|
احتفالات «يوم الاستعمار» في إسرائيل
نشر بتاريخ: 05/05/2022 ( آخر تحديث: 05/05/2022 الساعة: 09:36 )
تحتفل إسرائيل اليوم الخميس، بما يسمّى «يوم الاستقلال» الذي يستند إلى أسطورة التحرر الوطني من الاستعمار البريطاني، وإقامة الدولة المستقلة، التي حلمت بها الأجيال اليهودية المتعاقبة. وتقوم إسرائيل باستعراض عضلاتها العسكرية وتنتشر الفعاليات الاحتفالية على طول البلاد وعرضها. في المقابل يحيي فلسطينيو الداخل في اليوم نفسه ذكرى النكبة والتهجير، تحت شعار «يوم استقلالكم هو يوم نكبتنا» للتأكيد على الحد الفاصل بين أهل البلاد الأصليين، الذين جرى تهجيرهم، ومن سلبوا الأرض واستوطنوا فوقها. وما يميّز هذا اليوم في إسرائيل هو الجرعة السامة من الكذب والتضليل وتزييف التاريخ والحقائق، لمنح شرعية للمشروع الإسرائيلي ولإثبات أن إسرائيل حصلت على «استقلال» عام 1948، وللتغطية أن ما حدث فعلا هو استبدال استعمار تقليدي باستعمار استيطاني إحلالي أفظع بما لا يقارن. وفي الحقيقة أننا بصدد احتفال «يوم الاستعمار» في إسرائيل، وهذا ليس إحياء لذكرى مضت، بل هو فعل يومي متواصل في الجليل والنقب والضفة والقدس، وأرجاء فلسطين التاريخية كافة. فشل الهدف كان الهدف الأوّل للحركة الصهيونية وما زال هو بناء «بيت» آمن لليهود في العالم، لكنّها لم تحقق الهدف، حيث إسرائيل اليوم هي أكثر المواقع في العالم خطورة على اليهود، بعد أن زجّتهم الصهيونية في صراع دام تبعا لسياساتها الاستعمارية العدوانية العنيفة. وإذ تدعي إسرائيل الدولة ومفكّرو بلاطها أن «استقلال إسرائيل» هو خلاص، أو بداية خلاص اليهود من معاناة الملاحقة واللاسامية، وحصولهم على الأمن والأمان المفقودين في بلاد «الشتات» فإنّ هذا الادعاء لا يصمد بامتحان النقد المحايث ويتهاوى أمام حقيقة أن كل دول العالم هي أكثر أمانا لليهود من دولة اليهود. بين وثيقتين جاء الإعلان عمّا يسمّى استقلال إسرائيل، في وثيقة مؤسّسة، تلاها دافيد بن غوريون، قائد الحركة الصهيونية في اجتماع «مجلس الشعب» في 14 أيّار/مايو عام 1948، ويجري الاحتفال سنويا بهذه المناسبة وفق التقويم العبري. وتعتبر «وثيقة الاستقلال» الوثيقة التأسيسية للدولة العبرية والمحدّدة لطابعها والمعبّرة عن هويّتها وتوجهاتها العامة. وهي تشمل تلخيصا للرواية الصهيونية المركزية حول حلم شعب إسرائيل بالعودة إلى «وطنه» وحول السعي للسلام والديمقراطية والمساواة بين المواطنين. وهي في جوهرها نص تبريري لإقامة الدولة استنادا إلى محاولة منح بعد قومي للمشاعر الدينية اليهودية، وإلى وعد بلفور الاستعماري وإلى الجزء المتعلّق بإقامة دولة يهودية في قرار التقسيم. وقد تبين أن بن غوريون استبدل تعبير «في إطار» الذي جاء في المسودة الأولى للوثيقة، بتعبير «على أساس» قرار التقسيم للتملّص من الالتزام بالجزء الخاص بإقامة دولة فلسطينية. وكثيرا ما تلوّح إسرائيل بهذه الوثيقة للتعبير عن شرعية الوجود، وعن أن إسرائيل هي جزء مما يسمّى الأمم المتحضّرة. يوم استقلالهم هو يوم نكبتنا منذ 25 عاما وعلى التوالي، تحيي الجماهير الفلسطينية في أراضي 48، ذكرى النكبة في اليوم ذاته الذي تحتفل فيه إسرائيل باستقلالها، وذلك كصرخة رفض وتحد، وكمحاولة متواضعة لتعكير أجواء الاحتفال الإسرائيلي بالانتصار على الشعب الفلسطيني وتشريده من أرضه. وتنظم «مسيرة العودة» السنوية إلى إحدى القرى المهجّرة، التي أُبعد أهلها عنها، لكنهم بقوا في الداخل وسكنوا بلدات فلسطينية في المثلث والجليل والنقب، وهم يشكّلون ما يقارب 20% من فلسطيني الداخل. ويشارك في «مسيرة العودة السنوية» الآلاف من الناس، غالبيتهم من الشباب، الذين يعبّرون عن تمسكهم بحق العودة الذي لا يسقط بالتقادم. وكثيرا ما يصطدم السائرون في مسيرات العودة بالإسرائيليين المحتفلين بعيد «الاستقلال» في أحضان الطبيعة الخلابة المحيطة بمواقع القرى المهجّرة. لقد أصبح الشعار المركزي لمسيرات العودة هو «يوم استقلالهم هو يوم نكبتنا» وهو تذكير مدوّ بأن الصراع على الأرض ما زال قائما وأن الصراع على المعنى على أشدّه بين أكاذيب الاستقلال الصهيونية وصرخات ضحايا الصهيونية، الذين أفشلوا احتلال الوعي بعد احتلال الأرض. احتفالات في الخليج في الوقت الذي تجري فيه محاولات حثيثة لتفكيك مفهوم «الاستقلال» في السياق الإسرائيلي، تقوم أطراف عربية بشحنه بشرعية عربية جديدة، فقد جرت ولأول مرّة احتفالات رسمية في الخليج بمناسبة «يوم استقلال إسرائيل» بدأت بإحياء ذكرى «شهداء معارك إسرائيل وضحايا الأعمال العدائية» حيث ألقى السفير الإسرائيلي في الإمارات العربية المتحدة، أمير حايك كلمة جاء فيها حرفيا: «إسرائيل تتعاون مع الراغبين في السلام والاستقرار والبناء، لذا نتعاون مع الإمارات.. وهنا في أبو ظبي نطأطئ رؤوسنا احتراما وإجلالا للذين بموتهم منحونا الحياة». |