وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

بدون مؤاخذة- القدس مفتاح الحروب والسلام

نشر بتاريخ: 16/04/2022 ( آخر تحديث: 16/04/2022 الساعة: 15:43 )
بدون مؤاخذة- القدس مفتاح الحروب والسلام



اقتحام قوّات الاحتلال للمسجد الأقصى يوم الجمعة 15 ابريل 2022 وتدنيسه بهذه الوحشيّة، واعتدائها على الصّائمين الرّكّع السّجود لم يكن وليد اللحظة، ولا ردّة فعل آنيّة على أحداث جرت في حرماته، بل هو مخطّط ومدروس، تماما، فالقدس ومقدّساتها مستهدفة حتّى قبل وقوعها تحت الاحتلال في حرب العام 1967. ولا تزال وستبقى مستهدفة، ويجري تهويدها بشكل يوميّ، واقتحام الأقصى وتحطيم نوافذ المسجد القبليّ العليا ودوس سجّاده بنعال شرطة الاحتلال ليس الأوّل ولن يكون الأخير.
فالتّخطيط لتقسيم المسجد الأقصى وبناء الهيكل المزعوم في باحاته، إن لم يجرِ هدم قبّة الصّخرة المشرّفة لبنائه مكانها لم يتوقّف يوما، عدا عن الحفريّات التي تنخر أساساته وأساسات المدينة العتيقة كلها، فلا أحد ينسى إشعال النّيران في المسجد المبارك في شهر أغسطس 1969 والتي أتت على أجزاء من المسجد القبليّ بما فيها منبر صلاح الدّين التّاريخيّ، وتواصلت الاعتداءات على المسجد وقتل وإصابة المصلّين فيه، وتقسيمه زمانيّا، ولن تتوقّف، ما دام العالم بقيادة أمريكا ومن ضمنه الأنظمة العربيّة المتصهينة يعتبرون اسرائيل فوق القانون الدّوليّ، ويدافعون عن موبقاتها.
ويلاحظ أنّ الحكومة الإسرائيليّة قد مهّدت لتبرئة نفسها من الجرائم التي ارتكبتها سلفا قبل بداية شهر رمضان المبارك، فأجرى قادتها اتّصالات مع بعض القادة الفلسطينيّين والعرب مطالبين بالتّهدئة في الشّهر الفضيل. وهي بهذا جرّمت ضحاياها سلفا، وحاولت تبرئة نفسها من جرائمها، مع أنّها أطلقت وبقرارات علنيّة أيدي جنودها ومستوطنيها ليقتلوا وليدمّروا دون قيود.
ومع أنّ القيادات الإسرائيليّة تعرف تماما من خلال مراكز الأبحاث في اسرائيل ما يعنيه المسجد الأقصى كجزء من عقيدة المسلمين، فهو قبلتهم الأولى، ومعراج رسولهم، وأحد المساجد الثّلاث التي تشدّ إليها الرّحال، إلا أنّهم وبدعم لا محدود من أمريكا، وبتحالفات مع أنّظمة التّطبيع العربيّ والإسلاميّ، يواصلون سياساتهم الإستيطانيّة، ويواصلون العمل لتقسيم المسجد الأقصى مكانيّا بعد أن قسّموه زمانيّا. وواضح أنّهم هم وكنوزهم الاستراتيجيّة من الحكّام العرب لم يتعلّموا من التّاريخ ولا من تجاربهم التي مرّوا بها، ويبدو أنّهم غير مقتنعين بأنّ المسّ بالمسجد الأقصى هو تجاوز لكلّ الخطوط الحمراء، فلم يتعلّموا من تجربة "البوّابات الإلكترونيّة" التي نصبوها عام 2017 على مداخل الأقصى، فخرجت القدس خاصّة وبقيّة المدن والبلدات الفلسطينيّة بقضّها وقضيضها دفاعا عن مسجدهم وعقيدتهم، ولم يتعلّموا ممّا جرى في مايو الماضي عندما قصفت المقاومة الفلسطينيّة في قطاع غزّة المدن الإسرائيليّة نصرة للقدس ومقدّساتها. ولا يريدون أن يستوعبوا أنّ أنظمة التّطبيع العربيّة ستتهاوى أمام شعوبها، وأنّ المنطقة ستدخل في حروب دينيّة إذا ما تمّ المسّ بالمسجد الأقصى، وأنّ أحدا لن ينجوا من لهيب نيرانها، وستشكّل تهديدا حقيقيّا للسّلم العالميّ، فالشّعوب العربيّة ورغم قمع الأنظمة لها، ورغم تضليلها وتغييبها عن حقوقها، إلّا أنّها مؤدلجة دينيّا، ولن تتهاون عند المسّ بعقيدتها.