|
عرب يتحالفون مع إسرائيل… فأين دور حلفاء إيران؟
نشر بتاريخ: 30/06/2022 ( آخر تحديث: 30/06/2022 الساعة: 17:38 )
أكد وزير الأمن الإسرائيلي بيني غانتس صحة الأخبار حول مشروع «تحالف الدفاع الجوي الشرق أوسطي»، وزاد بأن التعاون بين دول المنطقة لا ينحصر في مجال الدفاع الجوي، وبأن له أبعادا أخرى لا تقل أهمية. جاءت تصريحات غانتس في الكنيست، في أعقاب النشر الصحافي حول لقاء عسكري في شرم الشيخ في آذار/مارس الماضي، شارك فيه رئيس الأركان الإسرائيلي الجنرال أفيف كوخابي ورئيس الأركان السعودي الجنرال فياض بن حامد الرويلي، وضبّاط أمريكيون من قيادة المنطقة الوسطى «سنتكوم» ومسؤولون عسكريون رفيعو المستوى من عدد من الدول العربية. وتأتي هذه التصريحات والتسريبات تحضيرا لزيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن المرتقبة إلى المنطقة، التي من المتوقّع أن تكون لها تداعيات أمنية واستراتيجية مهمة. زيارة بايدن تحمل زيارة بايدن إلى المنطقة في ما تحمله رسالة من شقين، الأول أن الولايات المتحدة وبعد فشل حروبها في أفغانستان والعراق ليست مستعدة لخوض حروب جديدة، ولا تنوي القيام بتدخّل عسكري مباشر، وهذه ليست سياسة بايدن وحده، فقد سبقه ترامب وأوباما بتبنّي الاتجاه ذاته. والشق الثاني من الرسالة هو طمأنة حلفاء أمريكا في المنطقة، بأنّها لا تنوي ترك الشرق الأوسط وستواصل لعب دور مركزي في قضاياه المحورية، عبر احتضان الحلفاء ومحاصرة الخصوم. وينوي بايدن أن يوضّح لمن يلتقي بهم، أن هناك مساحة واسعة جدّا للعمل وللمناورة بين حدّي التدخل الحربي المباشر وحدّ المغادرة والانسحاب من المنطقة وهمومها. إيران غير معنية بحل الصراعات الداخلية في العالم العربي، وتسعى لاستغلالها لصالحها، ولا علاقة لهذه السياسة بمواجهة الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة إضافة إلى الأهداف الاقتصادية الملحّة، تهدف زيارة بايدن إلى صياغة مجدّدة لمبادئ وأسس ومؤسسات التعاون الاستراتيجي والأمني، بين حلفاء الولايات المتحدة، استنادا إلى توجّهات المؤسسة الأمنية الأمريكية، التي انعكست في بنود صفقة القرن، وفي السياسات المعلنة وغير المعلنة للإدارة الديمقراطية الحالية. فمن المتوقّع أن تتمخّض قمة جدّة، التي سيشارك فيها عدد من رؤساء وملوك وأمراء دول عربية، عن الإعلان عن تحالف عسكري إقليمي. هذا التحالف سيكون تحت المظلّة الأمريكية. أمّا إسرائيل فهي لن تشارك في القمّة لكنّها ستشكّل مركّبا محوريا في أي تعاون إقليمي ترعاه الولايات المتحدة، وهذا ما لمّح له وزير الأمن الإسرائيلي بيني غانتس، حين قال بأن التحالف العسكري الإسرائيلي مع دول المنطقة، لن ينحصر في المجال الجوي، وبأن التعاون الأمني الإسرائيلي يشمل دولا لا يمكن الكشف عن أسمائها ـ كما قال. ومن المتوقّع أيضا أن يقدم جو بايدن هدايا أمنية وسياسية ثمينة لإسرائيل، ولعل من أهمّها تأطير التعاون الأمني القائم بين إسرائيل ودول عربية، والاستجابة لطلب إسرائيل بالحصول على تمويل أمريكي لمشاريع تطوير سلاح الليزر بأشكاله وأنواعه كافة. وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن الديمقراطيين ليسوا معنيين بالمرة بعودة نتنياهو حليف الجمهوريين، إلى الحكم في إسرائيل، فإنّ إدارة بايدن معنيّة جدّا بتقوية موقف وتعزيز مكانة خصوم نتنياهو، وبشكل خاص يائير لبيد وبيني غانتس، المعروفين بعلاقاتهما الحميمة مع قيادات ديمقراطية في الإدارة وفي الكونغرس. وبما أنه يبدو أن تطوير وصياغة نظام «تحالف الدفاع الجوي الشرق أوسطي» قد وصل إلى مرحلة متقدّمة، فليس من المستبعد أن يعلن عنه رسميا خلال زيارة بايدن. منظومة الدفاع الجوي «ميادا» لم يكتف وزير الأمن الإسرائيلي الجنرال بيني غانتس بالتصريح عن التقدم الحاصل في إقامة ما سمّي بـ»ميدل إيست إيير دفينس ألايانس» (ميادا)، بل أكّد أيضا أن هذا النظام بدأ العمل فعلا واستطاع إحباط عدّة محاولات إيرانية لإطلاق مسيّرات استهدفت مواقع في إسرائيل وفي دول أخرى. وتعوّل إسرائيل والولايات المتحدة كثيرا على إقامة نظام إقليمي ضد المسيّرات الهجومية، فهما تعتبرانها لا تقل خطورة عن الصواريخ الدقيقة، وتسعيان لإبطال مفعولها، لأنّها تخترق حدود الهيمنة الجوّية الأمريكية والإسرائيلية الكاملة في فضاء الشرق الأوسط. وبعد أن كانت الطائرات من دون طيار حصرا على الدول الكبرى، واستعملتها الولايات المتحدة في حروبها في أفغانستان والعراق، أصبح هذا السلاح متاحا للجميع، حيث تملكه اليوم 103 دول وكذلك 63 منظمة عسكرية غير حكومية. كما أن إنتاجه غير مكلف وبسيط نسبيا. وعليه كلما ازداد انتشار هذا السلاح زادت مخاطره، ليتحوّل إلى سلاح الفقراء. أين حلفاء إيران نقف هذه الأيام في محطّة تاريخية مفصلية، حيث يتبلور علنا ورسميا تحالف دول عربية وازنة مع إسرائيل، وسيكون له ثقل استراتيجي وعسكري وسياسي وحتى ثقافي وحضاري. لقد تخطّينا مرحلة التصريحات الرمزية على مصائبها، إلى عمق التحوّلات الجوهرية الكارثية، حيث يصبح العرب حماةً لإسرائيل ولمشاريعها الكولونيالية الاستيطانية. ومهما كانت التبريرات والمسوّغات فإن الارتماء في الحضن الإسرائيلي هو خطيئة وهو جريمة بحق الشعب الفلسطيني وبحق العروبة. |