وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

المسيح يعود!

نشر بتاريخ: 03/08/2022 ( آخر تحديث: 03/08/2022 الساعة: 18:14 )
المسيح يعود!



بقلم: د. صبري صيدم


بلا خجل ولا وجل ولا احترام للذات، قالها الرئيس الأمريكي للرئيس الفلسطيني محمود عباس في لقائهما الأخير في بيت لحم، بأن طلبات الأخير، التي هي مطالب الشعب الفلسطيني تحتاج للسيد المسيح لتلبيتها، في تعبير صارخ عن عجز الإدارة الأمريكية في الضغط على دولة الصهاينة لإنهاء الاحتلال، وتلبية مطالب الشعب الفلسطيني.

استحضرني وأنا أستمع لمقولة كهذه ما كان يردده الزعيم الراحل أبو عمار في حديثه أمام زعماء العالم ومنصاتهم ومنصات الأمم المتحدة، بأن الشعب الفلسطيني لا يطالب إلا بحقوقه، وأنه لا يطالب بالقمر، في دلالة على بساطة المطلوب، أمام هموم العالم وما صدر من قرارات دولية أزاحت دولاً عن خريطة العالم وثبتت غيرها.

لكنّ تعاظم جبروت الاحتلال ونفوذه وسطوته وقدرته على الاغتصاب، من دون حساب، والقتل من دون ملاحقة، والقصف من دون إدانة، والحرق من دون مساءلة، والدمار دونما مطاردة، قد عزز الشعور بأن مطالب الشعب الفلسطيني قد تجاوزت القمر، وباتت تطلب تدخل السيد المسيح.

السؤال الذي يراودني الآن، ماذا لو أبلغنا الرئيس الأمريكي، أن المسيح قد عاد! هل سيمتلك من القوة والجرأة أن يقاتل من أجل تحقيق حقوق الفلسطينيين؟ ولو أنه نقل مسؤولية تحصيل الحقوق تلك لغيره، هل سيتراجع لصالح الفلسطينيين؟

المفارقة أن الرئيس الأمريكي «فتح قلبه» كما يقال بالعامية العربية للرئيس الفلسطيني ليصارحه بحقيقة ما يشعر: بأن معاناة الفلسطينيين تشبه معاناة الإيرلنديين، الذين تنحدر أصول بايدن منهم، وذلك للدلالة على حجم الألم والإجحاف الذي يعيشه الشعب الفلسطيني. هذا التصريح خلف الأبواب المغلقة لم يمر مرور الكرام، بل تلقفته الصحافة الإسرائيلية بعد مغادرة بايدن وبدأت بتقريعه على خلفية مصارحة كهذه. بايدن الصريح خلف الأبواب المغلقة لا يتطابق مع بايدن الموارب أمام الملأ، في مداهنة واضحة للإسرائيليين ومن يقف خلفهم من لوبيات الضغط الصهيوني في واشنطن، بل إن مواربته فاقت مزاودات البعض من منافسيه حتى وصل به المطاف إلى القول بأنه فخور بكونه صهيونيا، وأنه لو لم تكن له عقيدة لاختار الصهيونية مساراً.

«الناس في السر غير الناس في العلن» مقولة لا تنطبق فقط على منافقي عالمنا العربي فحسب، بل تنطبق أيضاً على الإدارة الأمريكية التي لا تعرف سوى لغة المصالح قبل وأثناء وبعد تولي مقعد الرئاسة في البيت الأبيض، وذلك لأن قدرة الضغط الصهيونية تحاصر الرئيس الأقوى في العالم، ليصبح حجر شطرنج واضحا في يديها بصورة أوصلت الإدارة الأمريكية إلى كشف ما يقدمه يومياً بعض العرب من أوراق اعتماد لإسرائيل، لكن هذه المرة تحت مسمى: الاتفاقات الإبراهيمية، فظهرت تفاصيل التطبيع واضحة جلية!

ليعود المسيح ولنرى أين ستنقلب الأمور لصالح الشعب الفلسطيني، ليس نتيجة الظلم التاريخي الذي وقع عليهم فحسب، بل أيضاً لأن «بركات» اتفاقات ابراهيم المزعومة قد اتضح بأنها حصرية لأتباع موسى ليس إلا، ليحرم منها أتباع عيسى ومحمد عليهما خير السلام!

عالم مجنون يستحق مقولة: ولله في خلقه شؤون!