|
لماذا يطلق الليبراليون الأميركيون الآن على إسرائيل دولة الفصل العنصري؟!
نشر بتاريخ: 15/02/2022 ( آخر تحديث: 15/02/2022 الساعة: 10:03 )
سعيد عريقات لماذا يطلق الليبراليون الأميركيون الآن على إسرائيل دولة الفصل العنصري؟! – القدس (alquds.com)
كتب الكاتب الأميركي اليهودي بيتر باينارت، مقالاً مفصلاً نشره على موقعه، يشرح أسباب عدم تردد الليبراليين الأميركيين في وصف إسرائيل بدولة فصل عنصري، الأمر الذي كان يصعب تخيله في السابق. يشير باينارت إلى أنه عندما انضمت منظمة العفو الدولية في وقت سابق من هذا الشهر إلى جماعات حقوق الإنسان الأخرى التي تتهم إسرائيل بممارسة الفصل العنصري، وأنه تذكر الرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر، الذي لم يكن الشخص الأول الذي يجرؤ على وصف إسرائيل كذلك، كما أن المثقفين الفلسطينيين كانوا يفعلون ذلك منذ ستينيات القرن الماضي على الأقل "ولكن على حد علمي، تسبب كتاب كارتر لعام 2007، فلسطين: سلام وليس فصل عنصري، في أول مشاجرة بين المطبوعات الكبرى حول المصطلح في الولايات المتحدة". ويقول باينارت أنه "لفهم ما تغير في الخطاب الأميركي، يجدر بنا أن نبدأ بما لم يتغير، الجواب: كثيرًا، فقد استجابت المنظمات اليهودية التأسيسية والسياسيون الأميركيون والمحافظون الأميركيون للموجة الجديدة من مزاعم الفصل العنصري بنفس الطريقة التي استجابوا بها لكارتر قبل خمسة عشر عامًا، حيث اقترحت في ذلك الوقت، رابطة مكافحة التشهير أن كارتر كان يقوم بنشر مواد معادية للسامية، وهو إلى حد كبير ما قالته عن منظمة العفو قبل أسبوعين". ويشير باينارت أنه في عام 2007، "ألقت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي كارتر تحت عجلات الحافلة، وهو ما فعله معظم أعضاء الكونجرس الذين قالوا الشيء نفسه عندما تحدثوا بشأن هذه المسألة، ووصفوا منظمة العفو الدولية باللاسامية في وقت سابق من هذا الشهر، وفي عام 2007، ذكر مقال في مجلة ناشيونل ريفيو National Review أن كارتر قد انضم إلى <<مهاجمي إسرائيل>>، ولا غرابة، قبل أيام قليلة، وصف مقال في المجلة نفسها، تقرير منظمة العفو بأنه <<هجوم شرير على إسرائيل>>". يقول باينارت أن التغيير الكبير جاء فيما يمكن أن نطلق عليه بروز الإعلام التقدمي "وأنا لا أتحدث هنا عن منشورات يسارية مثل ذي نيشون The Nation، التي وقفت دائمًا خارج إجماع واشنطن بشأن إسرائيل وفلسطين، أنا أتحدث عن الصحف المهمة مثل نيويورك تايمز وواشنطن بوست وذا أتلانتيك ونيو ريبابليك وسلايت وحتى نيويورك ريفيو أوف بوكس، هذه هي المنشورات التي تساعد في تشكيل ما يجب أن يفكر فيه الأميركي من ذوي الفطر النخبوي، والليبرالي". يشير باينارت أنه قبل خمسة عشر عامًا كان وصف إسرائيل بأنها دولة فصل عنصري يعتبر خارج حدود الاحترام الليبرالي، أما اليوم، فإن الأمر لم يعد كذلك، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن غياب الليبرالية الإسرائيلية، الأمر الذي أصبح من الصعب إنكاره، كما يعود جزئيًا إلى تغير طبيعة الليبرالية الأميركية. يشرح باينارت: "لنبدأ بالعامل الأول: التحول في إسرائيل، قارن الجدل الأميركي عام 2007 حول الفصل العنصري بالنقاش الحالي، وسيتضح لنا مدى الدمار الذي أحدثه عقد بنيامين نتنياهو في السلطة لسمعة إسرائيل بين الليبراليين الأميركيين، وفي عام 2007، انتقد المراجعون البارزون (الرئيس السابق) كارتر لعدم إدراكه أن القادة الإسرائيليين واليهود الإسرائيليين العاديين يريدون مغادرة الضفة الغربية، وفي واشنطن بوست، ادعى جيفري غولدبرغ، الذي كان وقتها كاتب في النيويوركر، أن <<كارتر لا يدرك حقيقة أن إسرائيل، التي سئمت من أعباء الاحتلال، تريد بشدة أيضًا التخلي عن الجزء الأكبر من مستوطناتها في الضفة الغربية>>". وأضاف ان "شعب إسرائيل وقع في حب المستوطنين، الذين هم أنفسهم يعرفون الآن أنه ليس لديهم مستقبل". ويضيف "في مجلة نيويورك ريفيو أوف بوكس، اقترح جوزيف ليليفيلد، المحرر التنفيذي السابق لصحيفة نيويورك تايمز، أنه من خلال وصف إسرائيل بأنها دولة فصل عنصري، فإن كارتر يضفي الشرعية على حل الدولة الواحدة، وهو الموقف الذي يتبناه فقط <<العدد المتضائل من المستبدين اليهود الذين يجادلون بأن إسرائيل الحقيقية هي إسرائيل الكبرى>>"> وفي صحيفة نيويورك تايمز نفسها اعترف نائب رئيس التحرير الأجنبي – والمراسل الإسرائيلي المستقبلي – إيثان برونر بأن "الفصل الذي كتبه كارتر عن الإذلال اللامتناهي للحياة اليومية للفلسطينيين تحت الاحتلال الإسرائيلي يرسم صورة مدمرة ودقيقة إلى حد كبير"، ولكن بالنظر إلى "خروج إسرائيل من جنوب لبنان وغزة"، أشار برونر إلى أن تصوير كارتر للاحتلال اللامتناهي يبدو وكأنه رواية من الماضي. ويبين باينارت أنه "بعد خمسة عشر عامًا، وبعد أكثر من عقد من حكم نتنياهو، الذي أعلن عن ازدرائه للدولة الفلسطينية، وما يقرب من عام من نفتالي بينيت، الذي قاد منظمة الاستيطان الرئيسية في إسرائيل وشجع على ضم الضفة الغربية، لم يعد الليبراليون الأميركيون السائدون يدعون أن إسرائيل تتوق إلى إنهاء الاحتلال، وأن إقرار قانون الدولة القومية لعام 2018، الذي قلل من مكانة اللغة العربية وأعلن أن لليهود فقط الحق في تقرير المصير القومي، لفت انتباه الليبراليين أيضًا إلى التمييز البنيوي داخل إسرائيل". وفي مراجعته لكتاب كارتر ، وصف مايكل كينسلي، مؤسس Slate، تهمة الفصل العنصري بـ "الحمقاء" و "الحماقة" و "غير العادلة" لأن "الفلسطينيين داخل حدود إسرائيل الأصلية، مواطنون لهم الحق في التصويت وما إلى ذلك". واعتبر كينسلي أن تهمة كارتر سخيفة لدرجة أنه لم يكن بحاجة حتى لتوضيح اعتراضاته، بعد قانون الدولة القومية لعام 2018، وتحذير نتنياهو في عام 2015 بأن "الناخبين العرب يخرجون بأعداد كبيرة"، واقتراح أفيغدور ليبرمان بأن تعيد إسرائيل رسم حدودها لنفي بعض المواطنين الفلسطينيين، ومن المحتمل ألا يكون كاتب ليبرالي بارز مثل غير مبال اليوم. ويسلط باينارت الضوء على أنه "لا يمكنك تفسير التحول خلال الخمسة عشر عامًا الماضية بمجرد فحص التغييرات في إسرائيل، حيث كان هناك أيضًا تغييرًا في الولايات المتحدة، حيث يرى الأميركيون انعدام الليبرالية الإسرائيلية أكثر وضوحًا بسبب الطبيعة المتغيرة لليبرالية في الولايات المتحدة". ويقول: في عام 2007، كان الكتاب الذين قاموا بفحص كتاب كارتر في جريدة نيويورك تايمز أو واشنطن بوست أوسلايت أو نيو ريبابليك أونيويورك ريفيو أوف بوكس جميعهم من اليهودـ بقدر ما أستطيع أن أقول، لم تعط مطبوعة وطنية واحدة الكتاب إلى كاتب فلسطيني، أو حتى عربي أو مسلم، لمراجعته. ويضيف: في العام الماضي، على النقيض من ذلك، نشرت "واشنطن بوست" وحدها ما لا يقل عن أربعة مقالات رأي كتبها فلسطينيون أو شاركوا في تأليفها، والتي أيدت تهمة الفصل العنصري، وكتب المؤلف الفلسطيني طارق بقوني مقالاً طويلاً في مجلة نيويورك ريفيو أوف بوكس الذي اتخذ مكانة إسرائيل كدولة فصل عنصري كمقدمة لها، وحمل في عنوانه: "ماذا يعني الفصل العنصري لإسرائيل"، وفي سليت، نقل الكاتب الأمريكي المسلم، أيمن إسماعيل، عن الصحفي الفلسطيني أحمد شهاب الدين، الذي لاحظ بارتياح أنه "قبل ثماني سنوات، عندما كنت أعمل في نيويورك تايمز ومحطة بي بي إس وأماكن أخرى، كان علي أن لدينا حجج حول استخدام كلمة احتل، والآن، نحن نستخدم مصطلحات مثل الفصل العنصري". ويتابع: كما كتبت من قبل، ينبع هذا التغيير إلى حد كبير من حركة حياة السود مهمو Black Lives Matter وحركة أنا أيضًا #MeToo النسائية التقدمية، التي فرضت حسابًا في وسائل الإعلام الليبرالية السائدة حول أسئلة التمثيل، ومن الصعب الآن استبعاد الفلسطينيين من المحادثات حول ما إذا كانت إسرائيل تمارس الفصل العنصري لنفس السبب الذي يجعل من الصعب استبعاد الأمريكيين السود من المحادثات حول ما إذا كانت الشرطة الأميركية عنصرية أو النساء من المحادثات حول القيود المفروضة على الإجهاض. ويواصل: لكن تحول الليبرالية الأميركية لم يكن مجرد تحول ديموغرافي، لقد كانت أيضًا أيديولوجية، وعلى مدار الخمسة عشر عامًا الماضية، تحرك مركز ثقل الليبرالية الأميركية بشكل كبير إلى اليسار. ويقول باينارت: لفهم مقدار ما تغيرت الأمور، اقلب كتاب باراك أوباما لعام 2006، عنجهية الأمل The Audacity of Hope، والذي أصاب الليبراليين بالإغماء في ذلك الوقت، وحينها أعلن عضو مجلس الشيوخ الشاب عن ولاية إلينوي (أوباما)، "أنا أؤمن بالسوق الحرة والمنافسة وريادة الأعمال، وأعتقد أنه لا يوجد عدد قليل من البرامج الحكومية لا تعمل كما هو معلن عنها، وأرفض السياسة التي تستند فقط إلى الهوية العرقية أو الهوية الجنسية أو التوجه الجنسي أو الضحية بشكل عام، وأعتقد أن الكثير مما تعانيه المدينة الداخلية ينطوي على انهيار في الثقافة لن يتم علاجه بالمال وحده". ويضيف الكاتب: من المستحيل تخيل مرشح رئاسي ديمقراطي يكتب هذه الجمل اليوم، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى أن العقد الماضي شهد تصاعدًا في النشاط اليساري لم نشهده منذ الستينيات، ودفعت الأزمة المالية لعام 2008 العديد من الشباب الأمريكيين إلى التشكيك في الرأسمالية، ودعم نشاطهم حركة احتلوا 2011 ثم رفع بيرني ساندرز من سيناتور هامشي غامض (صحيفة نيويورك تايمز وضعت قصتها حول إعلانه الرئاسي لعام 2016 في الصفحة 21) إلى أعتاب الترشيح الديمقراطي، واليوم تفتخر منظمة الاشتراكيين الديمقراطيين في أمريكا بأنها تضم ما يقرب من عشرين ضعف عدد الأعضاء الذي كانت عليه قبل عقد من الزمان، وما فعلته الأزمة المالية لوجهات النظر الليبرالية حول الرأسمالية، فقد أدى مقتل جورج فلويد إلى وجهات النظر الليبرالية حول العنصرية، وفي عام 2011، قال واحد من كل ثلاثة ديمقراطيين لمنظمي استطلاعات الرأي أن "الأميركيين السود حصلوا على أقل مما يستحقون". ويقول باينارت إن هذا التحول، الذي يطلق عليه أحيانًا "الصحوة الكبرى"، غيّر الصحافة الأميركية، وهذا يعني أن المنشورات الليبرالية مثل نيويوركر The New Yorker و Slate ونيو ريبابلك The New Republic أقرب أيديولوجيًا إلى المنشورات اليسارية مثل ذي نيشون The Nation مما كانت عليه قبل خمسة عشر عامًا. ويخلص الكاتب إلى أنه "من غير المحتمل أن تتمكن الحكومة الإسرائيلية وداعموها الأميركيون من عكس هذا الاتجاه، وهناك احتمال ضئيل لحكومة إسرائيلية تحاول بصدق إنشاء دولة فلسطينية، إذا كان ذلك لا يزال ممكنًا، وبالنظر إلى أن الأميركيين الذين بلغوا سن الرشد بعد الأزمة المالية، والأميركيين الملونين، يلعبون دورًا أكبر وأكبر في تعريف الليبرالية الأميركية، فمن الصعب توقع عودة الليبرالية الوسطية التي كانت موجودة قبل عقد ونصف". ويضيف "يعكس الدعم المتزايد لحقوق الفلسطينيين في الصحافة الليبرالية تحولاً بين الديمقراطيين على مستوى القاعدة، ولكن بالنظر إلى مدى عدم ديمقراطية النظام السياسي الأميركي، فإن التحولات في الرأي العام لا تُترجم بالضرورة إلى تحولات في السياسة العامة .. انظر فقط إلى التحكم في الأسلحة، الذي تريده أغلبية كبيرة من الأميركيين لكن الكونجرس لن يمررها، نظرًا لأن الجمهوريين يجعلون الحكومة الأميركية أقل استجابة للرأي العام – من خلال التلاعب في مناطق مجلس النواب، وتوظيف المماطلة، مما يسهل على المليارديرات إنفاق مبالغ طائلة سرًا على الحملات، ويجعل من الصعب على السود التصويت – ترجمة شعبية مؤيدة للفلسطينيين قد تزداد حدة المشاعر تجاه السياسة العامة المؤيدة للفلسطينيين بشكل أكثر صعوبة، فعلى مدى السنوات الخمس عشرة الماضية، أصبح الليبراليون الأميركيون أكثر إدراكًا لمدى عدم ديمقراطية سيطرة إسرائيل على الفلسطينيين، لكني أخشى أن ابتعاد أمريكا عن الديمقراطية قد يجعلهم أقل قدرة على فعل الكثير حيال ذلك". |