وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

خليل عواودة واليوم التسعين من اضرابه المفتوح عن الطعام؟!

نشر بتاريخ: 02/06/2022 ( آخر تحديث: 02/06/2022 الساعة: 23:33 )
خليل عواودة واليوم التسعين من اضرابه المفتوح عن الطعام؟!

كيف لنا أن نتخيّل هذا الرقم المهول؟ كيف استطاع أن يتجاوز كل هذه الأيام الشاقّة؟ ودون أية مدعّمات كما كان في إضرابات مماثلة؟ أية إرادة هذه التي تقود صاحبها هذا الطريق الوعر والمحفوف بالمخاطر التي تجعله يقف على حافة الموت في كل لحظة من لحظات هذه الأيام العصيبة.

هذا إن دلّ فإنما يدلّ على طبيعة هذه الشخصية الفذّة، وبعيدا عن اجتراح المعجزات وكرامات الاولياء فإن ما يحدث خارج عن حدود القدرات العادية لانسان يملك إرادة قوية، إن ما يحدث هو أبعد من هذا بلا شك، أيّ إيمان وقر في قلب هذا الرجل؟ وأي التحام لارادته بهذا الايمان الفاعل؟ وأية ثقافة تسكن جنبات هذا الرجل؟ وما هي طبيعة هذه الروح التي تمتلك القدرة على مواجهة دولة الاحتلال بكل ما تملك من مساحات هائلة في المكر والكيد والقوة الماديّة وفنون الحروب النفسية؟ لا شكّ بأن من يدخل هذه المواجهة ليس شخصية عادية بل هو شخصية في غاية الفرادة والتميّز.

عندنا في عالم الانسان العادي ندخل صيام رمضان فنجد منا من يفقد توازنه بعد الامتناع عن الطعام عدة ساعات، كيف بمن يواصل الصيام الليل بعد النهار ثم يحافظ على توازنه النفسيّ ويحافظ على قوة ارادته دون ان تتراجع قيد أنملة، وهنا لا نتحدث عن بضعة أيام بل نتحدّث عن ثلاثة شهور متتالية لم يستطع أي سهم من سهام أعدائه أن يخترق حصونه ويوهن عزيمته.

من الصعوبة بمكان أن نتحدّث عن معركة بهذا الشكل الفريد دون أن نخوض التجربة، لقد خضت التجربة لغاية واحد وثلاثين يوما ووقفت على أسرار كثيرة سقفها هذه الأيام، اما هذا السقف العالي الذي بلغ التسعين يوما فأنّى لي الوقوف على اسراره ؟ تشفّ الروح ويرق القلب ليصبح مرهفا ياحاسيس ومشاعر تتحرّر من ثقلة الجسد، تتحوّل الالام الى شلالات تجتاح كل خلايا الجسد وتضرب بقوة أعماق أعماق المضرب، يطير النوم من عالمه ولا يرتفع بمعنوياته إلا ايمانه وصدقه مع ربه وقضيته.

هذا نموذج فلسطيني يُصدّر للعالم وينجح في تصدير قضيته بأبهى صورها وأقواها، هو ينجح بهذه الطريقة الفريدة في عرض القضية التي يضرب من أجلها، الاعتقال الإداري الذي يشكل فضيحة قانونية واخلاقية لهذا المحتل الذي أصبحت صورته ذميمة في العالم ، فياتي هذا الاضراب ليعلّق القضية على حائطه ويعلي راية خفّاقة في سماء الحق وفضاء الحرية .

خليل عواودة ورائد ريان الان يخوضون معركة شرسة بالنيابة عنا جميعا، لان الاعتقال الإداري يستهدف الكل الفلسطيني فياتي هذا الجهد العظيم ليضرب هذه السياسة الاحتلالية في مقتل، صحيح ان المعركة شرسة وقاسية إلا أنّ نتائجها ستكون عظيمة باذن الله أدناها تعرية الاحتلال أخلاقيا واعلاها انتصار المضربين ودقّ مسمار كبير في نعش الاعتقال الإداري.