|
عملية "الفجر الصادق" ومعضلة غزة
نشر بتاريخ: 07/08/2022 ( آخر تحديث: 07/08/2022 الساعة: 12:18 )
اسرائيل بسياستها العدوانية، ليست بحاجة الى مبرر لعدوانها المستمر على الشعب الفلسطيني، ولديها القدرة على ارتكاب كل الجرائم وتبرير سلوكها العدواني، واستفزازها الفلسطينيين، وجرهم إلى معارك عسكرية، فالعمل العسكري والعنف سياسة عقائدية اسرائيلية تمارسها ضد الفلسطينيين منذ النكبة عام 1948. من خلال الاطلاع على بعض التحليلات الاسرائيلية حول عملية اغتيال قائد اللواء الشمالي في سرايا القدس الشهيد تيسير الجعبري، والأهداف من العملية المعلنة وغير المعلنة، يحاول عدد من الباحثين السياسيين والعسكريين الاسرائيليين الربط مع عملية ما تسمى (الحزام الاسود) ٢٠١٩، التي استهدفت حركة الجهاد الاسلامي باغتيال قائد اللواء الشمالي في جناحها العسكري سرايا القدس الشهيد بهاء أبو العطا. وذلك من خلال تحديد أهداف العملية المذكورة من قبل الجيش الإسرائيلي بتوجيه ضربة قاسية إلى حركة الجهاد الإسلامي، وإيجاد شرخ بين الحركة وحركة "حماس"، التي تحكم القطاع، عبر امتناع الأخيرة عن المشاركة في إطلاق النار، والسعي إلى انهاء سريع للمعركة من خلال "تشكيل واقع أمني جديد في الطريق الى تسوية بعيدة المدى". وفي حينه، تم التأكيد على أن عملية اغتيال ابو العطا، انطوت على رسالة تتجاوز الجهة التي استهدفتها، والمقصود حركة الجهاد الإسلامي. وأن توقيت العملية جاء أيضاً ليخدم الأجندة الشخصية لرئيس الحكومة الإسرائيلية السابق بنيامين نتنياهو المحددة باستمرار بقائه في منصب رئيس الحكومة بغية مواجهة احتمال تقديم لوائح اتهام ضده بشبهات فساد. وان الفرق بينهم وبين "حماس" أنه ليست لديهم أي مسؤولية سلطوية لا على الجمهور ولا على الأرض. وعدم السماح بوحدة الساحات وقول غانتس إن إسرائيل لن تسمح بربط الجهاد الاسلامي للأحداث بالضفة مع غزة، التي بدأت تشهد انفراجا وهدوءا خلال الأشهر الماضية وحالة غير مسبوقة. استعرض بعض الباحثين أن ما يجري يشهد على هشاشة التفاهمات، التي جرت في غزة على إثر عملية "سيف القدس" العام الماضي. وكان مقابل ذلك، أن تلتزم "حماس"، كونها الجهة المسؤولة عن غزة بأكملها، وليس فقط عن أنشطتها، وهي صاحبة السيادة وعقدت تفاهمات مع اسرائيل. من وجهة نظر أولئك الباحثين والتأكيد على النجاح العملي للعملية العسكرية وما حققته وأخذ زمام المبادر، فإن الجولة الحالية توضح حقيقة إشكالات قد تصبح نموذجًا متكررًا في غزة، الترتيب مع "حماس" فقط ، التي تقدم نفسها من ناحية كعنوان حصري في المجتمع، لكن ليس كعنوان في الجانب العسكري، أي لغرض فرض السيطرة على القوى الأخرى في غزة. في عملية ما يسمى "الحزام الاسود" واغتيال الشهيد ابو العطا، وصفها المسؤولون الإسرائيليون، كمساعدة لـ"حماس" في إزالة عقبة كانت تزعجها، وأن إسرائيل ساعدتها في فرض نفسها على حركة الجهاد. خلال العملية العدوانية المستمرة، وفي اطار الحرب النفسية للإعلام الاسرائيلي للتضليل ودق أسافين الفتنة وسياسة فرق تسد، ولتبرير الفشل الاسرائيلي في مواجهة المقاومة وردودها في عمق دولة الاحتلال، تحاول اسرائيل التمييز بين حركتي الجهاد الاسلامي و"حماس". عبر التلميح بعدم قدرة السرايا اطلاق الصواريخ تجاه العمق، وغيرها من التلميحات وانخفاض قدرة إطلاق النار مقارنة بالعمليات السابقة. والقول إنه في حال شعرت حركة "حماس" بتهديد حقيقي لمصالحها من إحدى القوى في غزة، فإنها لن تتردد في إظهار قوتها ضدها. ووفقا للمصلحة الإسرائيلية يجب إنهاء هذه الجولة، مع عدم إنهاء العملية كـ"قصة مفتوحة" تسمح للجهاد بتكرار نمط مماثل في المستقبل ولا يوضح لـ"حماس" مسؤوليتها كبح جماح الجهاد وفصائل المقاومة الأخرى. عملياً "حماس" لم تشارك في المعركة، لأسباب مختلفة، قد تكون موضوعية متعلقة بأوضاع اقتصادية القاسية تعيشها غزة، واثار العدوان الإسرائيلي على القطاع، وهي لن تفكر، وليس لها نوابا، بالتصرف بقوة ضد أي من القوى في غزة، وكيف سيكون ذلك، ومشروعيتها أنها أبو المقاومة والقوة الأكبر، ومع ذلك فإن عدم مشاركتها في المعركة سيلحق بها بعض الضرر. محاولة اسرائيل الضغط والإدعاء ببقاء "حماس" في موقف محايد وعدم مشاركتها في المعركة، وتسلط الضوء على مسؤوليتها بالحفاظ على الهدوء مقابل التسهيلات الاقتصادية ودخول العمال للعمل في اسرائيل. بالنظر لتحليل الباحثين والمعلقين الصحافيين ومحاولة استخلاص العبر من العملية العدوانية المستمرة ضد غزة ومع ادراكهم أنه من المبكر استخلاص نتائج سريعة، لكن من الواضح أن نتائج عملية "سيف القدس" ماثلة في خلفية هذه العملية واخفاقات مُنيت بها اسرائيل ولم تحقق النتائج المرجوة بردع المقاومة والقضاء على المقاومة، لكنها خلفت أوضاعا انسانية كارثية بعدم رفع الحصار وتشديد القيود والشروط. توقيت العملية جاء ليخدم الأجندة الشخصية بصبغة سياسية وظيفتها تحقيق إنجازات حزبية خدمة للحكومة الموقتة ورئيسها يائير لابيد ووزير الأمن بيني غانتس المقبلين على انتخابات الكنيست في الأول من تشرين الثاني (نوفمبر) 2022، ومحاولة تحقيق إنجازات أمام الناخبين تساعدهما في التنافس للعودة مرة أخرى إلى الحكومة. وخدمة أيضا لرئيس "هيئة أركان الجيش الإسرائيلي" أفيف كوخافي سيغادر منصبه في بداية العام المقبل، وسعيه إلى ترميم فشله وغانتس في معركة "سيف القدس" في أيار (مايو) 2021. |