|
القدس صبابة القلوب
نشر بتاريخ: 12/04/2022 ( آخر تحديث: 12/04/2022 الساعة: 10:57 )
بقلم النائب سميرة حلايقه
منذ وقت ليس بالقصير توقفت عن الكتابة ليس لوهن أصاب قلمي ولا انكسار في الكلمات، سوى بعض الظروف الطاغية التي أجبرت قلمي على الكتمان، ثم ها أنا أمتشق قلبي المتيم في هوى مدينة العاشقين، التي أثارت شجوني بما يحدث في مآس وتحديات، عدت الآن وقد أدمي قلبي ما يحدث في القدس من تحديات تجاوزت الوصف.
كنا منذ زمن نتابع مسلسل الحفريات تحت المسجد الأقصى، وتغيير المعالم حوله، وتسميم الأجواء بمنع المواطنين من الدخول إليه عبر سلسلة طويلة من الاعتقالات والاستدعاءات وفرض سياسة الترحيل والإقامة الجبرية ومنع الوصول للمواطنين المقدسيين، ثم بدأت الأوضاع تشتد حلكة حيث الأعمال المقيتة للمستوطنين الذين يقتحمون منازل الفلسطينيين وأحيائهم، ثم يصادرونها ويقطنون فيها بلا رادع ولا وازع من ضمير، لتبدأ رحلة المحاكم بين الأسر الفلسطينية والمستوطنين برعاية أضخم وأكبر مؤسسات دولة الاحتلال إلى أصغر مؤسسة وصولًا الى حكومة الاحتلال.
تابعنا وبقلق شديد رحلات المستوطنين المدججين بأنواع الأسلحة، وهم يقتحمون باحات الأقصى يوميًا، وتحت سمع وبصر حكومات الاحتلال المتعاقبة، وشاهدنا كيف كان الجنود يعتقلون الحرائر والأطفال والشباب والشيوخ على بوابات الأقصى، ويحولونهم إلى مركز تحقيق القشلة، ليطيلوا عليهم وقت وزمن الوصول للأقصى، فيما يتداعى قادة ورؤساء الأحزاب اليمينية ووزراء متطرفين لمساندتهم دون أي اعتراض ليقيموا صلواتهم التلمودية في باحات الأقصى.
لم تهن القدس ولم توهن العزائم في الوصول إليها، فهاهم أُسدها يمتشقون المجد، ويزأرون في وجه زحوفهم، وإن الزمن الجميل الذي كنا نحلم فيه بالوصول أصبح على بعد فراسخ قليلة أو قاب قوس واحد من الانعتاق.
ومما يؤسف له أن هذه الأوجاع التي تلم بمفاصل المدينة تتزامن مع موجة من التطبيع العربي مع الكيان الإسرائيلي، والتي فتحت الباب على مصراعيه لتحقيق أحلام المستوطنين وفرض واقع ووقائع على الأرض، والذي أفرز تحديات كبيرة أمام المقدسين الذي يكادون أن يكونوا وحدهم في ساحة المواجهة.
لم تكن المواجهة حديثة عهد بسواعد المقدسيين، لكن من المعيب أن يتركوا وحيدين أمام آلة القمع التي تزداد يومًا بعد يوم لطمس معالم المدينة التي تحمل العمق الديني والحضاري والتاريخي للأمة الإسلامية.
ومن الصعب علينا أن نتخيل كيف يفكر الاحتلال بكل مكوناته السياسة وأطيافه الحزبية القائمة على التطرف، في الوقوف خلف جماعات الهيكل، فيما تتسكع حكومات بني يعرب على أرصفة التطبيع تغازل الحكومات الصهيونية، وتقيم معها أسوأ العلاقات المشبوهة تاريخيا.
فالقدس كانت وما زالت بوصلة الحرب والسلام، فنحن لا ننتمي لها عقائديا فحسب، بل هي من صنعت لنا تاريخ الانتماء، وطهر الارتقاء، وما زالت بالنسبة لنا سليلة المجد والشرف المفدى.
لا ندري كيف نامت أعين الجبناء عما يحدث في القدس، وصمتت دهرًا وهي تسمع أناتها وضجيج المعمعان.
ولكن للأسف بات الكثير من هؤلاء الجبناء يتسترون بأهداب عين تناطح المخرز، ولسان حالهم يقول للمقدسيين اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون، ولم يكن القعود خيرًا لهم بل هو الشر المستطير.
وجل ما يسعى إليه الاحتلال ليس استمرارًا في فرض الواقع على مختلف الأصعدة في المدينة المقدسة، بل زيادتها وإضافة الجديد من الخطط التصعيدية المتزامنة مع حالة الموت السريري التي تعاني منها الأمة، وفي كل خطوة تتجدد أحلام جديدة سيحققونها في قادم الأيام.
السؤال المهم ماذا تنتظر الأمة، وماذا ينتظر العرب؟ الأنفاق وقد حفرت، والشوارع تغيرت أسماؤها والأحياء استوطنتها الغربان، والصلوات التلمودية أقيمت على أرض موطن الإسراء، والبيوت وقد هدمت، والفئة الثابتة تم نفيها من الأرض المقدسة، وبعد أيها الاحرار، من يذود عن حرماتها ويرفع الضيم عنها؟.
|