|
"وارث الشواهد"السؤال الخالد لوليد الشرفا
نشر بتاريخ: 15/06/2022 ( آخر تحديث: 15/06/2022 الساعة: 11:55 )
الاء صلاحات
وثق المؤرخون أحداث النكبة الفلسطينية عام ١٩٦٧م وما حدث بعدها في كتب التاريخ، ليقوم الدكتور وليد الشرفا بتوثيقها من خلال الأدب وبالأخص الرواية التي حملت في طياتها انتصار لشواهد البيوت والقبور الفلسطينية التي تعود للفلسطينيين الذين هجروا من أرضهم وبقيت حجارة منازلهم وبيوتهم شاهد على ما حدث معهم وعلى أحقيتهم في هذه البلاد.
أجريت هذه المقابلة مع الدكتور وليد الشرفا وهو كاتب وروائي فلسطيني ولد في مدينة نابلس التي حضرت في روايته، وهو أكاديمي في جامعة بيرزيت له أربع روايات منها" القادم من القيامة" التي تتحدث عن المغترب وليتني كنت أعمى" "ووارث الشواهد" التي فازت ضمن القائمة القصيرة لجائزة البوكر العربية العالمية. أما عن وارث الشواهد يقول الدكتور وليد الشرفا أن فلسفة الرواية فلسفة القوة قد تنجح مؤقتا وقد تختلف على ذلك شحن قوة وقوة مضادة، اذا القتل قوة والقدرة على الموقع قوة وتحمل الذكريات قوة ،وقدرة على التضحية قوة، ومقاومة ذلك قوة. أحداث هذه الرواية متعلقة بشهيد مجهول، وزوجة الشهيد وحفيد الجد المهجر(الوحيد) الذي لم نعرف أسمه وأختار الشرفا أن يبقى لقب ليجسد الحالة كما هي، عاش الوحيد في أسر ذكريات قريته المهجرة وشاهد منزل جده وصراعات هستيرية بين الماضي والحاضر والمستقبل. تقوم هذه الرواية على أحياء الحجارة على أنها شواهد على أحقية الفلسطيني في أرضه، وعلى سؤال العدالة.
س. لماذا لم تختار للوحيد أسماً واكتفيت بلقب الوحيد، ماذا يمثل لك لقب بطل الرواية؟ هل كان دلالة جاءت من الوحدة والغربة؟
هو لقب التهم الاسم، واللقب دائما محايد في تاريخ الإنسان، هو حاجه ما مسيطرة عليه أو صفة او عمل ما او انحراف ما بشكل قد يكون إيجابي أو سلبي، لقب الوحيد، هو الوحيد في حياة الأم بعد وفاة الأب بقي ملتصق فيه وأصبح اللقب هو التعنيف كان هذا إحياء أن الفلسطيني دائماً وحيد، ليس الوحيد فقط، وإنما الحالة الفلسطينيين هي حالة وحدة. أما عن والوحيد كبطل في الرواية فهو وحيد فعلاً ووحيد ذهنياً وبقي يعيش وحيداً حتى وهو في قمة الصخب والنجاح، لم يعش خارج الذكريات، وانجازه في التاريخ كان أيضاً اخلاصا لذكريات وعمله كمؤرخ لإعادة تعريف فلسطيني واعي لهذه الذكريات.
س.أبطال هذه الرواية شكلوا مزيج لمراحل تاريخية في فلسطين، هل هذه الشخصيات تخيل من قصة معينة، أم اقتبست من الواقع؟ هي مزيج من الواقع والتخيل، الشخصيات هذه فيها شخصية جدتي وشخصية جدي، شخصية بنت الدكتور بشارة لا شيء يشبهها هي تخييل مطلق، الوحيد نفسه في ملامح مني ومن بعض الأصدقاء، في حكايات شهداء أعيد إنتاجها في الرواية، ولكن لا يوجد نسخة كربونية عن شيء واقعي بمئة بالمئة أو شخصية واقعية، لا يوجد قصة لاجئ حقيقي بهذا الشكل. عين حوض كمكان حقيقي، وبيوت أهلها مكان حقيقي، ولكن لم أقابل أشخاص بهذه الأسماء. التخيل كان من فكرة الشاهد البيت والقبر كيف تم الاعتداء عليهم، وإنتاجهم كروح جديدة لفلسطين تغذي الذاكرة.
شاهد البيت وشواهد القبور، ركزت الرواية بشكل أساسي على الشواهد، ماذا يخدم الشاهد في هذه الرواية ؟ هل هو عتبة موجهة لعملية القراءة ؟ صراعنا مع المشروع الصهيوني هو قائم على القتل والإرهاب، ونحن قادرون على إعادة إنتاج الذاكرة وتحويل الأشياء المهملة مثل الحجارة إلى أرواح وهذا ما أنعكس على شاهد البيت وشاهد القبر. س.لاحظنا خلال متابعة رواية وارث الشواهد أنك رجعت إلى الماضي، إلا أنك رغم ذلك استخدمت اسلوب سرد سهل للمستقبل؟ فرض هذا الأسلوب هو العزلة في الدامون بعدما اعتقل الوحيد، وكيف أنتهى به المطاف من جامعة أمريكية عريقة والحياة التي يمكن أن يعيش فيها سعيد إلى الزنانة في جبل الدامون، هو كان كل ليلة يسترجع شريط حياته، أنه المستقل الذي حدث وتم ولكن أثاره ستظل ترجع فكان أسلوب السرد، وأيضاً تأثرت بالموسيقى بلحن موسيقى ما. س. لعب الدكتور بشارة دوراً مهماً في أحداث هذه الرواية، ولكن طرأت تغييرات بشكل كبير على شخصيته خلال أحداث الرواية، من شخص يؤمن بسلام مع اسرائيل إلى شخص يضع صور الثوار على جدار منزله، ما الهدف من هذا التغيير وما هي رؤيتك لذلك؟ الدكتور بشارة أنسان ولكن انسانيته العظيمة تشكلت في قالب المحبة والسماح، عندما التقى بالحقيقة المرة الطرف الأخر الذي خسر، في الخسارة لا يوجد سماح في الخسارة يوجد عدالة، من هو السارق ومن هم المسروق. أعاد وحيد لدكتور بشارة تعريف المسيح، لأن المسيح كان متمرداً وكان عادلاً ولم يكن ضحية، ودفع ثمن صبره في سؤال العدالة وليس سؤال المحبة. لا يمكن أن نكون متحابين مع اللصوص و محايدين مع اخوتنا وجيراننا، لا يمكن أن أستقبل طفل اسرائيلي في بيتي بينما يولد في كل لحظة طفل فلسطيني في المنفى والمخيم، سؤال العدالة يقول أن المعذبون أولى بمحبتي من الذين سرقوا أرضي، من أجل ذلك وضع صور الثوار لأنهم ضحايا هجروا من أرضهم وثم اغتالتهم اسرائيل وقتلتهم في منافيهم، في النهاية إذا كان قانون القوة هو من يحدد العودة فأن قانون العدالة على الأقل يسمح لنا بأن نعيدهم رمزيات. س.امتازت حبكة رواية "وارث الشواهد" بأنها مزيج مراحل تاريخية مختلفة، لماذا ؟ كل (س) في رواية وارث الشواهد هو ماضي ( سأرى، سأزور، سأكون في المسرح،سيمر بشارة)الماضي والمستقبل والحاضر التحموا ببعض بشكل هستيري، اذ كان في الوصف هستيرية، والسرد فيه حالة هستيريا، سريع، أحداث متسارعة ومتداخلة، الأحلام مع الأشياء الواقعية، مع الاقتباسات الفلسفية والأغاني والنصوص كلها أشياء تعيد إنتاج الصدمات. س.لديك عدة أعمال روائية منها " القادم من القيامة" وليتني كنت أعمى" وروايات أخرى، ما تصنيف رواية "وارث الشواهد بالنسبة لأعمالك؟ هي الأقرب لقلبي، وهي الأكثر ألماً والأكثر سؤالاً والأكثر وجوديًا في السؤال الفلسطيني. وهي الرواية التي ستخلد رواية وارث الشواهد عملت صدى هائل على المستوى العالمي والعربي والفلسطيني اعتبر هذه الرواية نزيف ذهني تخيلي متعبة جدا أكثر رواية تعبت فيها القادم من القيام وليتني كنت أعمى فيهن محاكمة لذات أكثر من حوار مع المشروع الصهيوني .
س.رواية وارث الشواهد يمكن أن تكون صعب فهم أحداثها على قارئ غير ملم بالقضية الفلسطينية، هل كتبت هذه الرواية لنخبة معينة من القراء؟ سؤال ذكي وجريء، لا لم اكتبها لنخبة أنا كتبتها لأنتاج المأساة الفلسطينية بأبسط صورها، ولكن للأسف تلقيها أعطى انطباع عند معظم القراء أن هذه الرواية لا يمكن فهمها من شخص غير مثقف في التاريخ الفلسطيني، وأنا متحسر على ذلك، ولكن غير ممكن لشخصيات بهذه الحمولات وسؤال وجود تاريخي وديني وأسطوري ينحكى بطريقة أسهل، أمر مستحيل. وارث الشواهد هي السؤال الخالد لي.
مقولة العمل تقوم على سؤال العدالة، لماذا هذه المقولة؟ نعم، لأن وارث بيت الجد الذي وجد داخل الحمام وسط القاذورات في الحمام في أرضه، ولأنهم لم يقفوا على الهزيمة المادية للوحيد بل أيضاً حولوها لهزيمة معنوية وهو رفض الهزيمة المعنوية وما فعله الوحيد ليس من أجل الحجر وأنما من أجل روح جده ممكن أن يقتل، كان القتل من أجل استعادة الحجر. قال لهم الوحيد "أريد الشاهد ولا أريد قتل أحد"
|