|
عدوان على غزّة والحرب على فلسطين مستمرة
نشر بتاريخ: 11/08/2022 ( آخر تحديث: 11/08/2022 الساعة: 00:55 )
جمال زحالقة
انتهت الحملة العسكرية الإسرائيلية على غزّة باتفاق وقف لإطلاق النار بوساطة مصرية ـ قطرية، أعلنته رسميا كل من إسرائيل وحركة الجهاد الإسلامي، التي تحمّلت هذه المرّة عبء المواجهة مع الآلة الحربية الإسرائيلية. وجاءت الحملة تكثيفا للعدوان الإجرامي المتواصل على الشعب الفلسطيني بأسره، الذي يأخذ طابع الحصار المستمر منذ أكثر من 15 عاما. وفي ظل «التعطّش» الإسرائيلي إلى إنجازات عسكرية، بعد سلسلة من خيبات الأمل، سارعت القيادات العسكرية والسياسية إلى إعلان «النصر»، على الرغم من أن الصواريخ ظلّت تنطلق من القطاع حتى لحظة الإعلان عن وقف إطلاق النار. نتائج وفق معطيات رسمية لمنظمات الأمم المتحدة انتهت الحرب بسقوط 46 شهيدا فلسطينيا بينهم 16 طفلا، وإضافة لذلك أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزّة أن عدد الجرحى بلغ 360 شخصا، منهم 151 طفلا، وقد شوهد بعضهم على شاشات التلفزيون في حالة جسدية ونفسية تقشعر لها الأبدان. وتضررت، جرّاء القصف الإسرائيلي 1761 وحدة سكنية يقطنها 8500 مواطن، اضطر قسم منهم إلى مغادرة بيوتهم التي دُمّرت. سبقت هذا العدوان الإجرامي سلسلة من الاعتداءات الحربية على غزّة راح ضحيتها ما يزيد على 4200 شهيد، ففي عام 2008 ـ 2009 وخلال عدوان «الرصاص المصبوب» بلغ عدد الضحايا 1400 شهيد، وفي عملية «عمود السحاب» عام 2012، وصل عدد الشهداء إلى 177، وفي حرب «الجرف الصامد» الإجرامية سنة 2014 استشهد 2322 شخصا منهم 578 طفلا. كما استشهد عدد كبير من أهالي غزّة خلال اعتداءات متفرّقة في السنوات الأخيرة. والحصيلة أن ما تسميه إسرائيل «إنهاء احتلال» غزّة هو أكثر دموية من الاحتلال بشكله السابق. لماذا العملية؟ كان الدافع المباشر للعملية المسمّاة «طلوع الفجر» – مع أنّها بدأت في ساعات العصر- هو كسر معادلة الربط بين غزّة والضفة الغربية والقدس. فقد جنّ جنون إسرائيل، العام الماضي، جرّاء قيام حركة حماس بإطلاق الصواريخ ردّاً على ما يجري في القدس والأقصى، واعتبرت ذلك إنشاء معادلة ربط خطيرة ومحاولة فلسطينية للخروج والتمرّد على حالة التفتيت وفك الارتباط بين أجزاء الشعب الفلسطيني، وعليه قامت إسرائيل بشن عدوان «حارس الأسوار»، الذي هدف إلى القتل والتدمير وزرع حالة من الترويع والرعب، لكن الوعي الفلسطيني بأن ثمن عدم الالتزام بفك الارتباط سيكون باهظا وفظيعا. وحين هددت حركة الجهاد الإسلامي بالرد على اعتقال بسام السعدي، وجدتها إسرائيل فرصة للانقضاض على الجهاد وأدارت بشكل غير مباشر مفاوضات صورية للتمويه والاستعداد لشن عدوانها على غزّة. وكان الدافع الإسرائيلي المركزي هو منع تثبيت معادلة الربط بين غزّة وما يجري في الضفة الغربية، وتوسّعت الأهداف الإسرائيلية لتشمل أيضا توجيه ضربة إلى حركة الجهاد الإسلامي، وتضييق الخناق على أهل غزّة لزرع الرعب في صفوفهم، ومحاولة إجبارهم على الاكتفاء بالبحث عن لقمة العيش. تلخيص إسرائيلي لخّصت إسرائيل بأنها انتصرت في عدوانها على غزّة، واعتبرته ناجحا بعد أن قامت بأثر رجعي بتحديد معايير النجاح. وإذ هيمن خطاب «النصر» في المحافل السياسة والأمنية والمنصّات الإعلامية، فإن علامات الاستفهام التي تناثرت هنا وهناك لم تشوّش مفاعيل النشوة الفعلية والنشوة المصطنعة، التي اجتاحت المجتمع والقيادة في الدولة العبرية. هناك حاجة لتقييم فلسطيني رصين وجدّي لمعركة «وحدة الساحات»، وفيه يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار أيضا التقييمات والاستنتاجات الإسرائيلية، التي تلقي ظلالها ومفاعيلها على الحالة الفلسطينية عموما. وهنا وجب تقييم بعض ما قيل وما لم يقل في إسرائيل حول ما يسمى بحملة «طلوع الفجر»: حظيت إسرائيل في عدوانها على غزّة بما يسمّى «شرعية دولية»، تمثلت في دعم أمريكي وبريطاني وأوكراني وتلعثم أوروبي وتواطؤ عربي أوّلا: تبجح القادة والمعلّقون الإسرائيليون بأن العدوان حقّق هدف منع الربط بين القمع والاضطهاد والتهويد في الضفة الغربية والقدس، والرد الفلسطيني المقبل من قطاع غزّة. هذا استنتاج غريب، فالذي حدث فعلا هو العكس تماما، فقد جرت مواجهة عسكرية في أعقاب اعتقال في جنين، ولو نجحت إسرائيل في فك الارتباط، كما تدّعي لما كانت معركة، ولما شمل الإعلان عن وقف إطلاق النار التزاما مصريا بإطلاق سراح معتقلين من الضفة الغربية. |