|
لو بالأرقام... لاستحق كل فلسطيني مدفعاً!
نشر بتاريخ: 06/04/2022 ( آخر تحديث: 06/04/2022 الساعة: 15:25 )
ما أن هدأ غبار عملية مستوطنة بني باراك الصهيونية الأخيرة، حتى دعا رئيس حكومة الاحتلال نيفتالي بينيت كل المستوطنين لحمل السلاح لحماية أنفسهم والاستعداد لمواجهة مقبلة.. فما الذي دفعه لقرار كهذا؟جرأة العملية؟ أم حجم قتلاها؟ أم زيادة الهجمات؟ أم أعداد أولئك الإسرائيليين الذين استهدفوا في مواجهات الفترة الأخيرة؟ أياً كانت الأسباب فإن الدعوة لحمل السلاح، تعتبر تفويضاً صريحاً بالقتل وعسكرة مطلقة للمشهد. ولو طبق الأمر على الفلسطيني من باب العدالة، فإن حجم القوانين العنصرية الصادرة عن كنيست الاحتلال وحكومته، وكثافة المصادرات وقرارات توسيع المستوطنات، واستهداف الناشطين، وضخامة أعداد الشهداء وتهجير السكان، واجتياح المدن، واقتحام الأقصى، والاستيلاء على البيوت وإبعاد الناشطين، إنما تعني أن كل فلسطيني من حقه/ا أن يفكر وأمام كثافة استهدافه/ا من قبل الاحتلال كماً ونوعاً، بأحقيته أن يمتلك مدفعاً لمقارعة محتليه، ومواجهة هذا السيل الجارف من القرارات العنصرية والمواجهات المفتعلة والمتواصلة والظلم المتفاقم! الفلسطيني ومع كل ذلك لا ينادي بالمدافع ولا باحتلال القمر، وإنما بالعدالة الدولية وتطبيق قرارات الأمم المتحدة تماماً كما تطبق القرارات على أوكرانيا، وتماماً كما يتعاطف العالم مع المقاومين واللاجئين الأوكرانيين، وطبيعة تجاربهم وحقوق إقامتهم واستيعابهم وتشغيلهم وصون كرامتهم وتوفير سبل الراحة والإيواء والدعم النفسي. لعب دور الضحية وعسكرة المشهد من قبل إسرائيل، أمورٌ ما زالت حكومة الاحتلال تعتقد بأنها ستمكنها من استدامة احتلالها والقبض على أعناق الفلسطينيين، وجر تعاطف العالم معها، ليضعها في الكفة ذاتها التي تضم أولئك الذين يتصدون للظلم والعدوان. إسرائيل الضحية، مسرحية ممجوجة واسطوانة مشروخة وألعوبة مستهلكة خاصة أمام شعوب الأرض التي لم تعتد تنطلي عليها سيول الأكاذيب التي باتت مفضوحة ومحروقة ومكشوفة، خاصة أمام انكشاف الحقائق عبر وسائل الإعلام الاجتماعي، الأمر الذي دفع الاحتلال ووفق اتفاقاته السرية مع بعض وسائل الاعلام الاجتماعي إلى التضييق على الناشطين، موسعاً بذلك دائرة موانعه التقنية وكلماته المفتاحية الحاجبة، بغرض فرض الفلترة المتصاعدة وتقويض حرية الرأي وتكميم الأفواه وفرض رقابته المحتومة. كما أن استدامة الخوف وسط المجتمع الإسرائيلي، إنما تشكل الوصفة السحرية التي دأب زعماء الاحتلال على تفعيلها، حرصاً على تجانس المجتمع وتماسكه وتعاضده، وهو أمر فضحه العديد من رؤساء الحكومات السابقين كشارون وغولدا مائير. وعليه فإن السلام لا يشكل خياراً مطروحاً لدى الاحتلال، لأن حلوله ستعني تآكل حالة الخوف داخل المجتمع الإسرائيلي وتراجعها، وهو ما سيقود إلى تفاقم الصراع الداخلي على خلفية إثنية تفكك عرى الروابط التي تشد المجتمع الإسرائيلي وتضمن تماسكه واستدامته. لذلك فإن تسليح المجتمع الإسرائيلي يعني إشعاره بحراجة الموقف والتهديد الوجودي الذي ينتظره، وما يرتبط بذلك من أخطار تساهم في إذكاء الشعور العارم بضرورة الترابط والتماسك وتجاوز الانفلاشات الداخلية، خدمة لبقاء الدولة واستدامة الاحتلال وثبات المشروع الصهيوني. إن إدارة مصائر الشعوب عبر أخذها رهينة احتلال أصم أو سجنها في بقعة جغرافية محددة ووضعها تحت سيف التهديد والوعيد، لا تحقق استدامة الاحتلال المرجوة من قبل أصحابه، وإنما ستزيد القناعة بأن آفاق السلام أو الحلول السياسية باتت مغلقة وأن الذهاب نحو رفع سقف المطالب ورفض حلول التسوية ستصبحان سادة الموقف. لذلك فإن أمام إسرائيل خياران لا ثالث لهما: إما الانصياع للشرعية الدولية، أو مواجهة واقع يتجدد وبصورة يكون سقف الفلسطيني أعلى مما يتصوره الاحتلال. |