|
إعاقة إسرائيل لحل الدولتين مخطط قديم
نشر بتاريخ: 13/02/2022 ( آخر تحديث: 13/02/2022 الساعة: 14:01 )
تساءل مردخاي كيدار، الباحث والمحلل الإسرائيلي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، في مقابله له مع معهد كيدم للأبحاث، التي أجريت حسبما تبين من السياق في 2016 ، حول إن كان حل الدولتين هو الحل الوحيد، بأنه إذا اقيمت دولة فلسطينية، ما الذي يضمن لإسرائيل والعالم بأنها لن تتحول إلى حماس إضافية، سواء عبر صناديق الاقتراع كما حصل عام 2006 عندما فازت حماس – التي أسماها " حماستان"- بأغلبية مقاعد المجلس التشريعي، أو بالاستيلاء عليها بقوة السلاح كما حصل في 2007 في غزة، وأضاف أن هذا الحل – أي حل الدولتين- ولد ميتاً. تحدث موردخاي طبعاً عمّا خطط له الصهاينة منذ ما قبل طرح حل الدولتين في أوسلو، فهم يعملون منذ مدة طويلة على إبطال وإلغاء إمكانية تطبيق هذا الحل بالحجة وعلى الأرض، إذ أن اقتلاع السكان من أراضيهم، وهدم البيوت وتهجير أهلها، وتغيير الحدود الجغرافية للقدس بتوسيعها بتنفيذ ما يسمى مشروع E1 ضمن مشروع القدس الكبرى الاستيطاني والقاضي ببناء ألف مستوطنة على أراضي قرى العيزرية والطور وعناتا وأبو ديس، كل ذلك وأكثر، هو لإعاقة إمكانية تطبيق حل الدولتين على الأرض، أما الحجة المتعلقة بسيطرة حماس على الضفة الغربية واستلامها مقاليد الحكم، فهي مصطنعة من فعل الاحتلال، فإسرائيل التي سهّلت نشوء حماس بترخيصها للمجمع الإسلامي في غزة، والذي كان نواة لما عرف لاحقاً ب " حماس" وسمحت لها بالبزوغ، أنهكت السلطة الوطنية الفلسطينية خلال سنوات الانتفاضة الثانية، وسّهلت تسليح حماس خلال سيطرتها على غزة، ثم انسحبت عام 2005 من القطاع وأخلت 21 مستوطنة في سابقة تاريخية منذ احتلالها فلسطين التاريخية 1948 وإقامة " دولة الكيان" ، وذلك تمهيداً لسيطرة حماس عليها، من أجل خلق واقعاَ جديداً لاستخدامه كإحدى الحجج والذرائع لرفض إقامة دولة فلسطينية مستقلة، وهي تعلم تماماً دورها في استيلاء حماس على غزة، وتأكيداً على أن ذلك كان مرتباً لغاية مساعدة حماس في تنفيذ مهمتها، فقد أعادت إسرائيل انتشارها وعادت لتسيطر على كل صغيرة وكبيرة فيها وفرضت الحصار عليها تحت حكم حماس، فكانت فترة الانسحاب المؤقت مدروسة لحين تمكن حماس على الأرض، وفي هذا السياق نستذكر رفض "حماس" الانخراط في القيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة الأولى عام 1987 ، وهذا أيضاَ له دلالاته على ما سبق ذكره. ومن أسباب دعم حماس لتتمكن من غزة أيضاً، ما أفصح عنه مردخاي بصراحة في تلك المقابلة بأن عليهم البحث عن حل آخرغير حل الدولتين، وهو حل الإمارات الفلسطينية وهو الحل الوحيد الذي يمكن تطبيقه على أرض الواقع حسب قوله، مؤكداً أن الإمارة الأولى قد قامت في قطاع غزة وأنها دولة بكل ما في الكلمة من معنى، وأن لها حكومة وحدود ومنظومة قضائية ووزارات وجيش وشرطة وتصنيع عسكري وكل مكونات الدولة، وهذا ما أرادته إسرائيل لخلق نموذج لدولة أو لإمارة كما أسماها تكون بديلاً عن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967 وفق قرارات الشرعية الدولية وعاصمتها القدس الشرقية، وطالب إسرائيل أن تعترف بغزة كدولة وأن توقع معها اتفاقات مبنية على الردع المتبادل، وأضاف أن دولة غزة قائمة منذ ما يقارب 9 سنوات، واسترسل بأن الحل الوحيد مبنياً على المجتمع العشائري الفلسطيني لأن هذه العشائر لها حضور وقوة وشرعية وشيوخها لهم رؤية صحيحة حول إدارة شؤون المكان والعلاقات مع إسرائيل ، مفصلاً بأنه يجب إنشاء إمارة في الخليل العربية لعشائر الخليل وإمارة في نابلس وإمارة في أريحا وإمارة في رام الله وأخرى في طولكرم وهكذا في قليلقيلية وجنين وبقية المدن الفلسطينية، على أن تبقى إسرائيل في المناطق الريفية الى الأبد وتعرض المواطنة الإسرائيلية على القرويين. وهنا يستوقفني ما قاله فيما يتعلق بالرؤية التي يمتلكها شيوخ العشائر في إدارة العلاقات مع إسرائيل، وعلى ماذا بنى هذا الافتراض، أم أنه نسي أن شيوخ العشائر هم فلسطينيون وطنيون ولن يقبلوا بحل أقل من إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967، إلا إذا عملت إسرائيل على تجنيد بعض العملاء الذين سيقبلون بهذا الحل عند طرحه على الطاولة في الوقت المناسب، متناسية أن الشعب الفلسطيني لا يخضع ولا يخنع ولا يسمح لعميل أن يقودهم أو يتخذ القرارات عنهم، فليذهب عملاؤهم إلى الجحيم. وبالنسبة للسلطة الفلسطينية قال موردخاي - الذي رمى تلك الفقاعات قبل ما يقارب ست سنوات كنوع من جس النبض والتمهيد للتنصل من فكرة حل الدولتين، والتي ترجمها نتنياهو ومن بعده نفتالي بينيت برفض هذا الحل- إن عليها أن تتلاشى لأن ليس لها أي حق في الوجود وأنها فاشلة منذ ولادتها بمفهوم الدولة، وهذا ما حاول ولا يزال الاحتلال أن يروجه حول السلطة لإضعاف ثقة الشعب فيها تمهيدا لتنفيذ مخططاتهم. وأنهى مردخاي حديثه قائلا إن هذا سيأتي بالسلام لإسرائيل والأمن للفلسطينيين وهذا هو الحل الوحيد الذي يمكن تطبيقه على أرض الواقع في الأرض بين البحر والنهر ، متجاهلاً تماماً أن هناك ثوابت لا يمكن للقيادة الفلسطينية ممثلة بالرئيس محمود عباس ولا للشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده أن يتنازل عنها، وهذه الثوابت تتضمن إقامة الدولة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس الشريف، ولن يكون هناك دولة فلسطينية في غزة ولا في الأردن ولا أي مكان آخر، سوى دولة وفق قرارات الشرعية الدولية. |