|
الأبرتهايد الإسرائيلي وتمزيق العائلات الفلسطينية
نشر بتاريخ: 10/02/2022 ( آخر تحديث: 10/02/2022 الساعة: 10:54 )
أقر الكنيست الإسرائيلي يوم الاثنين 7.2.2022، قانون منع لم شمل العائلات الفلسطينية بالقراءة الأولى، بأغلبية 44 صوتا من الائتلاف الحكومي ومعارضة خمسة نوّاب من القائمة المشتركة، ولم يشارك في التصويت نواب حزبي ميرتس والموحّدة الشريكين في تحالف حكومة بينيت. وحين سئلت عن أن القانون يمس حقوق الإنسان أجابت: “صحيح لكن هذا المسّ لا يزيد عن الحد المعقول”. لقد استطاعت شاكيد تمرير القانون، رغم الخلافات الشديدة بين الائتلاف والمعارضة لأنه يقع في لب الإجماع القومي الصهيوني الإقصائي العنصري، ولأن كلمتي أمن وديموغرافيا لهما فعل السحر في الخطاب السياسي الإسرائيلي. ماذا يعني القانون يعني هذا القانون تمزيق عائلات فلسطينية لأزواج من طرفي الخط الأخضر، وهو يفرض قيودا صارمة على الحصول على تصريح إقامة مؤقّته أو دائمة مع العائلة في أراضي 48، لفلسطيني او فلسطينية من الضفة الغربية أو قطاع غزّة. ويجب على الذين حصلوا على الإقامة المؤقتة سابقا، أن يجددوها على نحو دوري، ويمنعون من الحصول على رخصة سياقة وعلى خدمات صحّية. وتنسحب هذه التقييدات على الزوج والزوجة، والأب والأم والابن والبنت، ولا يجري الاعتراف بحق الإقامة المشتركة مع العائلة في أراضي 48، لمن هم من الضفة والقطاع، وجرى تعديل القانون عام 2007 وأضيف إليه من هم من مواطني سوريا ولبنان والعراق وإيران ويطلبون لم الشمل. المحكمة العليا تقر القانون العنصري قُدّمت عدّة التماسات ضد القانون إلى المحكمة العليا الإسرائيلية بطلب إلغائه، لأنّه غير دستوري ويناقض قوانين الأساس، ويشكل خرقا فاضحا لحقوق الإنسان الأساسية والطبيعية، وفي مقدمتها الحق في المساواة، فالقانون فيه تمييز واضح ويسري مفعوله على المواطنين العرب الفلسطينيين وليس على اليهود، الذين يطبّق عليهم قانون العودة بكل ما يتعلّق بالمواطنة والحق في الإقامة. كما أن القانون يقوّض الحق في إقامة العائلة، وهو حق إنساني أساسي في كل زمان ومكان. وطرح الملتمسون كذلك مسألة الحق في الحرية والاستقلال الشخصي وغيرها. عائلة الأبرتهايد قائمة القوانين العنصرية في إسرائيل طويلة، وكلّها مشتقّة من المبدأ الناظم للكيان الإسرائيلي وهو مبدأ الدولة اليهودية ودولة اليهود، وهو يشكّل لب الفكرة الصهيونية، غير القابلة للتطبيق من دون إبرتهايد. والمواطنة المشتقة من مفهوم الدولة اليهودية هي مواطنة تراتبية، أي أن الدولة هي ملك لقسم من المواطنين هم المواطنون اليهود، وليس لهم وحدهم، بل هي ملك لليهود في كل أنحاء العالم، حتى لو لم تطأ قدمهم الأرض التي تقوم عليها. وقد أكّد قانون القومية الإسرائيلي، الذي سُنّ عام 2018 على أن أرض إسرائيل ودولة إسرائيل هما حق وملك للشعب اليهودي حيثما كان. وهكذا تنفرد إسرائيل في العالم بكونها الدولة الوحيدة، التي ترتكز قانونيا على مبدأ التراتبية بين المواطنين، وعلى نوعين من المواطنة، واحدة لليهود وتشمل امتيازات كثيرة والثانية للعرب الفلسطينيين، اهل البلاد الأصليين وهي في أحسن الأحوال مواطنة منقوصة. وتطرق المفكّر الفرنسي آلان تورين في كتابه “ما هي الديمقراطية” إلى هذه المسألة مشيرا إلى أن المساواة في الحقوق هي حجر الزاوية في الأنظمة السياسية الحديثة، وأكّد على أن “المجتمعات الحديثة تتجاوز النظام التراتبي (القديم) وتستبدل إنسان المراتب بإنسان المساواة (وتقوم) على اعتبار متساو للجميع من حيث الحقوق”. إسرائيل ما زالت تعتمد مبدأ التراتبية القانونية بالأخص بكل ما يتعلق بالمواطنة وملكية الدولة، فهي ليست دولة لجميع المواطنين على قدم المساواة، بل هي دولة يهودية وباقي المواطنين هم بمثابة “ضيوف”. سكان القدس الشرقية، مثلا، ليسوا مواطنين بل مقيمين وفق قانون “الدخول إلى إسرائيل”، ووفق هذا القانون هم “دخلوا” إسرائيل عام 1967، وليس إسرائيل هي التي احتلتهم. وهذا شكل ثالث للمكانة القانونية للواقعين تحت سلطة الدولة اليهودية. |