وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

لماذا ما زلت أعلم طلبتي مذبحة دير ياسين؟

نشر بتاريخ: 09/04/2022 ( آخر تحديث: 09/04/2022 الساعة: 18:26 )
لماذا ما زلت أعلم طلبتي مذبحة دير ياسين؟



في فجر الجمعة الموافق 9 نيسان من عام 1948، قامت عصابات ليخي وشتيرن الصهيونية وبدعم وإسناد من عصابات البالماخ والهجاناة بإرتكاب مجزرة مريعة في قرية دير ياسين، قتل فيها نصف سكان القرية تقريبا (نحو 254 شهيد). هدفت المجزرة الى ترويع الفلسطينيين وتخويفهم بهدف إجبارهم على ترك قراهم الفلسطينية، وبالفعل تشير المصادر التاريخية بأنه نتيجة مذبحة دير ياسين فقد شُرّد أكثر من 300 ألف لاجئ فلسطيني في حرب عام 1948. دير ياسين هي قرية مقدسية مسالمة دفعت ثمن العنصرية المتجذرة في الفكر والممارسة الصهيونية، ففي هذه المعركة إغتصبت النساء، وقُتل الرجال والإطفال والنساء، وقُعرت بطون الحوامل، وقُطعت الرؤوس، ومُثّل في الضحايا، وحرقت جثث الشهداء، وفجرت البيوت. وكل هذه الفظائع التي إرتكبت بحق المدنيين الفلسطينيين، لم تلحظها صور الصحافة وشهادات المراقبين، حيث أُخقيت معالم الجريمة عن العالم أجمع الى الآن، ولم تسمح الهاجاناة ولا جيش الاحتلال الاسرائيلي لاحقاً بنشر أي صور عن المجزرة. ولكن هذه الجرائم غير الانسانية رويت من قبل شهود عيان سواء كانوا ناجيين من أطفال القرية أو من قبل من شارك في هذه الجريمة من قبل العصابات الصهيونية. إحدى المجدنات في شتيرن تقول أنها لا تستطيع أن تنسى الى الآن صورة المرأة الفلسطينية التي قطع رأسها وهي جالسة على كرسي في غرفة النوم، وأخر يقول أنه أغمى عليه عندما شم رائحة الجثث التي حرقت بمقربة من شجرة كبيرة في قلب القرية، و روى مجند آخر أنه ما زالت تطاره في أحلامه أشباح الجثث التي أمر بالنوم بينها في فناء "علية" كبيرة في دير ياسين. أما الناجون من هذه المذبحة من الأطفال الصغار، فقد رووا الكثير من جرائم القوات الصهيونية في قريتهم؛ يُتّموا وإعتقلوا، ثم وضعتهم شاحنات الهاجاناة في باب العامود دون مأوى ودون أهل. تروي هند الحسيني في مذكراتها بأنها طلبت من هؤلاء الأطفال- وعددهم نحو 50 طفلاً- أن يذهبوا الى بيوتهم خوفاً من إصابتهم برصاص الصهاينة، الا أن أحداً منهم لم يتحرك، وعندما كررت السؤال تقدم اليها أحدهم قائلاً لها نحن أطقال دير ياسين لم يعد لنا بيت ولا أهل، فما كان من هذه العظيمة هند الا أن إحتضنتهم بقية حياتها ووفرت لهم ملجأً ومدرسةً وحياةً كريمة. يقول المؤرخ الفلسطيني وليد الخالدي بأن الارهابيين الصهاينة قاموا بهذه المجزرة على الرغم من أن قرية دير ياسين كانت قرية هادئة ويوجد إتفاق عدم تعدي بين "غيفعات شاؤول" (المستعمرة الأقرب إلى دير ياسين) وبين مختارها، والقرية لا تشكل أي خطر أمني على المستعمرات الصهيونية. ويسرد الخالدي شهادات حية من الناجيين من القرية مشيراً الى أن بريطانيا الدولة المنتدبة حينها لم تفعل شيئاً لحماية الفلسطينيين، كما أنها لم تقم بمحاسبة من إرتكب هذه المجزرة.
وبعد أكثر من 74عاما على ذكرى مجزرة دير ياسين أو كما أسميها "الهوليكوست الفلسطينية"، ما زلت أعلمها لطلبتي في مساقات القضية الفلسطينية في كل فصل دراسي، وأصر على تعليمها كمقدمة للنكبة. فدير ياسين موجودة حتى هذه اللحظة فينا جميعاً؛ في القدس، وفي مخيم الدهيشة، وفي جنين، وفي كل مكان على هذه الارض الفلسطينية العربية. وذلك لان الصهيانة ما زالوا يمارسون ما فعلوه في هذه المجزرة في كل مكان ضد الشعب الفلسطيني، وبنفس الوسائل والايديولوجيا. فقد وقعنا معهم إتفاق سلام "أوسلو" فخانوه وعاثوا في أرضنا فسادا، قتلوا الأطفال وإعتقولهم ، حرقوا الاسر الفلسطينية أحياءً، فجروا بيوت المدنيين، طردوا العائلات الفلسطينية في الشيخ جراح والأغوار وغيرهما، سلبوا ثرواتنا وسرقوا البيوت التي إقتحموها، إنتهكوا حرمة نسائنا ومقدساتنا.. فعلوا كل هذا لاننا فلسطينيين عرب، لاننا غير صهاينة، هي فعلاً كانت وما زالت سياسة فصل عنصري وسياسة تطهير عرقي . وللأسف، فإن العالم ما زال صامتاً على كل هذه الجرائم تماما كما فعل أيام مذبحة دير ياسين! فيا العار.