|
حسن سلامة... أحسن الهدف، ولم يستسلم!!*
نشر بتاريخ: 16/11/2022 ( آخر تحديث: 16/11/2022 الساعة: 18:18 )
مثلما من الله على المسلمين بالحسن والحسين سبطي رسول الله وريحانتاه، فإنه من، كذلك على الفلسطينيين بالحسنيين: حسن سلامة الذي كان من أبرز قادة ثورة العام 1936، ومساعد قائد الثورة ومفجرها عز الدين القسام، وحسن سلامة؛ ذلك الشاب الغزي الذي كان وفياً لرفيقي دربه الضيف والعياش. نعم لقد كان وفياً نادراً ومخلصاً بامتياز عبر ما خطط له ونفذه من عمليات "الثأر المقدس" فداءً لروح المهندس الأول. حسن الأول ذهب إلى ربه شهيداً على أيدي المجرم البريطاني، بينما حسننا فلا يزال يعارك ذيول ذلك المستعمر متمثلاً بأبشع احتلال عرفته البشرية. إن حسن سلامة الذي جال غزة هاشم وجاب الضفة مطارداً ومطارداً... ثائراً ومنتقماً لم يخشى الموت، وكيف له أن يخشاه وهو الذي كان فيه؟ حسن سلامه طاف ضفتنا ليس هروباً من نار غزة بل تجميعاً لماءٍ يُطفي به لهيب وجع أُم العياش وآلاف الأمهات اللواتي فقدن الأعزاء وهم في ريعان شبابهم على أيدي جنود الدولة الهشة واللقيطة. لم يكن حسن سلامة يخاف السجن وسجانيه!! كيف له أن يخشى السجن وقد كان في أوار النار والأحزمة الناسفة؟ كيف له أن يُرعب من السجان وهو الذي كال له من السخرية ما يذيب بها قسوة العتمة، وبرودة العيش، وأنياب السلوك المتوحشة. البعض منا من يصيبه الخبل والجنون إذا عزل مدة أربعة عشرة يوماً، فكيف إذا ما تم عزله طيلة أربعة عشرة سنة؛ يتعرض خلالها إلى كافة صنوف التعذيب والترهيب والتوحش؟ لقد كان صبر وصمود " أبو علي" تعبيراً عن صمود شعبه الذي يواجه عالمٌ مترعٌ بالظلم والجبروت. لقد كان حسن سلامة مُدركاً أن " مقابر الأحياء"، ما هي إلا اختبارٌ لا بد أن ينتصر فيه، وحياة يجب أن تتجدد بالأمل والصمود ولو بين أنياب القتلة، وحريةٌ حتى ولو كانت بين جدرانٌ لا يستطيع الجسد التمدد بينها، أو يقوى الرأس على امتلاك رحابة مد اليد لملامستها. لقد قرأنا مذكرات حسن سلامة (عمليات الثأر المقدس) فوجدنا فيها انساناً نذر حياته للإسلام وأمته، ورجلاً صالحاً ضحى بعمره دفاعاً عن فلسطين وشعبها. ومثلما واصل سلامه مقارعة السجان وتعسفه، فقد واصل، كذلك، سرد حكاياته المتجمرة بنارٍ تلذع كل ظالم ومتغطرس؛ بحيث أخرج لنا من عتمة زنازينه مداد حبره المغسول بشعاع التحدي والمواجهة؛ لنجد أمامنا سيرة الكفاح والصبر والانتصار متجسدة في مذكراته الموسومة بـ (خمسة آلاف يوم في عالم البرزخ). إنها سيرة نجد فيها انساناً متصالحاً مع ذاته... رجلٌ لم يندم أو يشكو... رجلٌ تعب لكنه لم يستسلم... بكى لكنه بكاء الحنين لأُمٍ ولوطن... إن حسن سلامه، رغم ما عاناه من ويلات ومصائب في سجنه، إلا أنه كان انساناً عظيماً يداوي لوثة مجنون، ويواسي رفيق أصابه الفقدان بعزيزٍ ومحب. في نص القائد " أبو علي" نبكي لوجعه ونفرح لصموده.. سيبقى سلامة بيننا وفينا ومنا.. سيبقى أمله مورقاً بالحرية، ومثمراً بزواجٍ ستتحدث عنه الألسنة الطيبة، وتتناسل حكاياته الذاكرة الخالدة... فخورون بحسننا كما أننا فخورون بغفراننا... النص أُلقي على هامش احتفال، عُقد في بلدية البيرة، حول اشهار كتاب الأسير حسن سلامة والمعنون بـ" خمسة آلاف يوم في عالم البرزخ". |