|
حكومة الكيان الجديدة تحديات ومألآت
نشر بتاريخ: 04/11/2022 ( آخر تحديث: 04/11/2022 الساعة: 12:23 )
انتهت الإنتخابات التبكيرية الخامسة في دولة الكيان في اقل من اربع سنوات بفوز اليمين واليمين المتطرف وقوى الفاشية الدينية في هذه الإنتخابات،هذا الفوز ليس بالمفاجئ او غير المتوقع، في ظل دولة تعج بالعنصرية والتطرف ،وهذا الفوز أتى وياتي في ظل سياق متواصل وليس قفزة في الهواء والمجهول، او معاندة للحقائق والواقع. فقد بات من الواضح انه من بعد الإنقلاب السياسي الأول الذي حدث في دولة الكيان عام 1977،عندما صعد الليكود للحكم بزعامة مناحيم بيغن، كبديل عن حزب العمل الذي أسس هذه الدولة، بان هذا الحزب في طريقه للأفول والتراجع،حيث حصل على اربعة مقاعد وكان على حافة السقوط، واستمر ما يعرف باليسار الإسرائيلي ويسار الوسط منذ تلك الفترة بالتراجع لصالح قوى اليمين، أخذاً في التفكك والتفتت والذهاب نحو الإندثار ،لكي نشهد في عام 1996 الإنزيحات الواسعة في المجتمع الصهيوني نحو اليمين والتطرف.. ولكن تلك الإنزياحات لم تنقل المجتمع الصهيوني نحو الصهيونية الدينية،وبقيت على هامش المشروع الصهيوني،ولكن من بعد ذلك وخاصة في الفترة التي سيطر فيها نتنياهو على مقاليد الحكم في دولة الكيان من عام 2009 -2021 ، تسارعت انزيحات المجتمع الصهيوني الذي أصبح يشهد المزيد من العنصرية والتطرف نحو الصهيونية الدينية،ولكي تنقل هذه الصهيونية الدينية من هوامش المشروع الصهيوني الى قلبه ...وهذا سيكون له أثاره وتداعياته على شكل الكيان،وطبيعة الصراع معه وجوهره. تعودنا في عالمنا العربي، بأن هناك من يسمون انفسهم بادعياء الواقعية السياسية من دول النظام الرسمي العربي المنهار ومعهم اطرف في السلطة الفلسطينية،يجندون كل طاقاتهم وإمكانياتهم مادية وسياسية واعلامية ودبلوماسية لبث حملة من الترويع والتخويف بين صفوف شعبنا الفلسطيني وأمتنا العربي، بأن قدوم اليمين الصهيوني للحكم،يعني المزيد من القمع والتنكيل وسياسات الطرد والتهجير والإقتلاع والتطهير العرقي بحق شعبنا الفلسطيني، مترافقة مع تكثيف الإستيطان والضم لأجزاء كبيرة من الضفة الغربية،ولذلك كان الشعار المرفوع عندما جرت الإنتخابات التبكيرية الرابعة لدولة الكيان،منع نتنياهو من العودة للحكم، وتجند لذلك النظام الرسمي العربي المنهار وقيادة السلطة والعديد من الأحزاب العربية التي خاضت تلك الإنتخابات منها القائمة العربية الموحدة والقائمة العربية للتغيير والجبهة الديمقراطية للسلام وامتنع التجمع عن التوصية،بتشكيل الحكومة من قبل ما عرف بحكومة" التغيير". اليوم مع نجاح نتنياهو وتحالف الصهيونية الدينية، نسمع نفس المعزوفة وعلى نحو اشد وأقوى، في تمرين و"تطويع" للعقل العربي، بأن هذا اليمين والفاشية الدينية، سيوغلون في الدم الفلسطيني،وسيمارسون الطرد والتهجير والإقتلاع والتهجير العرقي وسن القوانين العنصرية،وكأن الحكومة القائمة او الحكومات السابقة لدولة الكيان "حمائم سلام"،وما نشاهده من اجرام تقوم به حكومة "حمائم السلام" الحالية، نقتنع بأن الفرق بين كل تلك الحكومات،وأياً كانت ائتلافاتها الحزبية السياسية ومكوناتها، فهي حكومات معادية لشعبنا الفلسطيني ولحقوقه المشروعة،وهي متفقة في المضمون ولكنها مختلفة في الإخراج والشكل، لا حقوق سياسية ووطنية للشعب الفلسطيني،ولا دولة فلسطينية بين النهر والبحر،والحل حكم ذاتي او بلدي موسع ضمن ما يعرف بالسلام الإقتصادي. ولذلك الفرق بين حكم نتنياهو الذي امتد لمدة اثني عشر عاماً متواصلة،وحكومة لبيد - غانتس المغادرة،فقط لجهة حجم العدوانية و"التغول" و" التوحش" ومحدودية الخيارات وضيق هوامش المناورة. نعم نتنياهو اتى الى الحكم في دولة باتت تعاني من ازمة سياسية عميقة،وتراجع مناعة المجتمع لدولة الكيان،فالوضع الداخلي لدولة الكيان يعيش حالة عدم الإستقرار،حيث تسيطر المافيات والجريمة المنظمة والفساد وترخي القضاء،وستجد أي حكومة غير قوية وغير مستقرة نفسها عاجزة عن مواجهة هذه التحديات،وكذلك هناك أزمة خيارات تنتصب أمام حكومة نتنياهو الجديدة مع الفاشية الدينية،فنتنياهو الذي واصل طوال فترة حكمه التهديد بشن الحروب،اعجز عن شن أي حرب،يدرك هو أنه لن ينتصر فيها، وكذلك يعجز عن السير في مشروع سياسي غير قادر على كلفته،فهو سيكلفه انهيار وسقوط حكومته. نتنياهو سيواجه تحديات في تشكيلة وتركيبة حكومة التي يتشارك معه فيها،قوى الصهيونية الدينية التي اصبحت الكتلة الثالثة في دولة الكيان،وهي قادرة على فرض شروطها على نتنياهو، وأنا أعتقد أن نتنياهو ،لكي يواجه مطالب هذه الجماعات الدينية المتطرفة،قد يلجأ لحكومة يمين واسعة يضم اليها جزء من المعسكر الوطني،حزب غانتس "ازرق وابيض" لأن تسليمه بتولي بن غفير او سموتريتش لوزارات سيادية، حقيبتي الأمن والأمن الداخلي كليهما او واحدة منهما،هي وصفة لحروب داخلية وخارجية،فداخلياً المؤسستين الأمنية والعسكرية سترفضان ذلك،وخارجياً أمريكا واوروبا الغربية، في ظل الحرب المستعرة مع روسيا والصين وايران سترفضان ذلك. وعلى فرضية ان نتنياهو نجح في حل هذه المعضلة بأي طريقة، فنحن ندرك بأن انصار هذه الدينية الفاشية من الزعران المستوطنين، سيكثفون من هجماتهم على شعبنا الفلسطيني في القدس والضفة الغربية والداخل الفلسطيني، وبالتالي ستتوحد الساحات من جديد،وسيصبح الإشتباك والمواجهات و المقاومة الظاهرة الطاغية على العلاقة بين شعبنا والمحتل، في الشارع والسوق والجامعة والمطعم والمقهى وعلى الطرقات ...الخ. توسع بقعة الدم، وازدياد حالة "التوحش" و"التغول" من قبل تلك الجماعات على شعبنا الفلسطيني،طرد وتهجير واقتلاع وتطهير عرقي ،واستيطان متصاعد،وعدوان على الأقصى لفرض القدسية والحياة اليهودية فيه،وتكريس التقسيمين الزماني والمكاني،سيفشل أي مسعى سياسي لمنع الإنجرار لحرب مع قطاع غزة او حزب الله اللبناني، لأن الجماهير وقوى ا لمقاومة الفلسطينية سترد على تلك الجرائم وستصعد من اعمال مقاومتها بالتشارك مع الداخل الفلسطيني- 48- . اندلاع مواجهة كبرى مع قطاع غزة أو على اكثر من جبهة ، لا أعتقد بأن تلك المواجهة ستكون، كما كانت عليه معركة "سيف القدس" أيار 2021 ،فالتطرف والعنصرية والفاشية الصهيونية،سيقابلها توسع نطاق ومستوى عمليات المقاومة في الأراضي الفلسطينية المحتلة عامي 1967، لكن ستكون هذه المعركة بداية احتضار دولة الكيان،والعجز عن تحمل أعباء خوض حرب جديدة،كما عجز لعقود طويلة عن اشهار مشروع سياسي تفاوضي، اضاعت القيادات الفلسطينية فيه الكثير من الوقت،متوهمة بوجود مثل هذا المشروع السياسي،ليتمخض الجبل عن " فئير" وليس فأراُ. نتنياهو العائد ومعه الفاشية العنصرية، علامتان من علامات بدء وقرب انهيار المشروع الصهيوني على أرض فلسطين، فالأول عائد كعلامة إفلاس الكيان وعجزه عن إنتاج نخب قيادية، فيتحمل تبعات المجيء بقائد سابق فاشل يحاكم بتهم الفساد، ولا يملك خيارات يقدّمها للجمهور حول كيفية الخروج من المأزق،وصعود الفاشية العنصرية المكارثية والداعشية ليس إلا الوصفة الأقرب الى الانفجار للكيان. |