ما علاقة «مونديال فلسطين» والتهديدات بضرب لبنان والمُناورات مع غزة؟!
نشر بتاريخ: 12/12/2022 ( آخر تحديث: 12/12/2022 الساعة: 10:03 )
أخفق الرئيس المُكلف بتشكيل حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حتى الآن بالتأليف، على الرغم من مُضي شهرٍ على تفويضه من رئيس الكيان الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ بذلك، بتسمية 64 نائباً له في «الكنيست»، يُشكّلون أكثرية اليمين المُتطرف، من أصل 120.
استنفذ نتنياهو الأيام الثمانية والعشرين، التي تُمنح لرئيس لتشكيل الحكومة، حيث انتهت أمس (الأحد)، ونال 10 أيام إضافية، تنتهي يوم الأربعاء في 21 الجاري، علماً بأن العادة جرت بأن تكون الفترة الإضافية 14 يوماً، وإلا يتم إجراء استشاراتٍ لتسمية رئيسٍ جديد لتشكيل الحكومة.
أسباب فشل نتنياهو بالتأليف إلى الآن، يعود لخُضوعه إلى ابتزازٍ قاسٍ من حُلفائه في اليمين الأكثر تطرُفاً، من «الفاشيين» و«الحريديم»، والتي لم يقتصر فقط على رئيس حزب «القوة اليهودية» إيتمار بن غفير، بل حليفه رئيس حزب «الصهيونية الدينية» بتسلئيل سموتريتش، اللذين فازا بـ14 مقعداً، وأيضاً رئيس حزب «شاس» أرييه درعي، الذي فاز بـ11 مقعداً، فضلاً عن «المتمردين» ضده في «الليكود».
يُدرك نتنياهو أن فُرصته هي البقاء برئاسة الحكومة، وإلا فإن ذلك يعني نهاية حياته السياسية، وإن لم يكُن الذهاب إلى السجن بتُهم الفساد والخيانة والاحتيال بالقضايا التي يُحاكم فيها.
لذلك، يُتوقع أن تكون الحكومة الجديدة الأكثر عدداً بين الحكومات السابقة، ليفوق عدد أعضائها 30، مع نواب للوزراء، ما يرفع من الكلفة المالية لذلك.
الثابت الوحيد الذي لا يلتقي عليه أقطاب اليمين المُتطرف فقط، بل يتسابقون إلى مُراكمة المُكتسبات، هو بارتكاب الاعتداءات والمجاز والعُدوان المُتواصل ضد أبناء الشعب الفلسطيني، الذي يزفُّ يومياً الشُهداء على مدار الساعة، في مُقاومةٍ شعبية يُقدّم خلالها القرابين، دفاعاً عن الأرض والحق الفلسطيني، حيث يتجلى ذلك في مُختلف مناطق مدن وبلدات وقُرى ومُخيمات القدس والضفة الغربية.
هذا مع تأكيد رئيس دولة فلسطين محمود عباس، التمسُك بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وفق قرارات الشرعية الدولية، واستمرار مُواجهة الاحتلال في الميادين الدُبلوماسية والسياسية، كما في الميدان، وليس آخرها التوجُه إلى «محكمة العدل الدولية» في لاهاي، لنيل فتوى بتوصيف الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المُحتلة، وفق ما أقرّته اللجنة الرابعة في الجمعية العامة للأُمم المُتحدة.
اضطُرَ نتنياهو الخُضوع إلى ابتزاز حُلفائه، حيث اتفق مع بن غفير على تولي مهام وزير الأمن الداخلي، على الرغم من أنه أُدين مراراً بالتحريض على القتل والانتساب إلى تنظيم إرهابي، مع إضافة صلاحيات له بشأن الشرطة، وأيضاً حرس الحدود، الذي كان يتبع وزارة الدفاع.
ومُنح سموتريتش، المعروف بمواقفه الإرهابية والتحريض على قتل الفلسطينيين وترحيلهم، وزارة المالية، وأيضاً الإدارة المدنية التي كانت تتبع وزير جيش الاحتلال، المسؤولة عن إعطاء التصاريح للبناء في الضفة الغربية، ما يعني مزيداً من عمليات هدم منازل الفلسطينيين.
كذلك، بناء شبكات مياه للبؤر الاستيطانية، غير المُرخصة في الضفة الغربية.
ومُنح درعي وزارة الداخلية والصحة، خلال النصف الأول من ولاية الحكومة، على أن يتولى وزارة المالية في النصف الثاني.
ويسعى نتنياهو إلى سن قوانين تشريعية قبل إعلان الحكومة، منها تعديل قانون أساس الحكومة، ما يُتيح إلى درعي التمكُن من تولي حقيبة في الحكومة، بعد مُحاكمته مرتين بتُهم فساد.
لا يقتصر ابتزاز الذي يتعرض له نتنياهو على حلفائه في الكتل، بل داخل حزب «الليكود»، حيث جوبهت مُحاولاته بتعيين السفير الإسرائيلي السابق لدى الولايات المُتحدة الأميركية رون ديرمر وزيراً للخارجية، باعتراض من مجموعة «المُتمردين» في «الليكود» ضده، فحاول استرضائهم بأن يُعيّن في العامين الأولين من الحكومة عضوٌ من «الليكود»، وزيراً للخارجية، يُرجح أن يكون يسرائيل كاتس، على أن يُعين ديرمر وزيراً للخارجية في النصف الثاني.
وأن يتم ترشيح أحد قادة «المُتمردين» دودي أمسالم لرئاسة «الكنيست».
الواضح أن الحكومة اليمينية الجديدة، ستُنفذ المزيد من عمليات الهدم ضد منازل الفلسطينيين، وأيضاً العمل على التقسيم الزماني والمكاني للأماكن المُقدسة، خاصة في المسجد الأقصى المُبارك، مع حماية المُستوطنين، في اقتحاماتهم التي أصبحت ترتفع وتيرتها، خاصة أن بن غفير كان سابقاً يقود ذلك، فكيف وبه الحال قد أصبح وزيراً مُؤثراً في الحكومة؟
كذلك، من مُخططات الحكومة هي «ترانسفير» للفلسطينيين من الأراضي المُحتلة مُنذ العام 1948، في ظل تنامي عددهم والخشية من تأثيرهم لاحقاً.
في غُضون ذلك، فإن أجهزة المُخابرات الإسرائيلية، حذّرت من خُطورة ما يجري في الضفة الغربية، والخشية من أن يُؤدي ارتفاع وتيرة الانتهاكات والاعتداءات، إلى فُقدان السيطرة على الضفة، نظراً إلى دُخول عُنصر الشباب في المُواجهات.
من جهتها، الإدارة الأميركية التي كانت قد أعلنت سابقاً أنها ضد تولي بن غفير أو سموتريتش أي حقائب وزارية، عادت إلى الحديث أن التعامُل مع الحكومة سيكون وفق سياستها، وليس استناداً إلى الأشخاص المُشاركين فيها.
لا شك، أن الحكومة اليمينية المُتطرفة، التي يُتوقع أن تُبصر النور خلال الأيام المُقبلة، لديها مصالحٌ مُشتركة، تتركزُ بشكلٍ أساسي ضد أصحاب الأرض الحقيقيين، الذين يستعدون للاحتفال بأعياد الميلاد المجيدة، وهم يُنشدون تحقيق السلام، الذي انطلق من مهد السيد المسيح (ع)، برسالة إلى العالم أجمع.
لقد بات واضحاً أن عدالة القضية الفلسطينية، أصبحت أكثر حضوراً على المُستوى العالمي، وليس أدلّ على ذلك «كأس العالم 2022» في قطر، الذي يستحق بجدارة لقب «مونديال فلسطين»، فهل يستغل الاحتلال انشغال العالم بهذا الحدث ويُنفذ عدواناً ضد لبنان أو قطاع غزة، في ظل مُحاولة وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال بيني غانتس، الذي سيغادر منصبه بعد أيام قليلة، بتحسين صورته، بدأت فرقة غزة في جيش الاحتلال الإسرائيلي، أمس (الأحد)، مُناورة عسكرية في غلاف قطاع غزة، بهدف رفع الكفاءة والجهوزية لدى قوات الاحتلال.
هذا في وقت، ارتفعت فيها وتيرة التهديدات الإسرائيلية ضد لبنان، باستهداف «مطار رفيق الحريري الدولي» في بيروت، تحت ذريعة نقل أسلحة إيرانية إلى «حزب الله»، عبر رحلات مدنية، وهو ما نفاه لبنان.