وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

صدور القرار ليس نهاية المطاف

نشر بتاريخ: 16/12/2022 ( آخر تحديث: 16/12/2022 الساعة: 15:07 )
صدور القرار ليس نهاية المطاف

نبارك ونهلل ونثمن القرار الذي صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي صوت لمشروعه أمام اللجنة الثانية التابعة لها 159 دولة، والمتعلق بالسيادة الدائمة للشعب الفلسطيني في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، على موارده الطبيعية، والذي بموجبه تؤكد الجمعية العامة على "الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني في موارده الطبيعية، التي تشمل الطاقة والأرض والمياه، أيّ كل ما هو في باطن الأرض من كنوز وما عليها من ثروات، وما في بحرها من كائنات.

فرحنا له كما فرحنا لقرارات كثيرة صدرت قبله تتعلق بالحقوق الفلسطينية بأشكالها المختلفة، ولكن هذه الفرحة لا تتم وتكتمل دون تنفيذ القرار وتغييره لما هو كائن.

بصراحة، ولا أريد أن أقلّل من أهمية مثل هكذا قرارات، ولكن لا أعتقد أنّ هذه المبالغة في الفرحة ضرورية، وإنما يجب أن تكون الخطوة الأولى في رحلتنا الطويلة نحو العمل على إجبار إسرائيل على تنفيذ هذا القرار وغيره من القرارات بصورة جادة وفاعلة.

لا أجد معنى أن يصدر أيّ قرار ويوضع في درج أو على رفوف الأمم المتحدة حتى ينسى ويبطل مفعوله مع الزمن، لننتظر بعدها عقود ونقول نريد إحياء هذا القرار. لا أجد معنى أن يصدر أيّ قرار ومفعوله على الأرض صفر، بل على العكس، فإنّ إسرائيل، وكنوع من التحدي والجكر والاستفزاز، تقوم بتكثيف عملياتها ضد الشعب الفلسطيني لتثبت أنها لم تتأثر بأيّ قرار وكأنه لا يعنيها.

إنّ مطالبة الأمم المتحدة لإسرائيل، كسلطة محتلة، الكف عن سرقة ونهب واستغلال الموارد الطبيعية في الأراضي الفلسطينية غير كاف، وأنا برأيي أنه ليس أكثر من مجرد show of أيّ تفاخر واستعراض، والمنظمة الدولية تعرف في قرارة ذاتها بأنّ دولة الكيان لن تأخذ أيّ مطالبة لها على محمل الجد، وأنها ستماطل وتتذرع وتتهرب من التنفيذ، لذا، كان من الضروري أن يتبع صدور أيّ قرار بحق الفلسطينيين إجراءات تتخذها الأمم المتحدة بحق دولة الاحتلال، في حال لم تنفذ القرار فوراً، حيث أنّ هذا هو السلوك الإسرائيلي المتعارف عليه، بل أنها لن تنفذه أبداً لا فوراً ولا لاحقاً، ولا تخضع لأيّ من التهديدات، سواء تلك الصادرة عن الأمم المتحدة أوغيرها من الجهات، لذلك كان لا بد أن يكون هناك خطة عمل بديلة تنفذ حالاً، بحيث تتضمن خطوات تصعيدية بحق إسرائيل ذات فترات زمنية محدّدة، وفي حال مرور تلك الفترة للخطوة الثانية، على افتراض أنّ الخطوة الأولى كانت عدم التنفيذ الفوري أوعدم إبداء حسن النية للتنفيذ أوعدم إعطاء أيّ ضمانات لذلك، يكون هناك خطوات عملية ضد دولة الاحتلال، كتجميد عضويتها في الأمم المتحدة، مع بيان الخطوات التنفيذية لذلك وما يترتب عليها من تبعات.

إنّ دولة الكيان الصهيوني المتمردة، الخارجة عن القانون، اللّاأبالية، العنصرية، المتغطرسة، لن تتأثر إلّا في حال اتخذت إجراءات يترتب عليها مخاسر سواء كانت سياسية أو قتصادية أو عسكرية أو أمنية، عندها فقط، قد، وأقول قد، تعيد حساباتها من أجل العودة إلى المجتمع الدولي.

ومن جانب آخر، ما فائدة أن يصوّت للقرار جميع الأعضاء دون أن ينفذ، إنّ التصويت عملية تقنياً سهلة تحدث بكبسة زر، ولكن على كل من صوّت من الدول لصالح القرار، أن يثبت أنه معني بالتنفيذ، وهنا يأتي دور الدبلوماسية الفلسطينية الرسمية ودور الأمم المتحدة في جعل تلك الدول المصوتة مع القرار تنخرط في الخطوات التنفيذية التصعيدية ضد إسرائيل، كأن تقطع معها العلاقات وتلغي اتفاقيات التعاون المبرمة معها أو تسهم في أيّ إجراءات تنفيذية وفق خطة العمل الموضوعة، عندها فقط ستشعر إسرائيل بالعزلة، ولن تستطيع مواجهة ولا معاداة عدد كبير من الدول (المصوتة)، ولن تتحمل قطع علاقاتها معها جميعها، الأمر الذي يجبرها على تنفيذ القرار تحت ضغط المجتمع الدولي العملي والفعلي، وليس تحت الضغط الشفوي المتعلق بالمطالبات والتهديدات والتصريحات والخطابات وغيرها من الدوات غير الفاعلة التي تتبعها الدول والمنظمة التي تمثلهم.