|
إسرائيل تندفع نحو خيار الحرب الشاملة صيف ساخن او تسوية
نشر بتاريخ: 07/06/2022 ( آخر تحديث: 07/06/2022 الساعة: 17:26 )
كمال خلف هذه الأيام تفرد إسرائيل غضلاتها استعدت من خلال مناورات مركبات النار لهجم متعدد الجبهات ورفعت درجة الجاهزية، ثم ذهبت الى الاقتحام الوقح للمسجد الأقصى والاعتداء على المصلين والمرابطين فيه دون اكتراث لتهديدات المقاومة الفلسطينية، ومن ثم التقدم نحو الخط 29 البحري المتنازع عليه مع لبنان والشروع بالعمل لاستخراج الغاز منه لاستفزاز حزب الله. يجمع جميع المراقبين على هشاشة وضعف حكومة “نفتالي بينت” وهو يحاول جاهدا اظهار عكس ذلك. لكن احجام المقاومة الفلسطينية عن تنفيذ التهديدات بالرد على اقتحام الأقصى يوم مسيرة الإعلام الاستفزازية، اثار موجة سخط فلسطينية وحملة انتقادات للقادة الذين رفعوا سقف التهديد والخطاب ثم لاذوا بالصمت المطبق حتى اليوم. لم يكن ذلك حسب بعض المصادر الفلسطينية خذلانا لصمود أبناء القدس بقدر ما كان تقديرات مجتمعة لكافة اطراف تحالف المقاومة في المنطقة. لا احد منهم يريد التحدث عن تلك التقديرات، ولكن يمكن استنتاجها. وبالمختصر يمكن ترجيح ان إسرائيل كانت راغبة بالحرب ومستعدة للذهاب اليها في توقيت اختارته، وانتظرت الذريعة عبر صواريخ قادمة من غزة لبدء الهجوم. وعندما مرت ذاك اليوم دون فرصة اندلاع الحرب، حققت إسرائيل مكاسب بالنقاط وعززت من ثقة الجمهور الإسرائيلي بحكومة “نفتالي بينيت”. انتقلت إسرائيل الى الاستفزاز على الجبهة الشمالية وارسلت سفينة تنقيب الى المنطقة البحرية المتنازع عليا مع لبنان للعمل هناك متجاهلة المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة لترسيم الحدود البحرية. هذا التحرك احدث ضجة في لبنان. وبدأ الجدل حول تعدي إسرائيل على حقوق لبنان النفطية في البحر المتوسط. وبدأت الأنظار تتجه لحزب الله الذي هدد إسرائيل بتعطيل أي اعمال تنقيب في المنطقة المتنازع عليها. نعتقد ان سفينة التنقيب التي أرسلتها إسرائيل للخط 29 المختلف عليه مع لبنان ليست سوى فخ لاستفزاز حزب الله وجعله يبدأ الحرب، فتكون إسرائيل حصلت على ذريعة لبدء العدوان الشامل الذي استعدت له لشهور. ولا شك ان الأمين العام لحزب الله كان واضحا في هذه المسألة عندما قال ان الدولة اللبنانية هي من تحدد حدود المياه البحرية ان كانت الخط 29 او 23 بحري. والمقاومة ستلزم الدفاع عن الحقوق التي تقول الدولة انها للبنان. وحتى الان لم تفعل الحكومة اللبنانية ذلك ، ولم تحسم بشكل واضح هذا الامر. بالمحصلة بات واضحا ان إسرائيل تبحث عن فرصة لشن حرب شاملة، وان حلف المقاومة يستعد لهذه الحرب الواقعة لا محالة. لكن الحلف يتجنب التوقيت الإسرائيلي لشنها وفق الحسابات الميدانية والسياسية له. ويتجنب إعطاء الذريعة لإسرائيل لشن حربها بحجة الدفاع ضد مبادرة هجوم من الطرف الاخر. ويفضل في هذا التوقيت دراسة الردود. فايران تبحث عن هدف إسرائيلي للانتقام لاغتيال الجنرال “حسن صياد خدائي”. والمقاومة الفلسطينية تتابع بناء قواعد للمقاومة المسلحة في الضفة الغربية. وحزب الله ينتظر تفويضا رسميا وشعبيا لبنانيا لمشروعية المعركة لحماية حقوق لبنان النفطية البحرية. وسورية تعيد ترميم القدرات الاستراتيجية لجيشها رغم الغارات الإسرائيلية التي تحاول عرقلة هذا المسار. يترافق كل ذلك مع حملة تصعيد أمريكية ضد ايران. ابتداء من احتجاز اليونان بامر امريكي مباشر شحنة نفط إيرانية، مرورا بعودة سياسية العقوبات الامريكية على الاقتصاد الإيراني وصولا لتحريك الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وإعادة نبش الأسئلة التقنية حول ثلاث مواقع إيرانية تقول الوكالة انها وجدت فيها اثار يورانيوم، وذهاب مدير الوكالة لإسرائيل للحصول على معلومات منها حول النووي الايراني. للذهاب بها الى مجلس حكام الوكالة وإصدار بيان يدين ايران. هذا المشهد كشف عدم حيادية الوكالة، واظهرها هي ومديرها بمظهر الأداة بيد السياسية الامريكية غب الطلب. وإذ قالت ايران انها سترد بقوة على هذا الاجراء فان الاحتمالات مفتوحة عن طبيعة الرد الذي يتراوح بين تقويض تعاون ايران مع الوكالة او طرد مفتشي الوكالة، وصولا لحد تعديل فتوى المرشد علي خامنئي، وهو مطلب ازداد في الداخل الإيراني بسبب المخاطر التي تتعرض لها البلاد. وبالتالي قد تعدل الفتوى الشرعية بفتوى لها مبرراتها وتنتقل ايران لحيازة السلاح النووي لردع اعدائها. اللافت ان التصعيد الأمريكي ضد ايران انسحب على طاولة الحوار الإيراني السعودي، وبدأت السعودية حسب بعض المصادر الإيرانية التنصل من الحوار. وكان من المفترض ان تنتقل جولات الحوار الى مستوى وزراء الخارجية بين البلدين هذا الشهر. لكن يبدو ان هناك نكوصا سعوديا ترافق مع التقارب بين الرياض وإدارة بايدن، ونية الأخير زيارة المملكة ما قد يتوج انضمام السعودية قريبا لمسار ابراهام، ودخولها نادي المطبعين مع إسرائيل . لغة التصعيد تعود الى المنطقة، وإسرائيل مستعدة وجاهزة وتدفع للحرب الشاملة ، والولايات المتحدة قد تكون راغبة حتى الان في استثمار التصعيد لتحقيق مكاسب دون الذهاب الى الحرب، مع انشغالها في الحرب شرق أوروبا والتصعيد شرق اسيا وفي بحر الصين الجنوبي. من الواضح ان كل الاحتمالات باتت متساوية لتحديد مصير هذه المنطقة ونحن امام صيف حاسم، اما الحرب الشاملة او التسوية الضامنة للاستقرار لمرحلة قادمة. كاتب واعلامي |