمصطلح الأبارتايد في الرأي العام العالمي بما في ذلك الراي العام اليهودي داخل وخارج إسرائيل، إلا أن هذا الإرتفاع (الذي وصل ذروته خلال العام المنصرم 2021، لا سيما بعد إثبات كل من مؤسستي بيتسليم الحقوقية الإسرائيلية، ومراقبة حقوق الإنسان (HRW) الدولية أن النظام في إسرائيل المسيطر على الأرض الممتدة من نهر الأردن الى البحر الأبيض هو نظام ابارتايد عنصري)، لم يصل بعد إلى المستوى الذي من جهة، يدفع الدول الداعمة لإسرائيل خاصة الولايات المتحدة الأمريكية إلى تغيير سياستها الداعمة لإسرائيل والبدء بفرض قيود عليها، ومن جهة أخرى يجد تجلياته في قرارات مؤسسات الأمم المتحدة، كما كان الحال مع دولة جنوب أفريقيا إبان الحكم العنصري.

ففي الولايات المتحدة الأمريكية نجحت حركة مناهضة الأبارتايد (AAM) في ثمانينات القرن الماضي في تجاوز سياسة التعاون البناء (Constructive Engagement) التي كانت تتبناها إدارة الرئيس ريجان في التعامل مع حكومة جنوب أفريقيا العنصرية، وإجبار الإدارة نتيجة الضغط عليها سواء داخل الكونجرس، أم من خلال الإحتجاجات الشعبية المناهضة للعنصرية أمام سفارة وقنصليات دولة جنوب أفريقيا على استبدال التعاون البناء بعقوبات مالية وسياسية وإفتصادية، الأمر الذي دفع دول مثل اليابان وبريطانيا ودول الكومنولث إلى تبني سياسية مماثلة للسياسة الأمريكة ضد جنوب أفريقيا.

وقد لعبت منظمة الأمم المتحدة دوراً مهماً في هذا الشأن من خلال إنشاء جسم خاص لمراقبة تنفيذ القيود الدولية على النظام العنصري في جنوب أفريقيا مما أسفر حلال بضع سنوات إلى إسقاط النظام.

ويظهر ما تقدم أن هناك أربعة شروط ساهم توفرها في إسقاط نظام الأبارتايد العنصري في جنوب افريقيا، وأول هذه الشروط هو أن يكون النظام فعلاً نظام عنصري وفقاً للحقائق المادية وليس وفقاً لقناعات نظرية رغبوية، وثاني هذه الشروط يدور حول تطور حركة عالمية مناهضة للعنصرية نشطة ورصينة، ويتعلق ثالث هذه الشروط بالولايات المتحدة الأمريكية نفسها، وقدرة حركة الإجتجاج المناهضة للعنصرية سواء داخل الكونجرس، أم في أوساط الأمريكيين من مؤسسات وإعلاميين ومثقفين وسياسيين على أجبار الإدارة على تغيير مواقفها الداعمة للنظام العنصري المراد إسقاطه، وآخر هذه الشروط يدور حول منظمة الأمم المتحدة ودورها.

وعن مدى توفر هذه الشروط في الحالة الإسرائيلية يبين الفحص أن هناك قرائن مادية لا تقبل الدحض تثبت أن إسرائيل هي دولة فصل عنصري، الأمر الذي يتجلى في جدار الفصل العنصري، وفي الإستيطان والطرق الحاصة بالمستوطنين، وفي نظام تقييد حركة الفلسطينيين، وفي نظام توزيع المياه، وفي القوانين والتشريعات التي تشرعن الإستعلاء اليهودي على العربي الفلسطيني، وفي نظام المعازل الذي بات الفلسطينيين محشورين فيها وغيرها من الأنظمة العنصرية لا سيما تلك المتمثلة في سياسة هدم المنازل ومصادرة الممتلكات في كل من القدس وضواحيها والتقب، كما يظهر الفحص أن هناك حركة عالمية مناهضة للعنصرية الإسرائيلية ممثلة بحركة (BDS) التي تمو وتتسع بإضطراد حول العالم خاصة في الأوساط الأمريكية سواء داخل الكونجرس أم في أوساط الجاليات اليهودية الأمريكية.

أما حول الشرط الثالث الخاص بأمريكا فلم يعد خافياً أن أمريكا تشهد تحولاً جوهرياً في رؤيتها لإسرائيل وذلك على صعيد الرأي العام والكونجرس، الأمر الذي تجلى في نتائج إستطلاعات الرأي التي نفذت تباعاً خلال العام المنصرم، وتجلى كذلك في النقاش الذي جرى في الكونجرس حول فرض قيود على تقديم المساعدات الأمريكية لإسرائيل.

وحول الشرط الرابع والأخير الذي يدور حول دور الأمم المتحدة فيما يتعلق بعنصرية إسرائيل فقد كشفت تقارير المواقع الإخبارية في إسرائيل أن الخارجية الإسرائيلية قد وضعت عرقلة أو منع تضمن تقارير الأمم المتحدة كلمة أبارتايد في ما يخص إسرائيل على رأس أولويات عملها للعام 2022.

وفي هذا الشأن فقد كشف موقع والا(Walla) العبري الإسرائيلي أن الخارجية الإسرائيلية قد طورت حملة واسعة النظاق لغايات تقويض شرعية مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ولجنة التحقيق التي شكلها للنجقيق في الجرائم التي إرتكبها الجيش الإسرائيلي في عدوانه الأخير على قطاع غزة، وكان مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة قد أقر تشكيل لجنة للتحقيق في أحداث الحرب الأخيرة على غزة، ويذكر ان القاضية ناي فيلاي من جنوب أفريقيا ستراس هذه اللجنة، ومن المقرر أن تبدأ اللجنة عملها في شهر مارس/أذار القادم على أن تنهي عملها في شهر يونيو حزيران من العام الجاري وتسليم تقريرها النهائي للجمعية العامة في دورتها السنوية التي ستنعقد في شهر سبتمبر/ أيلول القادم.

ويكشف السيد دافيد باراك مراسل موقع (Axios) الأمريكي أن تعميم الخارجية الإسرائيلية لجيش اليبلوماسيين الإسرائيليين المنتشرين حول العالم قد ركز على ضرورة العمل على ضمان ان يخلو تقرير اللجنة من كلمة أبارتايد وذلك للتداعيات الخطيرة لهذه الكلمة على الرأي العام الأمريكي واعضاء الكونجرس ورجالات الإدارة، لا سيما وأن هذه الكلمة في هذا التقرير ستضعف من قدرتهم على نصرة إسرائيل في هذه اللحظة من الزمن التي تجاول فيها أمريكا حشد كل جهودها نحو المنافسة الإستراتيجية مع الصين وروسيا.

من جهتهم سارعت مجموعة من المؤيدين لإسرائيل داخل الكونجرس الأمريكي بتوجيه رسالة لوزير الخارجية بلينكن يطالبونه فيها بوقف عمل هذه اللجنة، الأمر الذي سييجرح مصداقية إدارة بايدن ويزيد في نفس الوقت من الإنقسامات قي صفوف الحزب الديمقراطي لا سيما داخل الكونجرس ومجلس الشيوخ، ويعجل من إقتراب الإدارة الأمريكية الحالية والإدارات القادمة من نموذج إدارة ريجان في تعونها البناء مع نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، فهل يأخذ الشعب الفلسطيني هذه التطورات بعين الإعتبار وهو يقترب من عقد مجلسه المركزي واتخاذ قرارات مصيرية في الشأن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، لا سيما وأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بينت قد أعلن أكثر من مرة رفضه الإلتزام بأوسلو ورفضه قيام دولة فلسطينية من حيث المبدأ.