|
"المستقلة" تخاطب الرئيس لوقف نشر القرار بقانون بشأن تعديل قانون الإجراءات الجزائية
نشر بتاريخ: 01/02/2022 ( آخر تحديث: 01/02/2022 الساعة: 17:02 )
رام الله- معا- خاطبت، الثلاثاء، الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم" الرئيس محمود عباس لوقف نشر القرار بقانون () لسنة 2022 بشأن تعديل قانون الإجراءات الجزائية رقم (03) لسنة 2001، المتعلق بتسريع إجراءات التقاضي، وذلك خوفاً من أن تكون على حساب ضمانات المحاكمة العادلة والحق في الدفاع. وأكدت المخاطبة دعم الهيئة لأي جهود رسمية تستهدف تسريع إجراءات التقاضي وإعمال حق المواطنين في العدالة الناجزة بوصفها أحد حقوق الإنسان، إلا أنها تؤكد على أن تسريع إجراءات التقاضي يجب ألا تكون على حساب ضمانات المحاكمة العادلة والحق في الدفاع، التي يكفلها القانون الأساسي المعدل لسنة 2003 وتعديلاته، واتفاقيات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان الملزمة لدولة فلسطين، لا سيما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية مناهضة التعذيب. كما أكدت على أن أي معالجة لموضوع إجراءات التقاضي يجب أن تخضع للموازنة الدقيقة مع ضمانات الحق في المحاكمة العادلة والحق المقدس في الدفاع. وأعربت الهيئة عن أملها في أن يوعز الرئيس بوقف نشر القرار بقانون المعدل لقانون الإجراءات الجزائية، حتى يتسنى للهيئة ولجميع الأطراف ذات العلاقة بما فيهم نقابة المحاميين النظاميين من دراسته وإبداء الرأي بشأنه. وجاء في المخاطبة، بعد اطلاع الهيئة على نسخة متداولة تحمل توقيع الرئيس لقرار بقانون معدل لقانون الإجراءات الجزائية صادرة بتاريخ 25/01/2022، وبحسب ما ورد من أخبار رسمية على وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية "وفا"، فإن القرار بقانون المذكور ومعه ثلاثة قرار بقانون أخرى صادرة في نفس التاريخ، تهدف إلى تسريع إجراءات التقاضي وتنظيم استخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة في العمل القضائي. وبينت الهيئة أن دراستها لما ورد في تعديل قانون الإجراءات الجزائية على ضوء المعايير الوطنية والدولية الملزمة لدولة فلسطين ومؤسساتها، أكدت أن تلك التعديلات، تؤسس لانتهاكات حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، لا سيما حقه في المحاكمة العادلة، وفي الدفاع، والحرية الشخصية، وفي مبدأ افتراض البراءة، حيث إنه يمنع إخلاء سبيل المتهمين في الكفالة في جرائم معينة، كما أنه يضعف رقابة القضاة على السلامة الجسدية والنفسية للمتهمين، ويجعل من ممارسة المتهمين لحقهم في الدفاع أمراً مرهقاً وشاقاً. إضافة إلى أنه يتضمن نصوصاً لا تتفق ومبدأ سيادة القانون، كونه منح حصانة قانونية لموظفي الدولة وأفراد الأجهزة الأمنية من المحاكمة عندما يقترفون جرائم أثناء تأديتهم وظيفتهم أو بسببها، إلى غير ذلك من النصوص والأحكام التي تنتهك فعلاً حقوق الإنسان، وتتعارض مع القانون الأساسي ومع التزامات دولة فلسطين في اتفاقيات حقوق الإنسان. مذكرة قانونية حول القرار بقانون رقم () لسنة 2022 بشأن تعديل قانون الإجراءات الجزائية أولاً: الوقائع اطلعنا في الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم" على نسخة متداولة للقرار بقانون رقم ( ) لسنة 2022 بتعديل قانون الإجراءات الجزائية رقم (03) لسنة 2001 وتعديلاته، صادر عن الرئيس محمود عباس في مدينة رام الله بتاريخ 25/01/2022، ووفقاً لوكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية "وفا"، فإن القرار بقانون المعدل والذي لم ينشر حتى الآن في الجريدة الرسمية، يستهدف تسريع إجراءات التقاضي وتنظيم استخدام التكنولوجيا في التقاضي. وقد ذكرت الوكالة الرسمية أنه تم إصدار ثلاثة قرارات بقانون أخرى معنية بالشأن القضائي، استهدفت قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية رقم (02) لسنة 2001، وقانون البينات في المواد المدنية والتجارية رقم (04) لسنة 2001، والقرار بقانون رقم (39) لسنة 2020 بشأن تشكيل المحاكم النظامية. بداية، فإننا في الهيئة المستقلة، نؤكد على دعمنا أي الجهود التي تستهدف تسريع إجراءات التقاضي وإعمال حق المواطنين في العدالة الناجزة بوصفها أحد حقوق الإنسان، إلا أننا في ذات الوقت، نؤكد على أن تسريع إجراءات التقاضي لا يجب أن تكون على حساب ضمانات المحاكمة العادلة والحق في الدفاع، التي يكفلها القانون الأساسي المعدل لسنة 2003 وتعديلاته، واتفاقيات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان الملزمة لدولة فلسطين، لا سيما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية مناهضة التعذيب. وأن أي معالجة لموضوع إجراءات التقاضي يجب أن تخضع للموازنة الدقيقة مع ضمانات الحق في المحاكمة العادلة والحق المقدس في الدفاع. ثانياً: الأسباب القانونية بعد دراستنا للقرار بقانون المعدل لقانون الإجراءات الجزائية في ضوء أحكام القانون الأساسي المعدل لسنة 2003 وتعديلاته، وفي ضوء التزامات دولة فلسطين بموجب اتفاقيات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان التي انضمت إليها في العام 2014، لا سيما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية مناهضة التعذيب، تبين لنا أنه تضمن العديد من النصوص التي تنتهك الحقوق والحريات الدستورية المكفولة بموجب القوانين الوطنية والمعايير الدولية لحقوق الإنسان الملزمة لدولة فلسطين ومؤسساتها الرسمية بما فيها المحاكم والنيابة العامة، أهم هذه الحقوق، هي: الحق في المحاكمة العادلة، والحرية الشخصية، والأصل في الإنسان البراءة. وفيما يلي تفصيل هذه الانتهاكات: ينتهك القرار بقانون المعدل الحق الدستوري "الأصل في الإنسان في البراءة" والمنصوص عليه في المادة (14) من القانون الأساسي المعدل "المتهم بريء حتى تثبت إدانته"، ويظهر هذا الانتهاك من خلال نص المادة (06) من القرار بقانون المعدل على أن المتهم سوف يبقى موقوفاً (قيد الحبس الاحتياطي) مدة العقوبة المقررة في جرائم القتل والاغتصاب وهتك العرض والاتجار بالمواد المخدرة والتخابر وتسريب الأراضي للعدو، دون أن يكون خاضعاً لإمكانية إخلاء السبيل أثناء المحاكمة. وبهذا يكون الاستثناء وهو التوقيف والحبس الاحتياطي قد انقلب إلى الأصل، وهو البراءة وأن محاكمة المتهم يجب أن تجري وهو حر طليق. ونذكر هنا في المادة (09) من العهد، التي حظرت أن يكون احتجاز الأشخاص الذين ينتظرون المحاكمة هو القاعدة العامة. يضعف القرار بقانون المعدل بشكل كبير الرقابة القضائية على الحق في السلامة الجسدية وعدم الخضوع للتعذيب وسوء المعاملة المكفولة بموجب المادة (13) من القانون الأساسي وبموجب اتفاقية مناهضة التعذيب، وذلك بنصه في المادة (07) على إمكانية إصدار المحكمة أمر بتوقيف المتهم وحبسه احتياطياً في غيابه، بدون أن يكون هذا الأمر مبرراً ومقتصراً على حالة وجود بينة طبية تمنع إحضاره أمام المحكمة كما هو الحال في القانون الحالي. النص الجديد سوف يؤدي إلى استمرار حبس المتهمين احتياطياً بدون مراقبة وضعهم الصحي وسلامتهم الجسدية والنفسية وفيما إذا كانوا قد تعرضوا لتعذيب أو سوء معاملة أثناء احتجازهم. هذا يشكل من ناحية أخرى مساساً بالحرية الشخصية، فمن حق أي معتقل أو محتجز بتهمة جزائية أن يمثل على وجه السرعة أمام قاض أو مسؤول قضائي آخر للفصل في قانونية توقيفه (نص المادة 14 من العهد). ينتهك القرار بقانون المعدل حق المتهم في طلب مراجعة قرار إعادة توقيفه احتياطياً عند إخلاله بشروط إخلاء سبيله بالكفالة، حيث جعلت المادة (10) من القرار بقانون المعدل؛ قرار المحكمة في إعادة توقيف المتهم أو إصدار مذكرة إحضار بحقه، قرار نهائي وغير قابل للاستئناف على عكس ما هو منصوص عليه في القانون الحالي، الذي ينص على حق المتهم في استئناف هذا القرار. يجعل القرار بقانون من ممارسة المتهم لحقه في الدفاع؛ أمراً مرهقاً وشاقاً، وذلك بنصه في المادة (20) على تكليف المتهم بإحضار شهود دفاعه بنفسه في حال كان الشاهد غير معروف أو تعذر تبليغه أو عنوانه غير واضح، وإلا يعتبر متنازلاً عن الحق بسماعه. هذا الأمر سوف يفوت على المتهم في حالات كثيرة فرصة الدفاع عن نفسه أمام ادعاءات النيابة العامة. الأصل أن المحكمة هي التي تلزم الشهود بالحضور وهي من تتولى إحضارهم وفق صحيح القانون. يقيد القرار بقانون المعدل مبدأ المواجهة بين الخصوم، والذي يمثل عنصراً رئيسياً من عناصر الحق في المحاكمة العادلة المنصوص عليه في المادة (14) من القانون الأساسي. فالمتهم وتحديداً في الجنايات يجب أن يحضر محاكمته ويجب أن تتم جميع الإجراءات في مواجهته، بينما تنص المادة (19) من القرار بقانون المعدل على إمكانية محاكمة المتهم غيابياً في الجنايات، الأمر الذي يؤدي في نفس الوقت إلى انتهاك حق المتهم في الدفاع عن نفسه أمام اتهامات في جناية قد تؤدي به إلى السجن المؤبد، لا سيما وأن السلطات العامة لديها من الأدوات القانونية ما يمكنها من إحضار المتهم للجلسات. وبقراءة قانون الإجراءات الجزائية مقروناً بقراءة القرار بقانون المعدل لقانون أصول المحاكمات المدنية، يظهر تقييد جديد لمبدأ المواجهة بين الخصوم، حيث أحال قانون الإجراءات في المادة (185) إلى قانون أصول المحاكمات فيما يتعلق بالأحكام الخاصة بالتبليغ، وهي أحكام يجب أن تضمن في الأصل إمكانية تبليغ المتهم يقيناً بموعد المحاكمة وحضوره تطبيقاً لمبدأ المواجهة بين الخصوم، إلا أن التعديل الجديد لقانون أصول المحاكمات، قد عدل من أحكام التبليغ، على نحو لا يمكن من خلاله التيقن من تبليغ المتهم موعد المحاكمة وحضوره، مثل: التبليغ عن طريق الهاتف أو وسائل الكترونية يحددها نظام صادر عن مجلس القضاء الأعلى -بينما الأصل أن تتم تنظيم إجراءات التبليغ بموجب القانون. هذا لا يضمن تبليغ المتهم يقيناً، وبالتالي عدم حضوره موعد الجلسات، مما ينتهك بالنتيجة مبدأ المواجهة بين الخصوم ويضعف من قدرته على الدفاع عن نفسه. وبخاصة، أن البنية التحتية التكنولوجيا في فلسطين غير قادرة على إحداث آثار قانونية خطيرة. ينتهك القرار بقانون المعدل في المادة (03) مبدأ سيادة القانون (المادة 06 من القانون الأساسي)، كما يمس قيمة المساواة بين الفلسطينيين أمام القانون (المادة (09) من القانون الأساسي)، وذلك من خلال منح حصانة غير المبررة للموظفين العمومين وأفراد الضابطة القضائية المتهمين في جناية أو جنح وقعت منهم أثناء تأدية وظائفهم أو بسببها، وذلك بجعل محاكمتهم مرهونة بصدور إذن من النائب العام أو أحد مساعديه. في القانون الحالي، ليس هنالك تقييد لمحاكمة الموظفين أو أفراد الأجهزة الأمنية بأذونات أو بغيرها، هو فقط يشترط إقامة الدعوى من النائب العام أو أحد مساعديه، وهذا يختلف تماماً عن رهن إقامة الدعوى بصدور إذن من النائب العام أو أحد مساعديه. يقيد القرار بقانون المعدل مبدأ شفوية المحاكمة، أحد العناصر الرئيسية للحق في المحاكمة العادلة، وذلك بنصه في المادة (32: 33) على أن المحاكمات الاستئنافية تجري تدقيقياً وليس مرافعة، بينما في الأصل يجب أن تجري المحاكمات مرافعة، احتراماً لمبدأ شفوية المحاكمة ومبدأ المواجهة بين الخصوم، وهي مبادئ تتيح للمتهم أو وكيله مناقشة شهود الإدانة مباشرة في سبيل الدفاع عن أنفسهم بحرية وبالطريقة التي يرونها مناسبة، لا سيما وأن محاكم الاستئناف هي محاكم موضوع تطرح أمامها ووقائع وبينات. يقيد القرار بقانون المعدل الحق في التقاضي، وذلك باستثنائه في المادة (39) الأحكام الصادرة عن محاكم الاستئناف في الجنح من الطعن فيها بالنقض، مما يضعف فرصة المحكوم عليه من مراجعة الحكم الصادر بإدانته من الناحية القانونية أمام أعلى محكمة في البلاد. كما أن الطعن بالنقض، له وظيفة مهمة في توحيد المبادئ القانونية في الدولة والحد من الاختلاف في تطبيق القانون، وبالنتيجة حماية قيمة المساواة بين الناس أمام القانون (المادة 09 من القانون الأساسي). ثالثاً: الخلاصة بناءً على ما سبق، فإننا نطالب بعدم نشر القرار بقانون المعدل لقانون الإجراءات الجزائية في الوقائع الفلسطينية وإخضاعه لمزيد من المشاورات مع الأطراف ذات العلاقة بما فيهم نقابة المحاميين، ونؤكد على أهمية إعمال حق المواطنين في العدالة الناجزة والمحاكمة ضمن فترة معقولة، ونعتقد أن السبيل إلى ذلك، يتم باعتماد الموازنات اللازمة والكافية للقضاء الفلسطيني، وبتوسيع مبان المحاكم، وتعيين المزيد من القضاة وموظفي المحاكم، إضافة إلى احترام أحكام وقرارات وأوامر المحاكم من الجميع، بما يشمل النيابة العامة والأجهزة الأمنية.
|