|
حين يكون مجرم الحرب وسيطا للسلام
نشر بتاريخ: 10/03/2022 ( آخر تحديث: 10/03/2022 الساعة: 12:04 )
قام رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، بزيارة خاطفة الى روسيا، التقى خلالها لمدة ثلاث ساعات متواصلة، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وسط تكهنات عن وساطة إسرائيلية في الحرب الساخنة الملتهبة في أوكرانيا، والحرب الباردة الدائرة بين الغرب وروسيا. وبغض النظر في ما إذا كان بينيت وسيطا، يطرح حلولا، أم مرسالا ينقل المواقف من طرف لآخر، فإنه من المثير للدهشة والاستهجان، كيف يلعب مجرم مثل هذا الدور، وكيف يوقف مجرم حرب حربا! أما نفتالي بينيت رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي لبس هذا الأسبوع ثوب الوسيط، فقد كان الأكثر تطرفا خلال حرب «الجرف الصامد» واتهم نتنياهو ويعالون بالتخاذل وضعف الإرادة، لعدم مواصلة القصف والحرب، وقال في مقابلة صحافية: «في عملية الجرف الصامد، كنت أكثر تشددا من الجيش، والأجدر أن يكون العسكر أكثر تطرفا من السياسيين». وردا على سؤال حول موقفه من قتل أطفال يطلقون البالونات من غزة، قال «يجب التعامل معهم وكأنهم يطلقون القذائف المدفعية». وهو تباهى بأنه في الحرب على لبنان عام 2006، شارك، كضابط في الجيش، في قتل عدد من اللبنانيين، وأطلق مؤخرا تهديدات دموية على غزة. هو ينتمي إلى عائلة مجرمي الحرب الإسرائيليين، وحين يكون مجرم الحرب وسيطا للسلام، فلن يصبح على الدنيا سلام. بينيت يقتحم ملعب الكبار اقتحم نفتالي بينيت رئيس وزراء دولة صغيرة هي إسرائيل، ملعب الكبار وساحة القوى الكبرى. وقد فعل ذلك وله أهدافه المعلنة والخفية، ولكن لماذا وافقت روسيا والولايات المتحدة وأوروبا على أن يدخل هذا «الولد» الصغير ساحة ملعبها؟ ويحظى باستقبال في موسكو، وبمباركات أمريكية وأوروبية وأوكرانية، فحتى بالمقاييس الإسرائيلية يعتبر بينيت قزما سياسيا، شاءت تعقيدات العلاقة بين الأحزاب أن يضعوه على كرسي رئاسة الوزراء، في منصب لم يكن حتى مرشحا ممكنا له في يوم من الأيام. ولا يعتقد أو يتوهم أحد في العالم أن بينيت يملك قدرات شخصية خارقة تؤهله أن يلعب دورا في ملعب الكبار، وكذلك لا أوهام (سوى عند بعض العرب) حول وزن دولته. فمهما قيل عن قوتها، فهي في أقصى حد قوة كبرى إقليمية، ولكنها صغيرة وعلى هامش الدنيا في الحسابات الدولية. كان من السهل على بوتين أن يستقبل بينيت، بالذات لأنه خفيف الوزن، ولأنه جاء بلا شروط مسبقة، ولم ينضم علنا للتحالف الغربي ضد روسيا، وعنده قنوات اتصال مفتوحة مع الولايات المتحدة وأوكرانيا وأوروبا، وربما لاعتقاد ووهم بأن لليهود تأثيرا غير اعتيادي على سياسات الدول. لقد قام بوتين باستضافة بينيت وحمله ما يريد من الرسائل إلى الأطراف المختلفة، واستغل الزيارة لتوجيه خطاب للعالم بأنه مستعد للتفاوض، ويبقي الباب مفتوحا للدبلوماسية. ومما قيل عن «وساطة» بينيت، إنها مكملة للمفاوضات الجدية المباشرة الجارية في بيلاروسيا، ويبدو أنها مكملة بمعنى أنها قناة لفحص ردود الفعل على مقترحات روسية عند زيلينسكي مباشرة، وعند القيادات الأوروبية والأمريكية، التي لا ممثلون لها في مفاوضات بيلاروسيا. مرسال في مسار هامشي يبدو أن الحل الروسي المطروح يشمل النقاط التالية: أولا حياد أوكرانيا وعدم انضمامها لحلف «ناتو» بضمانات قوية، ثانيا: تنازل أوكرانيا عن القرم والمناطق الانفصالية، وثالثا، ضمانات بعدم وجود أسلحة قد تهدد روسيا. وإذا لم توافق أوكرانيا على هذه الشروط، فالحرب ستدخل مرحلة تصعيد مختلفة ومدمرة. روسيا تنتظر الجواب في مفاوضات بيلاروسيا وليس من خلال «وساطة» بينيت، خاصة وأنه من الأسهل على أوكرانيا أن تبدي مرونة في غرفة مفاوضات مغلقة، وليس بتنسيق مع الغرب، فهي بحاجة لدعم الغرب لتعزيز صمودها وليس للخضوع للشروط الروسية. |