|
جائزة نوبل للهم والغم!
نشر بتاريخ: 05/10/2022 ( آخر تحديث: 05/10/2022 الساعة: 13:36 )
أعلنت اللجنة المنظمة لجائزة نوبل العالمية قبل سويعات بسيطة من كتابة هذه السطور أسماء الفائزين بجائزة نوبل للفيزياء، التي غالباً ما يتقاطع معها وبصورة متباعدة زمنياً إعلان نتائج الفائزين بجوائز نوبل المختلفة، لتغطي قطاعات الأدب والكيمياء والسلام وغيرها. وفي كل مرة تعلن هذه النتائج يكثر الحديث عن أخلاقيات البشر ومثالياتهم وعلومهم وآدابهم وفنونهم وإنتاجاتهم السامية الراقية، ولكن مثاليات الطرح على تنوعها لا تتوافق وحال البشر وأحوالهم مهما تنوعت صنوف الإنجازات الآدمية العظيمة. فالبشر في سلوكهم ليسوا كما تطور البشرية في مجالات العلم المختلفة، أي أنهم ليسوا بحجم السعادة والفرح والرقي والازدهار الآدمي المرجوين. البشرية غارقة في حروبها وآلامها وكوارثها وإخفاقاتها وأوبئتها ودمارها، لدرجة أنك تخال أن الهم والغم يستحقان أن تفرد لهما جائزة نوبل أيضاً، فالإنسان يزداد علمه وخبرته في عوالم الاتصالات والفيزياء والرياضيات والكيمياء والتقانة وغيرها، لتجده غارقاً في أطماعه وجشعه وأنانيته بصورة لا تتقاطع ومثاليات الجوائز الهادفة، لذا لا بد من سؤال أصيل: المشكلة في العلم أم في الإنسان؟ لنأخذ مثلاً اليوم الذي سبق الإعلان عن أسماء الفائزين بجائزة نوبل للفيزياء، ولنراجع قائمة أخبار البشر في ذاك اليوم، ستجد أن البشرية ما زالت أسيرة الحروب والتوسع والسيطرة، هي البشرية ذاتها التي لطالما تحدثت عن غزو الفضاء والسياحة الكونية، واكتشاف المجهول، وتحقيق تقدم في أجيال الاتصالات، وازدهار الإنترنت والحوسبة السحبية والذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، وقائمة لا تنتهي من سمات عصرنا هذا! بشرية تحرك الدبابات والطائرات والمدفعية والغواصات والصواريخ وصنوف السلاح لتطلق العنان لأحقادها وطمعها وجشعها، ولينتحر على أقدامها الأمل وجمالية إنتاجاتها المعرفية السامية. عصر لا يوظف فيه العلم والرقي لخدمة البشر بكل أسف، بل لما فيه سوء الإنسان وتقهقره وتعاظم همه وكربه. معقول أن تجد في أوج إنجازاتك العلمية من يدافع عن احتلال أهوج، فيشرعن جرائمه، ويبارك طمعه، ويتغنى بنزواته، بل يصف حقده بالدفاع عن النفس، فيبرر غطرسته وغيّه؟ بل يحاول وفي غمرة مبرراته تلك أن يجرّعنا مرارات النكبة والنكسة، ويقفز ليصف دولة هذا المحتل الأهوج بأنها الديمقراطية الوحيدة في العالم العربي؟ معقول بعد أعوام من وباء كورونا وآثاره الساحقة الماحقة، نجد أنفسنا أمام حروب وكوارث ونزاعات ومعارك، تقتل ما تبقى من حياة الناس وآمالها؟ إن جائزة نوبل «للهم والغم» باتت مستحقة، لأن البشرية وإن أحسنت الإنجاز العلمي فإنها حتماً ضليعة في إساءة التوظيف! ولأن الإنسان في تقدمه المعرفي إنما هو ضحية طمعه الدائم وحرصه على توظيف ما راكمته البشرية لضرر البشرية نفسها وفنائها ! يذكرنا القرآن الكريم بقول الخالق جل جلاله: وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً؟ في دلالة على قلة ما يعرفه الإنسان مهما تعاظمت معرفته وازداد علمه، فماذا لو أوتي من العلم كثيره، كيف سيكون حال البشرية خاصة أمام هول المطامع والمغارم؟!!
|