استعداد إسرائيل لاستيعاب مهاجرين يهود أوكرانيا وروسيا
نشر بتاريخ: 12/03/2022 ( آخر تحديث: 12/03/2022 الساعة: 16:25 )
يبدو أن إسرائيل تدرك إن العقوبات والتنديد الدولي بروسيا لم تمنع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من مواصلة خطواته العسكرية، وأن تستمر روسيا في تركيز جهودها العسكرية على العاصمة كييف والمدن المحيطة بها.
وحسب التقديرات الأمنية الإسرائيلية أن روسيا لم تستخدم كامل قوتها التدميرية حتى الآن، وخاصة القصف الجوي، وإن امتناع روسيا عن استخدام سلاحها الجوي هو أمر مدروس، وموسكو تستعد لاحتمال ممارسة قوة جوية مكثفة لاحقا.
وأنه بالرغم من العقوبات الشديدة التي فرضها الغرب على روسيا، إلا أنها جعلت الرئيس بوتين، يتشدد في مواقفه وتصعيد الضغوط العسكرية، والإستعداد لإمكانية احتلال أوكرانيا كلها.
من الملاحظ اختلاف وجهة النظر في تحليل الحرب في أوكرانيا بين الغرب من جهة، وبين وجهة النظر الإسرائيلية من جهة أخرى، التي تجمع عليها القيادة السياسية والأمنية. وفيما تُبرز وسائل الإعلام الغربية نجاحات أوكرانيا المفاجئة في التصدي للغزو، مقابل تقدم بطيء للقوات الروسية، يعتقد خبراء إسرائيليون أنه برغم الأخطاء والخسائر الروسية، إلا أنه لا توجد لدى الأوكرانيين قوة عسكرية كافية من أجل لجم روسيا، التي ستستمر في التقدم وتستطيع روسيا الدوس على مقاومة الجيش والإوكرانيين.
على الرغم من ذلك وغياب فرص نجاح الوساطة، وتحذيرات المحللين العسكريين الإسرائيليين من عدم نجاج جهود رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت في الوساطة بين روسيا وأوكورانيا، ووصف جهوده بالمقامرة الصعبة التي تعكس نفسية بينيت، الذي يسعى إلى تحقيق قفزة نوعية على صعيد مكانته الدولية من هذه الفرصة التي يراها مواتية.
الحقيقة ان إسرائيل تسعى لتحقيق مجموعة من المصالح التي تتأثر بشكل مباشر أو غير مباشر بالحرب، ومنها وضع الجالية اليهودية في أوكرانيا، ومساعدة اليهود من روسيا الذين قد يرغبون في "الهجرة" إلى إسرائيل التي لا تزال تتبع سياسة عدم الإنحياز، وفقا لمصالحها الفضلى.
يبدو أن الأفضلية الأولى لدى بينيت وحكومته وفقاً لما يرونه من مسار الحرب، ومواقف الغرب وتشدده تجاه روسيا، هي السعي لإخراج يهود من أوكرانيا وتشجيعهم على الهجرة إلى إسرائيل، حتى أن شركة الطيران الإسرائيلية "إلـ عال" لم تقاطع الرحلات الجوية إلى روسيا، وهذا قد يكون إستعداداً لنقل المهاجرين اليهود.
في وسط هذه العلاقات بين أسرائيل والغرب من جهة وإسرائيل وروسيا من جهة أخرى، وتشابك المصالح، تعتبر إسرائيل نفسها مسؤولة عن أمن وسلامة عشرات آلاف اليهود، وربما مئات آلاف اليهود في روسيا وأوكرانيا، والحفاظ على أمنهم وسلامتهم في مقدمة اعتبارات إسرائيل.
لم يفوت بينيت الفرصة للتعبير عن موقفه بهذا الشأن بصراحة عندما قال: إن إسرائيل تقف في هذه الأيام تحديداً كمرساة قوة واستقرار وأمن وأمل، في منطقة صعبة، تملأها التهديدات والتحديات، وأي إسرائيلي يعلم دائماً أن لديه بيتاً يعود إليه، وأن هناك من يهتم به أثناء المصيبة.
خلال مؤتمر لهجرة اليهود، قال بينيت إسرائيل ستركز على استيعاب لاجئين يهود من أوكرانيا، وأنهم ملزمون باستقبال أولئك اليهود الذين يهربون من أماكن خطيرة بأفضل صورة، وأن يشعروا أن الباب مفتوح والبيت دافئ، ويحظر أن تضع البيروقراطية الداخلية عقبات.
وفي هذا الشان يقدر مسؤولون إسرائيليون أنهم يتوقعون موجة هجرة يهودية إلى إسرائيل، وأن عدد اليهود في أوروبا الشرقية الذين سيهاجرون إلى إسرائيل، بسبب الحرب، قد يتجاوز الـ 100 ألف، وهناك تقديرات متفائلة تقول أن العدد قد يصل إلى 250 ألف، من أوكرانيا وروسيا وأوروبا الشرقية، وهذا تطبيق للرؤية الإسرائيلية وطبيعتها حول مسألة الديموغرافية وأهميتها الإستراتيجية لإسرائيل وأمنها القومي، وتعزيز أغلبية اليهود في فلسطين.
في الأيام الماضية قالت وزيرة الداخلية الإسرائيلية، أييليت شاكيد، إن إسرائيل تستعد لاستيعاب 100 الف مهاجر أوكراني يهودي، وأنه يوجد في أوكرانيا نحو 200 ألف مستحق للهجرة إلى إسرائيل، وفي روسيا 600 ألف، و20% من الذين جاؤوا حتى اليوم هم مستحقين. وذلك بموجب قانون العودة الذي يسمح لليهود من أنحاء العالم بالهجرة إلى إسرائيل والحصول على مواطنة فيها.
واعتبرت شاكيد أن إسرائيل هي الدولة القومية للشعب اليهودي، وعليها واجب استيعاب أي يهودي، وإسرائيل ستنفذ ذلك. وتوجد أمام أولئك الأشخاص الذين يهربون من أوكرانيا دول كثيرة التي تستوعبهم مع تأشيرة عمل، وإسرائيل تستوعب غير يهود أيضاً.
في الوقت نفسه تستعد سلطة السكان والهجرة، التابعة لوزارة الداخلية، لاستيعاب مئات آلاف اليهود من أوكرانيا وروسيا ودول مجاورة، علماً أن إسرائيل رفضت استقبال 129 أوكرانيا، وطردتهم بعد أن وصل إليها 745 أوكرانيا، وتم طرد 17 منهم.
وتجلت عنصرية شاكيد في تبريرها برفض استقبال اللاجئين من غير اليهود بالقول، أنه لا توجد دولة بإمكانها فتح أبوابها أمام من يريد الدخول إليها من دون قيود، وبالطبع ليس دولة إسرائيل التي ستستوعب أوكرانيين أكثر من بريطانيا والدول المجاورة لأوكرانيا.
إسرائيل تستغل الحرب وستعمل على جلب مهاجرين من اوكرانيا، من اللذين يعتبرون كمستحقين بموجب قانون العودة، وقانون القومية، إضافة إلى قانون المواطنة، لضمان عدم السماح لغير اليهود من اللجوء والهجرة، لعدم تكرار هجرة اعداد كبيرة من دول الاتحاد السوفيتي سابقا في العام 1991، وهي تتبع السياسة ذاتها للحفاظ على الاعتبارات الأمنية والسياق الديمغرافي والطابع اليهودي للدولة.
قد تتمكن إسرائيل من استيعاب اعداد كبيرة من المهاجرين الأوكرانيين وغيرهم، ودمجهم سيكون في مناطق الضفة الغربية وعلى حساب أراضي الفلسطينيين ومصادرتها.
وعلى ضوء ذلك، هناك واجب على الفلسطينيين، ومواجهة هذه الهجرة المحتملة، والتي ستكون على حساب الفلسطينين وبناء مستوطنات جديدة، وتأثرها على حياتهم، في المقابل الاستعداد لخطاب فلسطيني قائم على العدالة والقانون الدولي والحق في تقرير المصير، في مواجهة نظام استعماري استيطاني قائم على الفصل العنصري.