|
لنعبر النهر يا «حودة»
نشر بتاريخ: 29/10/2022 ( آخر تحديث: 29/10/2022 الساعة: 14:05 )
«فَأَخَذْتُ إِبْرَاهِيمَ أَبَاكُمْ مِنْ عَبْرِ النَّهْرِ وَسِرْتُ بِهِ فِي كُلِّ أَرْضِ كَنْعَانَ، وَأَكْثَرْتُ نَسْلَهُ وَأَعْطَيْتُهُ إِسْحَاقَ» متشابهات هنّ حد التطابق بابتسامتهن وعبسة وجوههن. متشابهون هم بثقل خطواتهم وتحياتهم العسكرية وشارات النصر المرفوعة. كيف سكن الصبر نفوسهم وحلت الطمأنينة الغاضبة بدل البكاء الصارخ؟ هنا نصدق أمهات الشهداء وآباءهم، أم نستمع لمحمود درويش في «حالة حصار»: مقاتلون. فدائيون. متشابهون أكثر في تربيتهم وفعلهم وزيهم الأسود وتسريحات شعرهم ولحاهم غير المكتملة. ضحكاتهم طفولية عفوية. كلماتهم تتكامل مثل أحجية في كلمات متقاطعة. سجائرهم مثل أعمارهم: قصيرة ومشتعلة دائماً. وشمهم يختزن طموحهم. عيونهم عميقة لامعة ترى ما لا يراه أحد. جنازاتهم جرارة بقدر فعلهم ومحبتهم. بنادقهم حزينة كجواد فقد فارسه. شباب ضحوا كي لا يترك أحد البارودة كما أوصى إبراهيم النابلسي، أو بهدف أن «مئات من الشباب ليحملوا البندقية من بعدي» كما كتب عدي التميمي. هذا العدي فيلسوف، فيضيف: «عمليتي كانت نقطة في بحر النضال الهادر». لم يجتزئ نفسه عن مشوار طويل ووجع مستمر. أراد أن يكون نقطة في بحر، ما هذا التوصيف؟ فبدل التفخيم وإصدار الأوامر، ويحق له ذلك، اختار أن يكون نقطة وفقط. هذه هي النقطة المضيئة في ذاك النفق. ■ ■ ■ محمود بنا، كان فرداً في مجموعة تمثّل آمال شعب. اختار الانسحاب أو الاستراحة لأيام. أراد حماية نفسه وهذا حق، فالجميع يريد شبابنا أحياء ونحبهم أحياء يتابعون مباريات «كأس العالم» مثل جميع شباب الأرض. لكنك يا «حودة» أنت أمل لجيل. تريد أن تكون ملك نفسك، وألا تدمع والدتك وتصبح ثكلى تحمل صورتك. خضعت للضغوط النفسية والأمنية، وأي إنسان إذا دخل في تسويات على المستوى النفسي سيبحث عن مبررات. أنت لا تحتاج لتبرير كي تعود للقطيع المستكين. لكنك ستفقد توقّد ذهنك حين ترى صورة صديقك الشهيد. سيأتيك في المنام وديع، استقبله بالبكاء وأجب عن أسئلة كثيرة أنت تعرفها وربما لم تجد إجاباتها حتى الآن. |