|
فلسطين والمثلث الذهبي
نشر بتاريخ: 25/04/2022 ( آخر تحديث: 25/04/2022 الساعة: 13:16 )
بالأمل المشبع بإرادة الحق، وبالوحدة المنغرسة في ماء القوة، وبالمقاومة المنبعثة من منجم الفداء، سينتصر الشعب الفلسطيني، حتماً، على أبشع احتلال عرفته البشرية.. لا يمكن للفلسطينيين إلا النصر، ولا سبيل للمحتل إلا القبر أو الفرار.. بالأمل نعيش لأجل الحق، وبالوحدة نحمي أهل الحق، وبالمقاومة نسترد الحق... في هذا المقال سنتطرق إلى هذا المثلث (الأمل، الوحدة، والمقاومة)، ذلك المثلث الذي إن تحققت أضلاعه سنبني منها نصراً على عدونا... هذه الأركان الثلاثة سنناقشها في مقالنا هذا، ولنبدأ بالأمل... الأمل: في بعض الأزمنة من تاريخ الأمم تسود موجات من التشاؤم واليأس حتى تغلب على بعض النفوس؛ فتظن أن الليل مستمر، وأن الظلام لا ينتهي، وأن الفجر لن يبزغ. هذه الموجات يجب ألا تكون من شيم أو سمات المؤمنين لأن اليأس من طبائع الكافرين، بينما القنوط قرينٌ للضلال. وفي هذا يقول جل وعلا (وَلا تَيْأَسُوامِنْرَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْرَوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ). وكذلك قوله (وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ). علينا أن نذكر الإيجابيات ونحارب السلبيات… علينا أن نمجد كل ما هو مشرق ونعمل على نشره، فما بعد الظلام إلا النور وما بعد العسر إلا اليسر. إن بعد العسر يسرا إن بعد العسر يسرا/ وتلك الأيام نداولها بين الناس/ ما غلب عسرين يسر/ فالأيام سجال ودوام الحال من المحال. ومهما فسدت الأحوال فإن الآيات القرآنية والأحاديث النبوية جاءت تبشرنا بأن الأمة لا تجتمع على ضلالة، وإنه إن ضل قوم فسيظل هناك مهتدون هادون. (فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَٰؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَّيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ). (وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) (إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ). ولا يخفى على أحدٍ أن أمتنا الإسلامية في ضعف شديد لكنها لن تموت… فالله بشر هذه الأمة بالرفعة والنصر والتمكين في الأرض. فقد جاء الصليبيون من أوروبا في تسع حملات لاحتلال الشام والأقصى؛ ليظل الأقصى في قبضتهم تسعين عاما إلا أن الله هيأ رجالا لهذا الدين كعماد الدين زنكي وابنه نور الدين محمود وتلميذه صلاح الدين الأيوبي والظاهر بيبرس وغيرهم؛ ليدحروا التتار ويحرروا ارض الإسلام. وكذلك الحال مع التتار الذين عاثوا دمارا وتقتيلا في العالم الإسلامي؛ ليقوم القائد قطز بإبادتهم على أرض فلسطين في معركة عين جالوت. والعاقبة مماثلة وقريبة لبني صهيون إن شاء الله. إن المستقبل للإسلام، فلا ينبغي أن نيأس أبدا ولا ينبغي أن نقنط أبدا. علينا أن نعمل للإسلام، كما نعمل بالإسلام. الإسلام هو مصدر القوة والعزة والاستقرار والطمأنينة والعدل. هو دين التفاؤل والأمل والرقي والتقدم. علينا أن نكون أهلا لهذا الدين العظيم ولسنة نبيه الكريم. كلما اقتربنا من الدين وإليه كلما اقترب النصر منا والينا… وكلما طبقنا شرع الله في حياتنا كلما زدنا سعادة وتفاؤلا وقوة وتمكينا. لا مكان للإحباط في دين الإسلام، ولا مكان للعجز في نفوس المسلمين. إنه صراع الإرادات بين النفوس المترعة بنار الشيطان والنفوس الساكنة في ينبوع الخير والإيمان. وهنا نذكر بعض الأقوال: (يمكن للإنسان أن يعيش بلا بصر ولكنه لا يمكن أن يعيش بلا أمل. (لولا الأمل في الغد لما عاش المظلوم حتى اليوم). (إذا فقدت مالك فقد ضاع منك شيء له قيمة، وإذا فقدت شرفك فقد ضاع منك شيء لا يقدر بقيمة، وإذا فقدت الأمل فقد ضاع منك كل شيء). (أكبر القتلة قاتل الأمل). الوحدة: إنّ مفهوم الوحدة الاسلامية يجسّدها القرآن الكريم بأروع وأجمل صورة، فحينما نتأمل بمفردات آياته جل وعلا نجد هذا المفهوم واضحاً جلياً فعندما يخاطبنا، بقوله تعالى تعالى: ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ﴾ أو قوله تعالى: ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾ . فالقرآن يصوغ ويؤكد على مفهوم الأمة الواحدة، القادرة على التعايش والتكيّف فيما بينها، فما أحوجنا اليوم الى تجسيد وتفعيل هذا المفهوم الكبير على أرض الواقع- وإن اختلفنا - للوصول إلى الأهداف الكُبرى التي تجمع شمل المسلمين على كلمة التوحيد. تنبع أهمية وحدة المسلمين من أنّها سبيل لتوحيد صفوفهم، ولمّ شعثهم، وجعلهم كيانًا وجسدًا واحدًا، على اختلاف أعراقهم وأنسابهم وألوانهم وبلدانهم، والوحدة مطلب وهدف ترنو إليه المجتمعات البشرية كلّها، وتبذل كلّ ما لديها للوصول إليه، فوحدة المسلمين مؤدية إلى قوتهم ومنعتهم وعزتم، فلا ينال أعداؤهم بها منهم، ووحدة الأمة الإسلامية فرض واجب، وقد أقرّ الله تعالى هذا المفهوم، فكانت الأوامر والنواهي موّجهة للجماعة وليست للفرد الواحد، فالفرد جزء لا يتجزأ من كيان الأمة. وبخصوص الحالة الفلسطينية، فإن الوحدة هي أساس القوة، ولا يمكن لفلسطين أن تتحرر وشعبها أن يستنشق الحرية إلا بالوحدة. فالوحدة هي القاعدة التي تتأسس عليها مداميك المنعة والقوة والتمكين. بالوحدة تتعزز شروط النصر، وبالوحدة تتراكم مفاعيل القوة، وإن ما ابتلي به الشعب الفلسطيني من انقسام أمرٌ معيب ومحزن. ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يبقى الانقسام سائداً في بنية الفلسطينيين السياسية والاجتماعية والثقافية والجغرافية. إن الانقسام أساء للقضية الفلسطينية داخلياً وخارجياً. إن استمرار الانقسام والحيلولة دون تحقيق الوحدة سيجعل من الاحتلال أسوأ مما هو عليه بحق شعبنا وأرضنا. يمثل الانقسام الداخلي نكبة أخرى للشعب الفلسطيني. فهذا العار سيلحق بكل أولئك الذين كانوا سبباً في أحداثه، أو أداة معيقة لإنهائه. إن هذا الانقسام سبب خلق احتقاناً وشرحاً داخلياً داهم البنى الاجتماعية والثقافية والوطنية الفلسطينية، وساهم في إضعاف القوة الوطنية في مواجهة المستعمر، عدا عن إضعاف أو تراجع الإسناد الدولي للقضية الفلسطينية وعدالتها. يتوجب على الساسة وقادة الأحزاب، لا سيما لفتح وحماس أن ينهوا هذا الوباء الوطني الخطير المعروف بالانقسام. عليهم أن يكون قادة يستحقون الاحترام لا مسؤولين عاجزين. المقاومة: على مدى قرنٍ ونيف من الزمن، طرحت دول ومنظمات وأشخاص أكثر من ثمانين مشروعاً ومبادرة لتسوية القضية الفلسطينية أو تصفيتها، ولكن كل ذلك آل إلى الفشل، والسبب: أن هذه المبادرات لم تمنح صاحب الحق حقه، بل كانت مبادرات للتصفية لا مشاريع للحل والتسوية العادلة. وعلى العكس من ذلك، فقد تعاطت هذه المبادرات مع المحتل وتحالفت معه في ظلمه بحق الشعب الفلسطيني... وما "صفقة القرن" ومسميات أخرى قد تلحقها ستذهب إلى الرفض والفشل والانهيار… فالعار والويل لكل من يساوم على قضية فلسطين وشعبها من غرب وعرب وعجم. لا يمكن أن تنجح أي مبادرة أو تسوية ظالمة في فلسطين… فهذه الأرض المقدسة والمباركة تلفظ كل ظالم ومحتل. إنها الأرض التي لا يُعمر فيها ظالم… إنها فلسطين: أرض المنشر والمحشر…أرض الأقصى والمسرى. أرض الرباط والطائفة المنصورة… إنها أرض الخلافة والأنبياء والشهداء ومهد الحضارات والديانات. لا مساومة مع المحتل، بل مقاومته والتصدي له… لا مناص للاحتلال إلا الرحيل عن أرضنا أو الاندثار في باطنها مثلما جرى مع كل المستعمرين والغزاة الذين جاؤوا من أقاصي الدنيا ليعيثوا دماراً وهلاكاً بأرض فلسطين وشعبها. فماذا كان مصير كل من الروم والإغريق والفرس والصليبيين والتتار ونابليون والإنكليز والكثير مما سواهم. لقد كان مصيرهم الهزيمة في أرض فلسطين؛ إما فراراً وإما هزيمة وقتلاً وعاراً. إن الحل الوحيد لقضية فلسطين يكمن في زوال الاحتلال عن كامل تراب أرضنا من النهر إلى النهر… لا مقايضة على الحق، ولا نسيان للحق. لا يمكن لأي كائن، أكان فرداً، أم مجموعة أم جماعة أم دولة أن تحارب أو تُنهي مقاومة شعب واقع تحت الاحتلال.. فالمقاومة أمرٌ فطري، وحقيقة واقعية، وضرورة إنسانية لكل من وقع تحت ربقة المستعمر أو نار الاستبداد والاستعباد.. لا يمكن لمقاومة الشعب الفلسطيني أن تنتهي.. إنه المستحيل.. قد تضعف، أو يتراجع منسوبها لكنها لن تموت... الثورات مثل تيارات البحار.. تتراجع قليلاً لكنها سرعان ما تعود إلى القوة والتمرد... إن حب الوطن والدفاع عنه لا يحتاج لمساومة؛ ولا يحتاج لمزايدة؛ ولا يحتاج لشعارات رنانة؛ ولا يحتاج لآلاف الكلمات. من أجل تحرير الأرض وحرية أهلها أُريقت الدماء؛ وتشردت أمم... إن من أجل الأوطان تحملت الشعوب ألواناً من العذاب. ولكي نكون مخلصين للأرض: منها وبها ولها؛ وإليها، فإننا مطالبون، أينما كنا، أن نحافظ عليها! ومن أجل حريتنا نحتاج إلى العمل من دون مقابل، لأن الوطن فوق كل شيء. إن الإسلام ينبغي أن يكون هو القاعدة التي يستند إليها مشروع التحرير، وتدمير المشروع الصهيوني؛ لأن الله سبحانه وتعالى تكفل بنصر عباده الصادقين، ولأن الإسلام هو عقيدة الأمة، وبه خيرها وفلاحها، ولأنه الأقدر على تعبئة الجماهير وحشد طاقاتها، ولأن تجارب التاريخ " سواء في فتح القدس أو تحريرها من الصليبين والتتار" أثبتت نجاح الحل الإسلامي، كما أثبت تاريخنا الحديث والمعاصر فشل الأيديولوجيات الأخرى. إن شعبنا متيقن من نصر الله، ومن اقتلاع المشروع الصهيوني مهما طال الزمن، فهذا وعد الله سبحانه وتعالى في فواتح سورة الإسراء … علينا أن نكون أهلاً لفلسطين وقضيتها حتى نكون مؤهلين للانتماء لها. علينا أن نتعرف جيدا على تاريخنا وقضيتنا؛ لندحض خرافات وأساطير الحركة الصهيونية وربيبتها إسرائيل… علينا أن ندافع عن أرضنا كما ندافع عن أنفسنا… فلا كرامة لإنسان إلا في وطنه، ولا وطن لنا إلا فلسطين… وما المحتل إلا طارئ فيها، وزواله قريب إن شاء الله (أتى أمر الله فلا تستعجلوه… وتلك الأيام نداولها بين الناس… ترونه بعيدا ونراه قريبا) فعلينا بالانتماء والوحدة والمقاومة من أجل تحرير أرضنا المباركة والمقدسة؛ فلسطين حتى نغدو فيها أحراراً وأسياداً… |