|
حكومة نتنياهو السادسة: أقوال تتبعها أفعال
نشر بتاريخ: 06/01/2023 ( آخر تحديث: 06/01/2023 الساعة: 13:02 )
منح الكنيست الإسرائيلي الخميس الماضي، الثقة لحكومة نتنياهو السادسة، المكوّنة من حزب الليكود وأربعة أحزاب دينية يمينية داعمة للتطرّف وللاستيطان. ويشارك فيها غلاة المستوطنين والعنصريين والفاشيين. وعبّرت الحكومة عن نيّتها تعميق الاحتلال وتوسيع الاستيطان وتضييق الخناق على الشعب الفلسطيني في غزّة والقدس والضفة الغربية ومناطق ال 48. وبدأت فعلا في وضع الخطط العملية وفي تنفيذ بعضها، بعد أن حصل حزبا الفاشية الدينية «العظمة اليهودية» و»الصهيونية الدينية» على سلطة شبه مطلقة في مفاصل سلطة مهمّة ووازنة، ما يتيح لهما تنفيذ مشاريعهما بمباركة من نتنياهو، الذي لا يختلف عنهما مبدئيا، والذي يسعى إلى كسب ودّهما للمحافظة على كرسي السلطة، وللإفلات من عقوبة السجن، التي تنتظره في حال أدين بتهم الفساد، التي تجري محاكمته فيها منذ أشهر طويلة. الخطوط العريضة الخطوط العريضة لأي حكومة ليست خطّة عمل للتنفيذ، بل هي بوصلة للسياسات والتوجّهات والمشاريع العملية. وجاءت الجملة الافتتاحية لخطوط الحكومة الإسرائيلية الجديدة، تعبيرا عن تواصل الانزياح نحو التطرف اليميني للمؤسسة الإسرائيلية، وكانت بالنص الحرفي: «للشعب اليهودي حق حصري وغير قابل للنقض في كل مناطق أرض إسرائيل»، وهي صياغة أخرى لما جاء في قانون القومية الإسرائيلي: «أرض إسرائيل هي الوطن التاريخي للشعب اليهودي، وفيها قامت دولة إسرائيل.. وممارسة حق تقرير المصير في الدولة هو حق حصري للشعب اليهودي». أقوال وأفعال يردد نتنياهو ومبعوثوه إلى دول العالم مقولة «حاسبوا الحكومة الإسرائيلية على أفعالها وليس على أقوال وزرائها». ولكن هناك أقوال لها إسقاطات لا تقل عن الأفعال المباشرة، فالحديث عن أن فلسطين بالكامل هي ملك حصري للشعب اليهودي، هو منطلق عدواني يبرر أي عنف ضد الفلسطينيين لأنّهم بمنظور حكومة نتنياهو «يعتدون» على حق الشعب اليهودي ويسعون إلى سلب جزء منه على الأقل. كما أنّه ينسف بالكامل أي إمكانية للتوصل إلى حل سياسي سلمي لقضية فلسطين. فهل هذا مجرد قول؟ وهل التحريض العنصري، الذي تعجّ به حكومة نتنياهو السادسة هي مجرد كلام؟ فقد ذهبت قوانين عدد كبير من الدول إلى تبنّي مبدأ أن العنصرية لا تقع ضمن حرية التعبير، بل هي فعل جنائي يعاقب عليه القانون. لم يمض أسبوع على إقامة الحكومة الإسرائيلية الجديدة، حتى بدأ وزراؤها بتحويل الأقوال الى أفعال، فقد اقتحم وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، المسجد الأقصى ونشر صورا تباهى فيها أنّه «لا يخضع للتهديدات». وقد سبق وصرّح بأنه ينوي العمل من أجل السماح لليهود بالصلاة في باحة المسجد الأقصى، وادّعى بأن منعهم منها هو نوع من «العنصرية». بن غفير اليوم هو المسؤول عن الشرطة ولديه صلاحيات ومشاريع كثيرة بكل ما يخص اقتحام المسجد الأقصى، لكنّه لن يستطيع أن ينفّذ مشاريعه من دون موافقة نتنياهو، الذي يبدو اليوم أضعف من الماضي وأكثر قابلية للخضوع لضغوط اليمين المتطرف منه إلى الاستجابة لرجاء المطبّعين العرب بأن يحفظ لهم ماء الوجه، ولا يقوم بتغييرات مهمة في المسجد الأقصى. التطبيع في خدمة العنصرية أعلن نتنياهو أن أول زياراته إلى الخارج ستكون زيارة لدولة الإمارات، والمحطة التالية بعدها ستكون المشاركة في مؤتمر «دافوس». الهدف من زيارة الإمارات ليس الحصول على شرعية لحكومته من النظام الإماراتي، فهو قد حقّقها عندما قامت سفارة الإمارات في تل أبيب باستقبال الوزير الفاشي إيتمار بن غفير ورحب به السفير وصافحه أمام الكاميرات. الغاية الفعلية هي توجيه رسالة إلى العالم بأن علاقاته العربية على ما يرام وأنها حميمية ودافئة، وعليه فإن دول العالم مطالبة بالترحيب بحكومته، ما دام العرب يرحّبون بها. لم يحدّد بعد موعد رسمي للزيارة، لكن من المؤكّد أنها ستكون قريبة. يسود المجتمع الدولي تخوّف من سياسات وممارسات الحكومة الإسرائيلية الجديدة، نظرا للتاريخ الحافل لوزرائها بالنشاط العنصري المباشر والعنيف. ولمحاصرة ردود الفعل، وللفوز بقبول في المحافل الدولية، يوظّف نتنياهو التطبيع في خدمة العنصرية. وقد دأب في الأسابيع الأخيرة على بث شائعات بأنه يجري مفاوضات جدّية ومتقدمة للتطبيع مع السعودية، وهو يرمي من وراء هذه الشائعات إلى خلق جو عام دولي بأنه «يصنع السلام» مرددا بوقاحة، أن السلام مع السعودية سيمهد الطريق للسلام مع الفلسطينيين، وهذه طريقة ملتوية لذكر سلام مع الفلسطينيين دون حصول ردود فعل حزبية من حلفائه قد تهز كيان حكومته. من الواضح أن نتنياهو هو ثعلب سياسي قديم، وسيناور بين توزيع الابتسامات في العالم، والتكشير عن أنيابه تجاه الشعب الفلسطيني. المطلوب إفساد هذه المناورة والقيام بحملة مضادة لفضح سياسات الدولة الصهيونية القديمة والجديدة، وقد يكون سقوط الأقنعة عاملا مساعدا مهما في هذه الحملة.
|