|
المحامي الأسير بشير خيري أنا في ثكنة عسكرية وليس في محكمة
نشر بتاريخ: 13/06/2022 ( آخر تحديث: 13/06/2022 الساعة: 09:50 )
عيسى قراقع اعتقل المحامي والأسير المحرر بشير خيري أبو أحمد يوم 29/10/2021 من منزله في مدينة رام الله، وزج به في الاعتقال الإداري لمدة ستة شهور رغم بلوغه سن الثمانين، وجاء اعتقاله في إطار الحملة المغرضة التي شنتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي على المؤسسات الحقوقية والجمعيات الإنسانية بعد اتخاذها قرارا يتهم تلك المؤسسات بدعم ما يسمى الإرهاب. في المحكمة العسكرية الصهيونية وجد بشير خيري نفسه في ثكنة عسكرية وليس في محكمة، قضاة يرتدون الزي العسكري، ملفات سرية، حراسة مشددة، صوت المخابرات الإسرائيلية هو الذي يقرر مصير الأسير، لا عدالة ولا نزاهة، محكمة صورية تشبه المسرحية، فأعلن مقاطعته لهذ المحكمة الظالمة، رفض الوقوف لهؤلاء القضاة وطلب إخراجه من هذه القاعدة العسكرية التي تسمى محكمة قائلا: حتى أنسجم مع نفسي، وكمحامٍ ورجل قانون، أرى أن هذا الإجراء بتحويلي للاعتقال الإداري يتنافى وأبسط حقوق الإنسان في الدفاع عن نفسه والاطلاع على ما يُنسب اليه من تهم، وذلك مخالفة للقوانين الدولية، وامام هذا النوع من محاكم القهر أرى نفسي وصونا لكرامتي الوطنية وقناعاتي رافضا ومقاطعا المثول امام محكمة الاعتقال الإداري كما وارفض أي حكم صادر عنها. موقف الأسير المحامي بشير خيري أطلق انتفاضة اكثر من 500 أسير فلسطيني اداري اعلنوا مقاطعة محاكم الاعتقال الإداري وعدم المثول امامها بكل مستوياتها منذ بداية عام 2022 والمستمر حتى اليوم، وهي خطوة متميزة ذات أبعاد وطنية ووحدوية وسياسية ولها نتائج استراتيجية اذا ما لقيت المساندة والدعم من اجل نزع الشرعية عن القضاء الإسرائيلي الذي ينتهك شرعية حقوق الإنسان وتحول إلى أداة لتكريس وتعميق الاحتلال والمعاناة في حياة الشعب الفلسطيني. المحامي المسن أطلق الشرارة، اتخذ قرارا نيابة عن العدالة الكونية والضمير العالمي، وهو المخضرم الذي قضى أكثر من عشرين عاما في سجون الاحتلال، عارك السجانين وأجهزتهم وأدواتهم سنين طويلة، ظل ملاحقا بعد الافراج عنه عندما أبعد الى مرج الزهور في الانتفاضة الأولى، واعتقل إداريا عدة مرات، هو اللاجئ الفلسطيني ابن مدينة الرملة، الجريح والمصاب بيده بسبب مخلفات قنابل الاستعمار البريطاني، بترت كفه واصابعه، وظل الاستعمار البريطاني يطارده بقوانين الطوارئ التي شرعها وورثها المحتل الصهيوني. المحامي بشير خيري وفي كل مرة يمثل فيها أمام محاكم الاحتلال يرفض الاعتراف بها وبشرعيتها، هو الشاهد التاريخي على مأساة الالاف من الاسرى والاسيرات الذين زج بهم في سجون ومعسكرات الاحتلال، هو الشاهد على الفاشية الجديدة التي تتنامى في دولة المحتلين وتشريعاتها العدائية، المحامي بشير خيري كشف الأقنعة عن دولة مخادعة تضع القانون غطاء لكل ممارساتها واعمالها الوحشية والقمعية. حاول المحامي بشير خيري ان يلقي على قضاة المحكمة العسكرية مرافعة قانونية حول مخالفتهم وانتهاكهم للقانون الدولي وعدم التزامهم بقواعد وضمانات المحاكمة العادلة، وان ما يجري في أروقة هذه المحكمة جريمة إنسانية، تمييز في الاحاكم والإجراءات، اعتقالات عشوائية بلا تهم، اعتقالات لأجل الاعتقالات، لا يوجد حقوق للأسير الإداري ولمحاميه في الدفاع، لا حقوق في الحصول على محاكمة عادلة وعلنية، زج الأسير في المجهول مما يشكل نوعا قاسيا من التعذيب النفسي والاجتماعي. القضاة لا يريدون سماع المحامي بشير خيري، لا يريدون ان يقرأوا نصوص ومعايير القوانين الدولية، لا يريدون ان يقتنعوا ان الاعتقال الإداري هو حالة استثنائية وطارئة وأنه على يدهم تحول الى قاعدة جارفة وأمر روتيني طالت الكبير والصغير، الرجل والمرأة من أبناء الشعب الفلسطيني، اعتقال جماعي وتعسفي وآلة انتقامية لم ترحم أحدا. المحامي بشير خيري حاكم القضاة في جلسته الأخيرة، حاكم دولة المحتلين الذين لا يفكرون الا في السيطرة والتحكم بحياة الشعب الفلسطيني، وعندما قال لهم أنتم لستم أكثر من ختم مطاطي وأداة في نظام الابرتهايد، واحدى الآليات المركزية في منظومة القمع والجريمة المنظمة، لم يستوعب القضاة ما يقوله المحامي بشير خيري، تحسسوا مسدساتهم، أصدروا أحكامهم الرادعة، أغلقوا الملفات، وخرجوا مسرعين. شعر القضاة العسكريون أن المحامي بشير خيري يكشفهم ويضعهم أمام الرواية الحقيقية، القوانين التي تعملون بموجبها هي قوانين عنصرية قال بشير خيري للقضاة، قوانينكم مستمدة من قوانين نيرنبيرج النازية حسب اعتراف "استر حيوت" رئيسة المحكمة العليا الإسرائيلية، هل انتم النازيون الجدد الذين ينتهكون كرامة الانسان، ويخدمون في جهاز الإبادة الإنسانية؟ لا أحد بريء في هذه المحاكم، قال المحامي بشير، نسبة البراءة تساوي صفر، وتحت شعار ما يسمى (خطر على دولة إسرائيل) يجب اعتقال كل الشعب الفلسطيني، الحالم والمفكر والسياسي والنشيط الاجتماعي، هذه المحاكم ليست مجرد محاكم انها الجبهة الخلفية التي تشرع الاستيطان والهدم والسلب والاعدامات والاقتحامات، وتحمي المجرمين والمستوطنين الصهاينة، وتشكل حصانة قانونية لسياسة الإفلات من العقاب. المحامي بشير خيري ذكر قضاة المحكمة بعملية اعتقال 53 عضوا في مجموعات يهودية متطرفة اعتقالا إداريا وفق أنظمة الطوارئ البريطاني عام 1951، اعترض المجرم "مناحم بيغن" حينها على هذه الاعتقالات قائلا: هذه قوانين استبدادية وغير أخلاقية وقوانين نازية، فهل الاعتقال الإداري صار محرقة العصر الحديث؟ والسجون مكان لطحن البشر وتذويبهم في النسيان؟ الأسير بشير خيري متهم بإنسانيته العالمية، يقود انقلابا على جهاز القضاء الإسرائيلي، يقاطعه ويجرده من شرعيته وسطوته، يفضحه ويتهم هذا الجهاز بأنه يهدر اعمار آلاف المعتقلين بلا سبب، وأنه يسرق الأرواح والأموال من الشعب الفلسطيني، والاحكام الصادرة عن جهاز القضاء الإسرائيلي اخطر من الرصاص، هذه المحاكم ليست مستقلة، تطمس الحقائق، انها تتحالف مع المخابرات والشرطة والجيش والحكومة والاستخبارات والبرلمان الإسرائيلي، تتحالف مع الحاخاميين العنصريين وفتاوى الكراهية والتطرف والأيديولوجية الصهيونية التي تتعامل مع الشعب الفلسطيني دون خط البشر. المحامي بشير خيري عندما أعلن مقاطعته لمحاكم الاعتقال الإداري وجه ضربة للسياسية التشريعية الاستعمارية التي تتعامل مع الاسرى كمجرمين وارهابيين وبلا حماية قانونية، وقف في المحكمة كمقاتل حرية، ابن حركة تحرر وطني تناضل من اجل الحرية والاستقلال والخلاص من الاحتلال، لم يسمح المحامي بشير ان يجردوه من مكانته كأسير حرية، لقد كرس حياته من اجل حرية شعبه، وهؤلاء القضاة ومن يقف خلفهم هم الارهابيون الذين يحتلون شعبا آخر وينتجون الإرهاب الرسمي والطغيان في المنطقة. قرار مقاطعة محاكم الاعتقال الإداري المستمر من قبل الأسرى الإداريين هو اعظم قرار تتخذه الحركة الاسيرة في مواجهة الاحتلال وسياساته الوحشية، يجب ان يوقف هذا النزيف وان لا نبقى ممثلين في محاكم هزلية وشكلية، خطوة تعيد الاعتبار لمكانة الحركة الاسيرة والعمل الجماعي والوحدوي وتضع حدا للخطوات الفردية، خطوة تسقط المساحيق التجميلية عن جهاز القضاء الإسرائيلي، اسقاط قناع الشرعية الذي يستخدمه الاحتلال من اجل إعطاء طابع قانوني لممارساته الاستعمارية. شكرا للمحامي بشير خيري الذي قلب المعادلة، شكرا لكل الاسرى الإداريين الذين يدافعون عن حقوقهم وارواحهم بهذه الخطوة الجماعية المنظمة، العصيان والتمرد على مؤسسات الاحتلال هي خطوة الى الامام للخروج من الدراما المأساوية، خطوة تحتاج الى حاضنة جماهرية وحقوقية ومؤسساتية، خطوة يجب أن تتبناها منظمة التحرير الفلسطينية وكل الفصائل والتنظيمات، وان تتحول الى رؤية وبرنامج سياسي وخطة ميدانية دبلوماسية قانونية شعبية، حان الوقت للتحرر من قبضة القضاء الإسرائيلي ومحاكمه الجائرة. المحامي بشير خيري ترك رسالة إنسانية وقانونية موجهة الى كل فلسطيني حر وشريف، رسالة تقول: علينا ان لا نستمر في الذهاب الى محاكم ترسلنا الى المؤبدات او تصادق على اغتيالنا وهدم بيوتنا ومصادرة أراضينا، لا يوجد شعب حر يضع القيود على رقبته طواعية وينتظر رحمة من القاضي الذي يرتدي زي جلاد.
|