وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

عودة الشيطان

نشر بتاريخ: 06/11/2022 ( آخر تحديث: 06/11/2022 الساعة: 13:34 )
عودة الشيطان

واخيرا ذاب الثلج الانتخابي في دولة الاحتلال وظهر المرج ليكشف عن مسرحية سخيفة في تبادل الادوار في الحكم في اسرائيل القوة القائمة بالاحتلال بين اليمين المتطرف واليمين العنصري ليعود اليمين المتطرف ولكن باكثر فاشية للحكم بعد اجازة لم تدم طويلا حل فيها مكانه اليمين العنصري ، حاول من خلالها هذا الاخير غسل ما يمكن مما علق بدولة "الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط " من اوساخ ابان فترة حكم النتن ياهو وهي الاطول في تاريخ الحكومات الصهيونية ولكن دون المساس بجوهر اسرائيل ككيان فصل عنصري.

وصول النتن ياهو الى سدة الحكم كان من خلال بوابة افشال اتفاق اوسلو وهو ما خطط له ونشره في كتابه مكان تحت الشمس سنة 1993 حيث كان الكتاب بمثابة برنامجه الانتخابي الذي بسببه تم اغتيال رابين الاب الروحي للاتفاق وفي نفس الوقت مهد للنتن ياهو الطريق للوصول الى رئاسة الحكومة في انتخابات سنة 1996.

النتن ياهو اقر في معرض حملته الانتخابية الاخيرة بانه وكما افشل اتفاق اوسلو فانه سوف يفشل اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع لبنان في حال نجاحه في انتخابات الاول من نوفمبر وقد اعلن عن ذلك كدعاية انتخابية بعد ان تأكد بان بذور التطرف التي زرعها في الشارع الانتخابي الاسرائيلي بين سطور كتابه المذكور اصبحت تثمر تطرف وكراهية في دولة الاحتلال كما اراد لها هو ومعلمه شامير وليس ادل على ذلك هو عودته لسدة الجكم واختفاء حزب ميرتس من المسرح السياسي وهو الذي تاسس سنة 1992 لمسانندة حزب العمل في مشروع السلام وكان على وشك ان يليه في هذه الانتحابات اختفاء حزب العمل الذي يبدو انه تجاوز فيها نسبة الحسم بالضالين بالرغم من ان هذا الحزب كان قد انقذ الكيان الصهيوني من الفناء بتوقيعه على اتفاق البقاء لهذا الكيان مع اصحاب الارض (الفلسطينيون).

النتن ياهو يعود بالرغم من سجله الشيطاني وادانته باربع جرائم فساد وهو ما يعني ان الديمقراطية التي اعادته هي ديمقراطية شياطين وبامتياز كونها لا تعيد للحكم غير القتلة واعداء السلام الذين يعملون على استمرار الصراع من خلال ادارته وليس حله وشطب اي امكانية لاي تفاوض مثمر وفي ذلك رسالة للقيادة الفلسطينية بان اي محاولة لاعادة التفاوض مع هذا النتن ستكون اطالة في عمر الصراع ومضيعة للوقت الذي سيكون لصالح النتن ياهو يستثمره في سرقة ما تبقى من الارض الفلسطينية لصالح الاستيطان وتقوية جيش الذئاب البشرية من المستوطنين بقيادة المستوطن الارهابي الفاشي بن غفير.

في سياق اخر قد يكون متصل لا بد من التذكير بتقرير لجنة التحقيق التابعة للامم المتحدة التي تم تكليفها منذ اكثر من سنة من قبل لجنة حقوق الانسان التابعة للامم المتحدة وانهت تحقيقها بتقرير مكون من 28 صفحة مفاده عدم قانونية الاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية بحسب القانون الدولي ومطالبة اللجنة براي استشاري عاجل من محكمة العدل الدولية حول التبعات القانونية لرفض اسرائيل المستمر بانهاء الاحتلال اضافة الى ما اعلنته اللجنة ان ممارسات اسرائيل ممكن اعتبارها جريمة حرب بحسب القانون الدولي .

وعلى الرغم من ان هذا التقرير لم ياتي بجديد الا انه يعتبر تاكيد على ما تم توثيقه سابقا في تقارير مشابهة عديدة وعلى راسها تقرير غولدستون اضافة الى ما ورد ايضا في الراي الاستشاري لنفس المحكمة المذكورة في سنة 2004 بخصوص الجدار والاستيطان ومع ذلك ما زالت جرائم دولة الفصل العنصري تزداد حدة وبشاعة وذلك يعود لسبب نوهت له رئيسة لجنة التحقيق نافي بيلاي "نتيجة تجاهل القانون الدولي في انشاء المستوطنات او تسهيل انشائها ونقل المدنيين الاسرائيليين بشكل مباشر او غير مباشر الى هذه المستوطنات مهدت الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة على الارض لضملن السيطرة الاسرائيلية الدائمة على الضفة الغربية ".

سبب التطرق لهذا التقرير يعود لكونه يعتبر وثيقة اممية تضاف الى العديد من مثيلاتها كما اسلفت ولكن للاسف دون اي جدوى وذلك بسبب عجز المنظمة الاممية واختطافها من قبل دولة الفيتو الامريكي، الحليف الاستراتيجي للكيان الصهيوني ومع ذلك فهذه الوثائق تضع اسرائيل القوة القائمة بالاحتلال في المواجهة المباشرة مع المنظمة الاممية التي وبالرغم من عجزها الا انها تبقى المنظمة الحاضنة للقانون الدولي والدولي الانساني بمعنى ان افلات اسرائيل هذه المرة ايضا من اي عقاب دولي كما عودتنا في مرات سابقة وذلك بالرغم من كل الموبقات التي ترتكبها بحق الفلسطينيين وجيرانهم يعني ان تصبح اسرائيل سياسيا كيان فوق القانون واجتماعيا تصبح كيان عنصري متطرف وبامتياز بدليل عودة الشيطان النتن ياهو الى سدة الحكم ليس وحده هذه المرة ولكن معه زعماء الفاشية الصهيونية من امثال بن غفير وسموتريتتش.

في خضم كل هذا التطرف الصهيوني المتفاقم و المهدد لاستقرار المنطقة وما يعنيه ذلك من تهديد للامن والسلم والدوليين دون اي ردة فعل عقاب دولية يحضرني بعض من اقتباسات للراباي ابراهام هيتشل "بان اللامبلاة تجاه الشيطان هو اسوأ من الشيطان نفسه " ويضيف بالقول "في اي مجتمع ديمقراطي وجود قلة مذنبة يجعل من الجميع مسؤول".

هذا الاقتباسات للراباي هيتشل وبكل ما تحمله من قيم انسانية اذكرها كونها تلقي الضوء اكثر على حقيقة ما يجري للفلسطينيين تحت الاحتلال الصهيوني بمعنى ان الكل اليهودي وبدون استثناء هو المسؤول عن ممارسات الطغمة الحاكمة في اسرائيل من فصل عنصري وتطهير عرقي بحق الشعب الفلسطيني لانها تُمارَس باسم اليهود في مجتمع يزعمون بانه ديمقراطي وفي نفس الوقت تعني بان عدم المبالين في عالم التبعية لامريكا تجاه الشيطان الصهيوني هم اسوأ من الشيطان نفسه .

ما سبق يشجعني على القول بان عودة النتن ياهو هي في الحقيقة عودة شيطانية الى ارض الانبياء لانها ببساطة تعني تبخر اي امكانية للتفاوض من اجل السلام اواي امكانية للتعايش بكرامة بين الفلسطينيين واليهود على ارض فلسطين التاريخية وذلك لاعترافه وبكل وقاحة بقتله للسلام بافشاله لاتفاق اوسلو ويلحق به كل من له علاقة بهذا الاتفاق كما اسلفت علما بان اوسلو كاتفاق كان قد خلق فرصة غير مسبوقة لامكانية هذا التعايش وممر وحيد توفر في تسعينات القرن الماضي لتجسيد حل الدولتين.

من الناحية الاخرى وازاء كل ما ذكرناه ازعم بانه لم يتبقى امام الضحايا من اصحاب الارض الاصليين "الفلسطينيون" غير انفسهم ولم يعد امامهم ومن اجل تحقيق الحلم غير الابداع في اختراع ادوات موجعة للاحتلال وبالقدر الذي تجبره على الرحيل بعد ان اصبح واضحا وضوح الشمس بان هذا الاحتلال الفاشي لن يرحل طواعية وانما بحرق الارض تحت اقدامه مع التاكيد على ان اي محاولة فلسطينية ومهما كانت موجعة للمحتل لن تثمر دون انهاء الانقسام ولم الشمل الفلسطيني لانها ستكون مجرد تمزيق لاوراق القوة التي نملكها والتي هي ممزقة اصلا بسبب الانقسام .